-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإطاحة بمنطق اليأس

محمد سليم قلالة
  • 3731
  • 27
الإطاحة بمنطق اليأس

لم أكتب في السنوات الماضية إلا نادرا، لأني كنت ومازلت أرفض الكتابة بمنطق اليأس. كيف أكتب بهذا المنطق وأنا الذي كنت في أحلك أيام الأزمة في بداية التسعينيات من القرن الماضي أكتب أسبوعيا شروق الغد في صحيفة الشروق الأسبوعية، ومساحة أمل في أسبوعية الحقيقة رغم ما كانت تعانيه البلاد من أزمة وما كنت أشعر به من أسى وألم، وأتعرض إليه من صعوبات ومحن؟

كيف أكتب بمنطق اليأس وأنا الذي اعتبر أن “الأمل الفسيح” ركن من أركان الدولة على حد تعبير صاحب “أدب الدنيا والدين” الإمام الماوردي رحمه الله؟..

كيف أكتب بمنطق اليأس وأنا أرى بأن لا نهضة لبلادي إلا بعودة روح الأمل لدى شبابها والبسمة على ثغور نسائها ورجالها؟

كيف أسمح لنفسي بأن أُساير التشخيص اليائس للأوضاع وأدفعه نحو مزيد من السقوط والضياع؟

وهل لا يوجد بريق أمل؟ وهل لا توجد معالم نصر، آتٍ؟ وهل لا توجد مخارج لبقية الطريق؟ وهل لا توجد بدائل أفضل للمستقبل؟

يقول منطق اليأس الذي أشاعه اللصوص وناهبو المال العام: أن الكل يسرق إلا من لم يستطع، والكل يخون إلا من لم يستطع، والكل يغش إلا من لم يستطع، والكل راش أو مرتش…

ويقول منطق اليأس الذي أشاعه المحتالون والمزيفون: أن لا تلامذة ولا معلمون في المدارس، ولا طلبة أو أساتذة في الجامعات ولا شباب في الأحياء ولا تجار ولا عمال في الأسواق، ولا احترام ولا أخلاق أو قيم أو تضامن بين العائلات، بل ولا عبادات أو دين في المساجد…

وهكذا في جميع المستويات… العلمية والسياسية والأخلاقية… كل شيء في غير محله، كل شيء بالمقلوب.. ويدفع إلى اليأس…

هل ينبغي أن نُساير هذا الطرح، ونكتب ونتكلم ضمن هذا المنطق؟ وكم هو سهل ذلك… وكم أصبح من العادة لدينا أن نُثلج صدورنا بذلك؟ أم ينبغي البحث عن الإشارات الحاملة للمستقبل ضمن المحيط الذي نعيش؟ عن بوادر الأمل التي بيننا؟ عن عناصر القوة التي نملك؟ عن قدرتنا على تغيير ما أنفسنا لنغير ما حولنا؟ عن ما ينبغي أن نُثمّنه لدينا ولدى المحيط الذي نعيش ضمنه؟ 

أليس من الصواب أن يبدأ كل منا بطرح السؤال على نفسه: هل يعيش ضمن أسرة من ناهبي المال العام؟ هل يعيش ضمن أسرة تحتقر العلم والمعلم؟ هل يعيش بالمال الحرام؟ هل في نيته أن يغش وينجح أو يسمح لأبنائه بذلك؟ هل في نيته ألا يبر والديه؟ هل في نيته أن يصوم ويعبد الله زيفا وخداعا؟… الخ.

كم هو عدد الذين سيجيبون الآن بنعم؟! قليل بلا شك، بل قليل جدا…

إذن نحن الأغلبية… لسنا من المحتالين ولا المزيفين، ولا من اللصوص أو أبناء اللصوص وناهبي المال العام، نحن الذين ينبغي أن نصنع منطق الأمل ونطيح بمنطق اليأس إذا أردنا أن نكون…

 

تلك هي الروح التي أريدها أن تسري بين هذه الأسطر، التي شرعت في كتابتها ابتداء من اليوم، لتكون منطلقا لإعادة صوغ رؤيتنا للحياة وتعزيز ركن الأمل لبناء دولة الأمل، دولتنا، لا دولة اليأس، دولتهم… رغم كل ما يجري حولنا ويسعى ليدفعنا عكس هذا الاتجاه، في بلدنا وفي كل بقعة من بقاع أمتنا الإسلامية المترامية الأطراف عبر كل القارات…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
27
  • محمد

