-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اسلقوهم بألسنتكم.. إنّهم أناس يتطهّرون!

سلطان بركاني
  • 709
  • 4
اسلقوهم بألسنتكم.. إنّهم أناس يتطهّرون!

بين الفينة والأخرى، نرى في واقعنا ونسمع ونقرأ على بعض وسائل الإعلام عن مواقف يبديها المسلمون الجزائريون، تبعث الأمل في النّفوس والجذل في القلوب، بأنّ الأمّة الجزائرية أمّة فيها خير كثير، ومهما ظهر من بعض أفرادها ما يسرّ ويغري العلمانيين ودعاة التغريب، إلا أنّها تظلّ أمّة تقدّم الدّروس المؤلمة للمتربّصين بدينها من حين إلى آخر.
رأينا كيف أنّ أبناءنا النّاجحين في امتحان البكالوريا قدّموا درسا مؤلما للعلمانيين ودعاة التغريب الذين يريدون إخراج جيل مقطوع الصّلة بدينه، حين ظهر أنّ جلّ المتفوّقين هم من المتشبّثين بدينهم وبكتاب ربّهم.. وها هم الجزائريون هذه الأيام يتوالون من منطقة إلى أخرى في تقديم درس آخر للأقلية العلمانية ودعاة التغريب الذين يستهويهم فشوّ ثقافة الرقص وهزّ البطون، ويعجبهم أن يحلّ التفسّخ والانحلال محلّ الفضيلة وطيّب الخلال.. جزائريون في ورقلة والوادي وبلعباس ومناطق أخرى يقاطعون حفلات الراي التي يقيمها بعض الفنانين المعروفين بعبثهم وطيشهم، ويُصلّون جماعة في مقابل الأماكن التي أريد للحفلات أن تقام فيها، ويطالبون بالتوقّف عن إهدار الأموال في المهرجانات والحفلات، وينادون بإنفاقها في بناء العيادات والمستشفيات.
موقف متحضّر وراق يكتب بماء الذّهب، وقفه شباب وكهول غيورون على دينهم، أثار حفيظة الأقلية العلمانية الفرنكوفونية التغريبية، فشحذ المولولون منهم ألسنتهم وأناملهم وأقلامهم لاتّهام أهل ورقلة والوادي وبلعباس، بالرجعية والتخلّف، بل وتطاول بعضهم على الشّرفاء وكالوا لهم كلّ أنواع التهم، لا لشيء إلا لأنّهم أرادوا التطهّر من دنس هذه الحفلات الصاخبة.. انطلقت أقلام العلمانيين تنفث السّهوم، ولسان حالهم يكاد يقول: “أخرجوا آل ورقلة والوادي وبلعباس من بلدكم إنّهم أناس يتطهّرون”.. تماما كما قال قوم لوط من قبل عن نبي الله لوط –عليه السّلام- ومن معه من المؤمنين “أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون”!
هكذا هم أهل الفساد في كلّ زمان ومكان، تضيق قلوبهم ذرعا بالصّالحين، وتتقطّع قلوبهم غيظا وكمدا عندما يرون مظاهر ومواقف وأحوال الصّلاح.. كما قال الله: “وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَر”.. يحبّون للمؤمنين أن يزيغوا وأن تشيع الفاحشة فيهم.. الطّهارة والشّرف والعفّة ألدّ أعدائهم.. لا يقرّ لهم قرار ولا يهنأ لهم بال حتى يفسدوا جميع من حولهم، وإن لم يكن لهم ذلك، اتهموا الطّاهرين بالنّفاق والعقلاءَ بالجهل والتخلّف، لأنّهم –أي العلمانيين- لا يعرفون من الحضارة والتحضّر إلا حرية العري والخنا والشّذوذ.
ما فعله إخواننا وأحبّتنا في ورقلة والوادي وبلعباس، منهج إسلاميّ وسلوك حضاريّ لإنكار المنكر من دون الحاجة إلى الفوضى والتّخريب.. يقول الله تعالى: “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِين”، ويقول جلّ شأنه عن عباده المؤمنين: “قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون”، ويقول عن عباد الرّحمن: “وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا”.
نعم، هذا هو الواجب في حقّ كلّ عبد مؤمن يرى منكرا لا يستطيع تغييره بيده، الواجب عليه أن يعرض عنه ويقاطعه ويحذّر منه، ويقدّم في المقابل البديل من الخير ويدعو إلى المعروف، من دون أن يكون في حاجة إلى إثارة الفتنة أو إذكاء أيّ منكر آخر، وهذا ما يلخّصه الفقهاء في كلمة رائعة بقولهم: “إذا لم تُزل المنكر فزل عنه”.
