-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اعتراض

اعتراض

في إحدى ولايات الغرب الجزائري ثلّة من الشبان يمتازون بالعلم، ويتحلون بالعزم، ويتخلقون بالعزم، ويملكون بصرا حديدا ونظرا سديدا، أخذتهم الغيرة على ولايتهم ووطنهم، وساءهم ما هي عليه من ركود ثقافي لأنها لا تحيا إلا في فصل الصيف بمهرجان ” الرّاي” الذي تخجل منه شياطين الجن، وتتباهى به شياطين الإنس.. لأنه يقتل الفضيلة، ويحيي الرذيلة، ويفرق بين المرء وزوجه فضلا عن أبيه وأمه..، فرأوا -أولئك الشبان- أن لا يكتفوا بنقد الوضعية الثقافية في ولايتهم، وجاءوا البيت من بابه فأسسوا -منذ بضعة أشهر- جمعية ثقافية سمّوها باسم أحد علماء الجزائر ومناضليها في سبيل استقلالها السياسي والثقافي، وهي تسمية لم تعجب مسئولا (أمزيان (*)) في تلك الولاية، حيث اعتبر أولئك الشبان قد جاءوا شيئا إدّا بتلك التسمية، لأنه ربما كان يودّ أن يسموها جمعية “الزّرنة” أو “الغايطة” أو “الڤلاّل”، أو شيئا مما يكبر في صدره، ويعظم في “عقله”.

  • تحمل أولئك الشبان أتعابا مادية ومعنوية وعقدوا أول ندوة فكرية في مدينتهم الجميلة، فحركت سواكنها، وهزت جوامدها، وكانت تلك الندوة عن الشخصية التي سموا جمعيتهم باسمها، وقد نشط تلك الندوة كل من الدكتور سعيد بويزري، وكاتب هذه السطور وبعض الأساتذة من تلك الولاية.. تركت تلك الندوة أثرا طيبا، وأحدثت صدى واسعا، فتشجع المشرفون على الجمعية على تعزيز تلك الندوة بثانية، حددوا تاريخها بيوم 11 من شهر نوفمبر الجاري، وهاتفوني للمشاركة فيها رفقة الصديقين الدكتور محمد الأمين بلغيث، والدكتور مولود عويمر، وأجبت دعوتهم.
  • كان موضوع الندوة عن شخصية جزائرية ملأت أسماع الناس في الجزائر وفي الخارج، وشغلتهم، لما آتاها الله من علم، ولما تتحلى به حيوية وشجاعة، مما جعل الإمام عبد الحميد ابن باديس يصطفيها من بين أشباله الذين كان يعدهم، فأرسلها إلى فرنسا لتقود الحركة الإصلاحية هناك، فتعيد الضالين من الجزائريين إلى سواء السبيل، وتحيي حرف الضاد في لهواتهم، أعني بهذه الشخصية الداعية المجاهد الفضيل الورتلاني، الذي ضاقت به فرسا ذرعا فكادت له وأرادت أن تبطش به فنجاه الله من القوم الظالمين.. وكان الهدف من هذه الملتقيات والندوات هو تعريف الشبان أن الجزائر ليست بلد “الرّاي” لم يظهر في وطننا إلا مع الوجود الفرنسي الذي يأمر بالفحشاء والمنكر، ويحارب الكرامة والعفاف..
  • قبل عقد الندوة بيومين كلمني أحد مسئولي الجمعية ليخبرني أن الندوة قد أجّلت.. فسألت عن سبب التأجيل، فأجاب بأن السبب -كما قيل لهم- هو “الاعتراض” على منشطي الندوة..؟!
  • لم يبين هذا المسئول “أمزيان (*)” لأولئك الشبان إن كان “الاعتراض” على أشخاص هؤلاء الأساتذة أم على أفكارهم؟ فإن كان “الاعتراض” على أشخاصهم فكيف يعترض على أناس وهو لا يعرفهم لا في سفر ولا في حضر، ولم يتعامل معهم لا بدينار ولابدرهم؟
  • وإن كان “الاعتراض” على أفكارهم فهنيئا للجزائر التي”منّ” الله -عز وجل- عليها بهذا الـ “أمزيان (*)” الذي علم عن هؤلاء الأساتذة ما لم يعلمه المسئولون الـ “إمقرانن (**)” وتنبه إلى “خطر” أفكارهم.. لو كان هذا الـ “أمزيان” على صلة -ولو بسيطة- بالثقافة التي يعمل في مصلحتها في تلك الولاية لسمع عن هؤلاء الأساتذة الذين يجوبون الجزائر من غربها إلى شرقها، ومن جنوبها إلى شمالها، يلقون الدروس والمحاضرات، ويشاركون في الندوات والملتقيات، ولسمع عنهم من كثير من طلبة الجامعات.. ولو كان هذا الـ “أمزيان” على علاقة -ولو كانت أوهن من بيت العنكبوت- بالثقافة لقرأ لهؤلاء الأساتذة ما ينشرونه من كتب، وما يكتبونه في الجرائد والمجلات.
  • إن من مآسي الجزائر -حاليا- أن يتولى تسيير شؤونها الثقافية في مختلف المستويات أناس أكثرهم لا علاقة لهم بالثقافة، حيث لا يرونها إلا “رايا” ماجنا تستبشعه الحمر فضلا عن الأسوياء من البشر، و”رقصا” خليعا يخجل منه من لا حياء له.. وهذا كل ما جعل الدكتور محمد ابن عبد الكريم -شفاه الله- يكتب كتابه القيّم “الثقافة ومآسي رجالها في الجزائر” وأستسمح الدكتور أن أقترح عليه إضافة كلمة “ونسائها” في الطبعة القادمة من هذا الكتاب ولعلها تكون قريبا.
  • إن هؤلاء الأساتذة يطلبون من هذا الـ “أمزيان” توضيح سبب هذا الاعتراض، فإن لم يفعل -وما أظنه فاعلا- فإنهم سيرفعون دعوى ضده، لأنهم يعتبرون اعتراضه قذفا، لأنه جعلهم موضع »شك«، لأن كثيرا من الناس في الولاية المعنية سمعوا بالندوة والمشاركين فيها، وسيتساءلون عن سبب إلغائها، فيقال لهم، لقد اعترض على المشاركين فيها.
  • قد يوسوس “الموسوس” من شياطين الجن في صدور الناس، وقد يهمس هامس من شياطين الإنس في آذان الناس بأن هؤلاء الأساتذة ما اعترض عليهم إلا لشيء خطر ارتكبوه، فقد يكونون من المتاجرين في المخدرات، وقد يكونون من المتعاونين مع مصالح أجنبية ضد المصلحة الوطنية، وقد يكونون من المهربين للبنزين الجزائري، أو الخرفان، أو أسلاك الكهرباء النحاسية، وقد يكونون من المرتشين، أو الفسقة، أو السارقين للمال العام.. أو .. أو.
  • إن المرحوم أحمد مزغنة مناضل كبير، أعطى الجزائر عمره، ولكنه كان محدود الثقافة والمعرفة، ووصفه المرحوم محمد بوضياف وصفا غير لائق (1)، هذا المناضل الذي كان الشخصية الثانية بعد ميصالي الحاج، قال فيه الإمام الإبراهيمي هذا البيت الشعري غير المكتوب، والذي أرويه عن الشيخ العباس ابن الحسين -رحمهم الله جميعا- وهو:
  • وأمة يقودها “مزغنة” ** يقودها للنار لا للجنة
  • ولكن هذا البيت ينطبق أكثر على بعض المسئولين في زمننا هذا، ومنهم هذا الـ “أمزيان”
  •  *) أمزيان في لسان بعض إخواننا الأمازيغ معناه “الصغير”.
  • **) إمقرانن، جمع “أمقران” ومعناه “الكبير” في لسان بعض إخواننا الأمازيغ.
  • 1) محمد بوضياف: التحضير لأول نوفمبر، دار النعمان للطباعة والنشر. ص 45.            
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • hamza

