-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أعياد داعش

عمار يزلي
  • 2409
  • 0
أعياد داعش

أفقت من نومي لأجد نفسي أجري حوارا مع أمير “داعش”! قيل لي أن هذا هو الحوار الأول لأمير “داعش والغبراء” لصحيفة عربية ودولية. هذا السبق الصحفي، جعلني أتحمس لإجراء حوار معمق ومفصل مع الأمير الملثم الذي لم أر تفاصيل وجهه ولا سمح لي بالتصوير، وكل ما فعلوه أنهم قالوا لي أننا نحن من نعطي الأسئلة وأنت تطرحها ونحن نصور وأن تنشر! ماذا أفعل؟ أخلاقيات المهنة لا تسمح لي بذلك (مع ذلك كثير من الصحفيين يفعلون ويقومون بما هو ألعن منها ومن أختها!). وافقت دون تردد، لأني كنت في واقع الأمر “ضيفا” لدى داعش! ومن يعرف داعش، والنصرة، يعرف أنه لم يدعشه أحد بسكين، فلن ينصره أحد من هؤلاء الدعشاء!. لهذا وافقت مبتسما، وبدؤوا يلقنونني أسلوب آداب الحوار مع “أمير المؤمنين”، هذا حتى قبل أن ألتقي به! لأنك لا يمكن أن تلتقي بأمير المؤمنين بالسهولة التي تبدو لك! تلتقي ببن لادن وهو ميت أهون من أن ترى أو تلتقي بالبغدادي!. تعلمت آداب الحديث والسلام والكلام لعدة ساعات، ثم أدخلوه علي: وليس أنا من دخلت عليه! كل هذا، لكي أقف إجلالا له ومطأطئا رأسي بدون كلام ولا تحية شفهية، قبل أن يؤذن لي بالكلام! بدا هو الحوار كما لو كان هو الصحفي وأنا المستجوب!

