إن يكن الإسلام يعني القنوت فعلى الإسلام نحيا ونموت
هذا القول الجميل ليس لأحد المسلمين الملتزمين أو غير الملتزمين، ولكنه لأحد أرباب الأدب والفكر الذين نشّأهم آباؤهم على النصرانية، وماتوا عليها، ولكنه انبهر بمبادئ الإسلام، وأعجب بالقرآن الكريم، وسماه “كتاب الكتب”، واحترم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وقائل هذا القول الجميل هو الشاعر والأديب والسياسي الألماني “جوهان فولف جانج جوته” الذي وصفه محمود العقاد بـ”العبقري” في كتاب له عنه عنوانه “عبقرية جوته”.
ولد هذا الأديب في سنة 1749، وتوفاه الله الذي يتوفى الأنفس في سنة 1832.
وهو من عائلة ذات جاه سياسي، وثروة مادية.. سواء من جهة والده الذي كان مستشارا عند العائلة الحاكمة، أو من جهة أمه التي هي من أسرة إيطالية نبيلة.
تربي كما يتربى أبناء النبلاء، ودرس عددا من اللغات القديمة كالإغريقية، واللاتينية، والعبرية، وبعض اللغات المعاصرة كالإنجليزية والفرنسية كما مهر في الفروسية والمبارزة.. وكل أولئك أهّله لمنصب “مستشار” لولي عهد إمارته.. كما كان له اهتمام بعلوم أخرى كالتشريح والجيولوجيا…
لقد ألّف هذا الأديب مسرحية عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وله ديوان سمّاه “الديوان الشرقي للمؤلف الغربي”، وقد عرّبه الدكتور عبد الرحمن بدوي، وقد ظهر فيه متأثرا كثيرا بالتراث الشرقي عموما، ولا يخلو من إعجاب بالإسلام، وبالقرآن خاصة..
رغم أن جوته عاش في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، والثلث الأول من القرن التاسع عشر وهو ما يسمى في الغرب “عصر ازدهار الاستشراق”، ولكن جوته لم يجرفه تيار الاستشراق الصليبي الموجّه من طرف الكنيسة، ولا الاستشراق السياسي المسير من طرف وزارات الخارجية والمستعمرات في الدول الأوروبية.. بل عاش مستقل الرأي، محترم النفس، حر الضمير..
وقد يتساءل الناس: كيف لم يسلم هذا الأديب الكبير وجهه لله، وهو على هذه الصفات النبيلة.. ولا أملك الإجابة عن هذا التساؤل إلا الرد على ذلك بأن الله هو الهادي إلى صراطه المستقيم، ثم لعله من الذين كتموا إيمانهم، لظروفهم الخاصة..
أما الأمر الذي أذاعه بكل جرأة وقوة فهو قوله: “إن الإسلام لهو الرأي الذي سنقرّ به نحن جميعا، إن عاجلا أو آجلا”، كما ذكرت ذلك الدكتورة كاترينا مومزن في كتابها المسمى “جوته والعالم العربي”، الذي عرّبه الدكتور عباس علي، ونشر في سلسلة “عالم المعرفة” التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت الشقيقة.