    وفقك الله لما يحب ويرضى يا شيخنا ,اما بالنسبة لصاحب التعليق رقم 1 اقول له كما قال الشاعر; يأيها اللاهي على أعلى وجل, إتقي الله الذي عز وجل,واجتنب ذكر الاغاني والغزل,وقل الفصل وجانب من هزل,ليس من يقطع طرقا البطل,من يتقي الله هو البطل. وكان الافضل لك أن تعلق على أمزيان

  • بدون اسم

    إن رقم 1 هذا ليس سوى امزيان

  • بدون اسم

    الله يعطيك الصحة شكرا.

  • علي

    تحية للأستاذ الرااااائع أما رقم 1 فهو من الفئة التي لا تحب لا العروبة ولا الإسلام

  • abdellah

    بارك الله فيك يأستاذنا الكريم وزادك الله علما . أما صاحب التعليق رقم 1 فالسكوت عليه خير من الرد عليه حتى يعرف قدر نفسه . نسأل الله العفو والعافية ، آمين .

  • كمال

    السلام عليكم بارك الله فيك ياشيخنا نتمنى أن يجد إعتراضك أدنا صاغية من المسؤولين، كما أن هده الواقعة تدل على الرداءة التي نعيشها بسبب هؤلاء المتخلفين عن الركب الحضاري للأمة.

  • بدون اسم

    صاحب تعليق ؤقم 1 احترم نفسك

    نعم نسوق الابن باديس وما ادراك ما ابن باديس لماذا تتهجم على ابن باديس

    انت ربما لاتكون جزائري او مسلم اصلا
    فكل جزائري وحتى جاهل ومحدود الثقافة لا يتجرا على عالم من علماء الجزائر

    ربما اسمك ليس محمد كلامك يدل على انك مفرنس او متصهين او مدسوس غرضك التهجم على علمائنا لتقليل من شانهم

    لهلا توصلك يا وحد .......

    انشر لو سمحت

  • محمد الجزائري

    اتمنى ان يرفع الاستاذ الهادي الحسني دعوى على هذا المخبول الذي اوكلت له مهمة تسيير الثقافة في بلدنا واطلب من الرئيس التدخل بكل حزم لاقالة هذا المخبول حتى يكون عبرة للاخرين.

  • إبن الونشريس

    أولا يا صاحب التعليق رقم واحد إبن باديس سيدي وسيدك ولا يحتاج إلى تسويق ثانيا صاحب المقال من العلماء الذين نقبل أيديهم إذا تشرفنا بلقائهم ثالثا كلامك يؤكد ما قاله الأستاذ الهادي فأنت أظنك ممن يطبلون ويومرون ويصفقون لمهرجانات العار

  • محمد

    وما ضرك في هذا ...ولا بن باديس جاك على العين العورة

  • محمد

    شغلك الشاغل تسويق بن باديس لهذا الشعب مهما كان الموضوع.