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته... اثلج صدري و سر قلبي ان تعود يا استاذ سليم الى الكتابة... مساحة امل... انا من قرائك حين كنت طالبا فس السنة 3 ثانوي وعمري 18 سنة قبل ان احصل على البكالوريا في نفس السنة في جوان 1990 وكم كنت شغوفا بقراءة ... اوراق الخميس ... ك خميس... في يومية الشعب... و كنت اقتفي اثرك ... في كل صحيفة... الى الشروق الاسبوعي... الى الحقيقة الاسبوعية... وهكذا ... حتى في حصص تلفزيونية..كم كنت رائعا... ولازلت ... مع زمرة من الجزائريين الشرفاء.... وفقك الله...

  • قادة ولد لمين

    نعم يجب ان نتسلح بسلاح الامل.. لكن هذا يجب ان لا يغنينا عن العمل من اجل تحقيق اما نرجوه من وراء ذلك الامل ..الا وهو التغيير و الاصلاح ما بالنفس قبل ان نغير اي شيء اخر .الامل في غابة اسمها الجزائر فقدفيها كل شيء اسمه اخلاق واولها عدم الخوف من الخالق و قلة الحياء. وها نجده من القاعدة الى راس الهرم لما انتشر من فساد على ايدي من يدعون انهم اصحاب الشرعية فيالجزائر المستغلة" من قبل عصابة نافذة من اكبر من اتانا بها الهم و الغم الذي نعيشه حتى ادخلوا قلوبنا اليائس لكثرة فساد هم ودعمهم لفاسدين والمفسدين

  • عبد القادر

    هذا هو الحق:"كم هو عدد الذين سيجيبون الآن بنعم؟! قليل بلا شك، بل قليل جدا...إذن نحن الأغلبية... لسنا من المحتالين ولا المزيفين، ولا من اللصوص أو أبناء اللصوص وناهبي المال العام، نحن الذين ينبغي أن نصنع منطق الأمل ونطيح بمنطق اليأس إذا أردنا أن نكون...تلك هي الروح التي أريدها أن تسري بين هذه الأسطر، التي شرعت في كتابتها ابتداء من اليوم، لتكون منطلقا لإعادة صوغ رؤيتنا للحياة وتعزيز ركن الأمل لبناء دولة الأمل، دولتنا، لا دولة اليأس، دولتهم... رغم كل ما يجري حولنا ويسعى ليدفعنا عكس هذا الاتجاه..."

  • الجيلالي سرايري

    اشتقنا كثيرا الى كتاباتك (المستقبليات)لقد غبت اكثر من اللازم فالمفكر الحقيقي لا يياس ولا ينهزم والخير في بلادنا موجود والله والواقع ليس اسود كما تصوره جرائدنا والمتشائمون الذين يتباكون على الفقراء وهم من اكل حقوق الفقراء والضعفاء يلعنون الفساد وينغمسون فيه تصور ياسليم ان صاحب مطعم في وادي ارهيو يوزع يوميا اللحم المشوي على مرضى مستشفى المدينة في شهر رمضان والنماذج كثيرة لا اطيل ننتظر كتاباتك المتفائلة

  • مشكاة

    اشعلت شموعا بعودتك ياأستاذ متتبعة من الثمانينات

  • رابح العلمي

    شكرا على المقال ايها الاستاذ المتميز اتمنى لك التوفيق....

  • م حمدي

    اهلا وسهلا ومرحبا بك ايها الدكتور المتميز عن بقية الدكاترة الذين لم يزوروا رقان في عهد ذهبت فيه الرجولة والذكورة الحقة ورمي بالجزائريين الاخيار بسجن رقان وكنت من بينهم لكن السجن للرجال وخاصة ممن لايبدلون لمواقفهم تبديلا ويبقون على العهد ثابتين فطيبة لك اخي سليم وابقاك الله عونا نصوحا لشباب الجزائر المتعطش لطلب العلم والمعرفة وقول كلمة الحق حتى ولو كانت مرة

  • صالح

    بارك الله فيك يا أستاذ الأمل، ما أحوجنا إلى هكذا نور من كلمات في ظلام مفتعل .
    عدت و العود أحمد انشاء الله ما تزيد تفارقنا،

  • ismail

    بارك الله فيك يا أخي فكم نحن بحاجة إلى مثل هذا الكلام الجميل الذّي يبني وسط آلاف الهدّامين

  • الزهرة البرية

    أهلا وسهلا ومرحبا بمن حل يحمل بذورا للأمل وينثر قطرات الندى كحبات اللؤلؤ . نرجوا أن تزهر و تثمر بذور الأمل في بلادنا الحبيبة.