قال لي أمير المؤمنين: من أين أتيت يا أخ العرب؟ قال له: من بلاد البربر يا أخ البربر! قال لي: أولا زلتم بربرا رغم الفتح الإسلامي المبين؟ قلت له: بلا يا أمير المؤمنين: نحن بربر عربنا الإسلام، فلا فرق بين عربي وبربري عندنا إلا  بالتقوى.. والتقوى اليوم عندنا هي “الشكارة”! قال لي: وما معنى الشكارة هذه؟ قلت له: الكيس يا أمير المؤمنين..!أولا يقول الحديث الشريف أن المؤمن “كيًسٌ” فطن؟..نحن قرأناها “المؤمن كيس قطن”! لهذا صرنا نقيس التقوى بالمال والجاه. قال لي: أنتم أتباع قارون؟ قلت له: لا يا أمير المؤمنين.. نحن أتباع سوناطراك..وربراب! قال لي: ومن ربكم هذا؟ قلت له: إلهنا هو إلهكم، ونبينا هو نبيكم ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله! قال لي: ورب راب هذا من هو؟ قلت له: من أثرياء القوم عندنا ومن أغناهم الله من فضله ومن زادهم بسطة في الأرض! قال لي: أنتم وثنيون وعليكم أن توحدوا الله وتدخلوا الإسلام من جديد على أيدينا نحن الفاتحون الجدد! (فتحت فمي ولم أقل شيئا، وفهمت أني أنا الآخر في تعداد الوثنيين عندهم!..سكت قليلا قبل أن أرد). أعزك الله يا أمير المؤمنين، ولكننا نحن مسلمون منذ 14 قرنا. قال لي: أنتم مرتدون، نكثتم العهد وفرطتم في الدين لصالح الدنيا وعبدة ” الأوطان”. قلت له: لكننا نصلي ونصوم ونحج إذا خرجنا في القرعة، ونزكي إذا كان عندنا ما نزكيه أصلا، ونوحد الله! قال لي: هذا لا يكفي! اتبعتم طريق الكفر والضلال مع الروس والأمريكان، وتركتم ملة أبائكم الأولين من المسلمين الفاتحين زمن الخلافة الراشدة. قلت له: أعزك اله يا أمير المؤمنين، لكن أريد أن أسال بعض الأسئلة “لمجلة الشروق”: قال لي: نحن نسأل وأنت تجيب! لا حاجة لنا بمجلتك ولا صحيفتك، نحن نريد أن نلقى الله وصحفنا منشرة بيضاء بياض الثلج. قلت له في خاطري (باش؟ بالدم؟ ثم سألت معتذرا): عفوا يا أمير المؤمنين..هل صحيح أنكم تريدون بناء خلافة إسلامية على ربوع العالم العربي والإسلامي؟ قال لي: بل على ربوع العالم! قلت له وأنا أخفي ابتسامتي وأبدو فرحا: هل هذا صحيح؟ عما قريب سنقول: دولة إسرائيل الإسلامية؟ الولايات المتحدة المسلمة، روسيا الإسلامية، الصين المسلمة، فرنسا الإسلام، مملكة إسبانيا والدانمارك الإسلاميتين؟.. قال لي: الخلافة الإسلامية العالمية! لن تكون هناك دول، بل ولايات! سيكون لنا والي على الولايات المتحدة الشمالية وواحد على أمريكا الجنوبية ووالي على الهند وآخر على الصين وأخر على أوروبا وآخر على إفريقيا! سيكون العالم تحت رايتنا راية “الدولة الإسلامية”، لم نعد نسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” بل الدولة الإسلامية العالمية. قلت له: من فمك لربي! لكن كيف؟ قال لي: بالتضحيات والقرابين: سوف نرعب أمريكا وأوربا وروسيا حتى يجبروا على الخضوع والخنوع والدخول تحت طاعتنا وإعلان البيعة لنا. قلت له: كيف ذلك؟ بأي سلاح، وهم أقوى نوويا وعتادا وعدة واقتصادا وبشرا؟ لماذا لا تبدؤون بإسرائيل مثلا؟ الناس سيدعمونكم لو حررتم فلسطين المحتلة وقمتم بعملية واحدة ضد إسرائيل! قال لي: إسرائيل ليست عدوتنا رقم واحد: العدو، هو عدو النفس! عدونا هو الشيطان الذي في داخلنا، لهذا فالأعداء هم المنافقون من بني أمتنا، الذي يدعون الإسلام والإسلام منهم براء (قلت له في خاطري: بل أنتم هم من هم من الإسلام براء براءة الذئب من دم يوسف!)..! هؤلاء هم من تجب محاربتهم في العراق والشام والجزيرة وفي كل مكان..قلت له: حتى في الجزائر؟ قال لي: وهل تعتقدون أنكم في الجزائر أحفاد رسول الله؟.. بل أنتم من صدق فيهم قوله سبحانه وتعالى “من شر ما خلق” قلت له: ما تطيحش، كريتين أسبيس ذا غيول”..(ثم خفت ..ورحت ابتسم وأغير من إجابتي)..عفوا، كنت أقول بالبربرية الفرنسية أن هذا صحيح..وأنك على الحق المبين وأن الإسلام سينتشر على يديك وبين رجليك..لكن أعذرني على هذا السؤال: كيف تحتفلون بعيد الأضحى المبارك في خلافتكم المباركة؟ قال لي: هذا ما قلته لك من قبل  عن التضحيات وعن الترهيب.؟ نحن نجعل من الصحفيين أضاحي كل عيد، نخوف الغرب فما يزيدهم خير تثبيت! نرعبهم بذبح مواطنيهم على مسامعهم ومرأى الجميع..لكي يعرفون أننا لا نزايد ولا نكذب.. وأن وعدنا صادق ووعودهم كاذبة. سنبقى نختطف الدبلوماسيين والصحفيين وكبار القوم ونذبكم في كل عيد وكل يوم سعيد، حتى نحقق النصر ويدخل الغرب في الدين أفواجا أفواجا..لهذا جئنا بك اليوم هنا..فأنت ستكون أضحية هذا العيد للقارة الإفريقية، فقم وألبس أحسن الحلي، ها هو لباس الإحرام (اللباس البرتقالي)، وأسوف تصعد مع إبراهيم إلى صعيد بغداد، على كثيب جميل، لتقدم قربانا لله في فتح بلاد السودان ..

عندما أفقت، وجدت نفسي أقبض على حلقي وأنا أصرخ والصوت لا يكاد يخرج من حلقي.. كأنما يكونون قد ركبوا لي “كاتم صوت”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!