إنّنا لفي أمسّ الحاجة إلى إحياء هذا الواجب في واقعنا، ووالله لولا إهمال واجب مقاطعة المنكر والإعراض عنه ما شاعت المنكرات إلى هذا الحدّ الذي نراه، ولما راجت سوق الفنانين والمغنين العابثين، إلى الحدّ الذي جعلهم يجمعون الملايير ويركبون أفخم السيارات ويخاطبون المجتمع بكلّ كبر واحتقار.. وقد رأينا أحد هؤلاء الفنانين العابثين يخاطب إخواننا في مدينة ورقلة حينما قاطعوا حفلته، كلّ كبر ويقول لهم: “بلّلوها واشربوا ماءها، أنا قد أخذت مستحقّاتي من الحفل مقدّما”.. هكذا ينظر هؤلاء المغنون العابثون إلى المجتمع على أنّه ملايين وملايير تصبّ في جيوبهم لينفقها كثير منهم بعد ذلك في الحانات والمراقص.
نعم، لو أحيينا ثقافة مقاطعة المنكر في واقعنا لانحسر الفساد شيئا فشيئا حتى يضمحلّ، لكنّنا مع كلّ أسف نستهين بالأمر وتحُدّث كلَّ واحد منّا نفسُه قائلة: وما الذي سيتغيّر لو قمت بمقاطعة هذا المنكر وحدك؟ بل والأنكى من هذا أنّ بعضنا يركنون إلى المنكرات ويطمئنّون إليها بحجّة أنّها انتشرت وعمّت، والله المستعان.
لو قاطعنا –مثلا- سهرات الأعراس هذه التي تصدح فيها أغاني “الراي” إلى ساعات متأخّرة من اللّيل، لما راجت كلّ هذا الرّواج، ولما أصبحت كأنّها من أركان الزّواج.. ماذا يضرّ الواحد منّا إذا دعي إلى عرس قريب أو حميم أن يحضر وقت الوليمة فيأكل ما كتب له، ويهنّئ العريس وينصرف إلى بيته بعد أن يعتذر عن عدم حضور السّهرة لأنّها تحتوي منكرا لا يرضاه الله؟ لن يخسر شيئا، بل على العكس سيربح راحته ويكفي نفسه آثاما كانت ستلحقه.
وما يقال عن حفلات الأعراس يقال أيضا عن هذه المهرجانات التي تنطلق في صيف كلّ عام في أكثر من مدينة، لو قاطعناها في كلّ مكان كما فعل إخواننا في ورقلة والوادي وبلعباس، لراجع القائمون عليها أنفسهم ولأدركوا أنّ بضاعتهم ما عادت رائجة وسط المجتمع الجزائريّ المسلم، ولبحثوا عن بضاعة أخرى تحترم ديننا وقيمنا.
إنّنا في أمسّ الحاجة إلى إعلان القطيعة مع وسائل الإعلام التي تسعى في نشر الميوعة والانحلال وكسر الحواجز والطابوهات وإماتة الحياء وهدم الأخلاق، وتسعى لتجهيل المجتمع وتحويله إلى قطيع من الأغنام لا همّ له إلا المآكل والمشارب والملابس بعيدا عن هموم الأمّة وقضاياها.. وفي أمسّ الحاجة إلى مقاطعة السّلع التي تنشر الميوعة والفساد في أوساط نسائنا وبناتنا وأبنائنا؛ خاصّة هذه الموضات والصّيحات الجديدة من الألبسة التي حوّلت بناتنا إلى عارضات أزياء في الشّوارع وأبناءنا إلى مهرّجين في أزياء ومظاهر مزرية يندى لها الجبين.
بسبب غياب ثقافة المقاطعة عن واقعنا لعقود من الزّمان، وجد تجار الشّهوات ومصّاصو الدّماء من رجال الأعمال والأموال أسواقا رائجة في أوساطنا، وحقّقوا ثروات هائلة من جيوبنا، وأفسدوا ديننا ودنيانا.. فهل آن لنا أن نفيق ونقول لهؤلاء: “انتهى وقت العبث”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • no way

    للجهل و للعار و التخلف حصة الأسد من دماغ المسلم المخذر .

  • Ex-Muslim

    la religion musulmane est la pire doctrine que l'humanité a connu, une religion de haine, de mépris, de dictature, contre la vie, contre les femmes, contre l'art et la beauté, religion noire obscure, elle n'attire personne

  • لا ديني

    المشكل في لدين الاسلامي إنه دين لا يترك الآخر حر في إختيراته وقرارته ،، يا أخي هناك حفل إترك الناس احرار من شاء فاليحتفل ومن شاء فلا يفعل، الاسلام عبارة عن سجن كبير، أنت مرغوم أن تفعل ما يريده المسلم

  • حميدو

    جاء الاسلام عريبا و سينتهي غريبا عن قريب انشالله