-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استنفادا للحل الدستوري

عمار يزلي
  • 652
  • 0
استنفادا للحل الدستوري
أرشيف

أقل من الأيام العشرة القانونية، كانت كافية لبتّ المجلس الدستوري في انتخابات 04 جويلية التي أقرَّ بتأجيلها وترك صلاحيات استدعاء الهيئة الانتخابية مجددا لرئيس الدولة بعد استيفاء شروط إجرائها. موعد 04 جويلية الذي أصبح الآن من الماضي، كان في الواقع تحصيل حاصل مع هذه “الحصلة” نتيجة ما يحصل.
السيناريو الوارد الآن، الأكثر احتمالا، هو الدفع باتجاه مباحثات لفترة تكون محل نقاش وانتظار أيضا. عشرات المبادرات وُلدت إلى حد الآن وأعلِنت وسُميت وسبعت وختنت، ولم يبق لها إلا أن تجتمع لإعلان اتفاق على واحدة أو إلى توليفة من هذه المبادرات. هذا لن يكون في تقديرنا سوى في سيناريو واحد، قد لا يُقبَل ولكنه قد يُناقَش، والسبب هو إصرار المؤسسة العسكرية على البقاء ضمن الشرعية الدستورية وتمديد عمل المؤسسات خاصة الرئاسة إلى حين تسليم الرئيس المنتخَب كرسي المرادية من رئيس الدولة المنتهية ولايته الدستورية.
السيناريو الأقرب في توقُّعنا هو حوارٌ جامع للمعارضة وأصحاب المبادرات في الحراك والأحزاب مع المؤسسات الرسمية. المؤسسة الوحيدة المخول لها دستوريا إدارة الحوار أو المباحثات هي الرئاسة. لكن في وجود العائق النفسي لدى الشارع والمعارضة المحاصَرة من خلال مطلب الحراك في رفض الباءات، قد يتم الاتفاق على تحييد الباء الثانية وتعيين رئيس وزراء مستقلّ يحظى باحترام الأغلبية وذي مصداقية، واستقالة أعضاء الحكومة وتعيين أعضاء جدد بما يتناسب مع الدستور. هذه الحكومة يكون بإمكانها إدارة الحوار حول كيفية تنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال ومن بينها تعيين هيئة تنظيم ومراقبة الانتخابات. هذا يتطلب وقتا، لكن ليس بالطويل، بالنظر إلى الإجراءات القانونية والدستورية التي تتطلبها العملية، لكنها ممكنة. هذه الهيئة، التي تكون لها اليد العليا قانونا عند تعيينها رسميا من طرف رئيس الدولة بعد أن يتم الاتفاق عليها بين الشركاء السياسيين، هي من ستتحكم في شفافية الرئاسيات المقبلة. هذا لن يتطلب أكثر من شهر إذا ما سرعت الأمور وتوفرت النية الحسنة لدى المعارضة والشارع في الحوار مع المؤسسات القائمة، عندها يمكن استدعاء الهيئة الناخبة وإجراء الانتخابات في ظروف عادية، شفَّافة تسمح للكل، أحزابا وأفرادا وتيارات بتقديم مرشحيها وإجراء الحملة بداية من سبتمبر. رئيس الدولة يمكن أن يُمدَّد له دستوريا في تخريجة ذات طابع دستوري، لأنَّ الدستور لا ينص على التمديد خارج التسعين يوما.. غير أنه قد يوجد مخرجٌ لتمديد رئاسة بن صالح لثلاثة أشهر أو شهرين بعد 9 جويلية، وإجراء الانتخابات في نهاية أكتوبر..
هذا السيناريو أقرب إلى الحلّ الدستوري المقبول جزئيا من المعارضة ومن الشارع، والذي يريد تأجيل الانتخابات لضمان تنظيم شفاف وذي مصداقية شعبية، وضمن الشرعية الدستورية.
بالتأكيد، سيناريوهاتٌ أخرى مطروحة، منها رفض التعامل مع الحكومة الحالية والإصرار على رحيل الباءات حتى قبل الحوار، خاصة الباء الصغرى، وهذا من شأنه أن يطيل عمر السِّجال والوقت والهدر الاقتصادي. كما أن كل المبادرات المنادية بفترة انتقالية خارج الدستور مهما قصُرت لن تحظى بقبول المؤسسة العسكرية، لأن من شأن ذلك أن يزجَّ بها في معترك سياسي ترفضه أصلا مخافة إيقاعها في المحظور وهو الفراغ الدستوري وفي اللاشرعية. لهذا تصرّ المؤسسة العسكرية على أن تبقى الدولة مدنية فيما تبقى المؤسسة عسكرية دستورية. وعليه، ستعمل على استنفاد كل الحلول الدستورية قبل أن تفكر في أي حل آخر لا تريده.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!