  • احمد

    وفقك الله يا اخ سليم ...فكرك متميز وكتاباتك رائعة...كلما قرات لك ومنذ مدة كنت اجمع مقالاتك وما زلت احتفظ بها..فكر نير وتصور مستقبلي رائع ..كتاباتك فيها عذوبةو فن وجمال ...الدول المتقدمة لهامكاتب دراسات مستقبلية وفي كل المجالات وفي بلادنا وللاسف لنا كفاءات نادرة ولكنها مهمشة..ورغم ذلك لا نياس يا اخي سليم ..فامض كما عودتنا بمساهماتك الرائعة و ندعو الله القديران يحفظك وان يزيدك علما و نورا ودمت وفيا ومخلصا لوطنك...اهلا بعودة العلماء..

  • Atmane

    très très bon article merci beaucoup oustadh.

  • م.أ.بركات

    بارك الله فيك و لك و عليك.كم نحن بأمس الحاجة لمن يذكرنا بأهم قاعدة من قواعد الاصلاح، الا و هي الأمل الفسيح، و رفض كل مشاعر الاستسلام للقنوط و اليأس. ما أحوجنا اليوم ، في زمن الاستضعاف الى تعلم من صناعة الأمل..

  • Yazid

    أهــلا وسـهلا ومرحبا أيها الأستاذ إفــتقدناك كــثيرا وســعداء بعودتك ..موفق إن شــاء الــله .

  • الطاهر

    بسم الله و الصلاة على رسول الله وآله و صحبه ومن والاه إلى يوم الدين.
    كيف يلام الطفل الذي يدخن, علما أن كل أفراد أسرته يدخنون؟
    هل يلام الطفل الذي يكذب في أسرة جل أفرادها يكذبون؟
    كيف نلوم من يسرق و يرى مثله الأعلى يسرق الماء و الكهرباء؟
    المشكلة مشكلة أخلاق جذرها الإستدمار وسقاها ذيوله بطريقة شيطانية غريبة حتى ساءت أخلاق الشباب لبعد الأسرة على تعاليم الدين الحنيف.إن الطريق الذي يسير عليه المجتمع الإسلامي عذرا للإسلام هي الطريق المتشعب الذي يؤدي الى الدخول الى جحر الضب الذي ذكره الرسول س) .

  • nasser

    رغم الامل الذي كنت و مازلت اوقده من زفراتي لكي لاينطفئ الاانني في الاونة الاخيرة ادركت بانني كنت اكذب على نفسي وان ما كنت انفخ فيه كانت جثة هامدة اصيبت بداية 1958 و اغتيلت في 05 جوبلية 1962 ان ما كنا وما زلنا نقوم به هو كذب على نفسنا لاننا لم نوفرر شروط النهظة

  • ابو اسامة

    السلام عليكم...
    عودة ميمونة لصحافي سليم قلالة الذي قرأت له كثير من مقالاته القيمة...نتمنى أن لن ينقطع علينا هذه المرة...

  • ـحمد

    جميل جدا

  • المرابطية

    بسم الله والصلاة على رسول الله

    بارك الله فيك يا استاد ما احوجنا الى الامل وما احوجنا الى حكيم يقود شباب الجزائر ويوجههم الى طريق الامل والعمل

    بارك الله فيك وفي انتضار باقي مقالات ليست ككل المقالات

    انشر لو سمحت

  • محمد الجزيري

    مرحبا بك دكتور ..أرجو أن ينفع الله بك.. أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

  • بلقاسم

    على بركة الله و بداية موفقة

  • باديس

    منطق رائع ماشاء الله
    تعرفت على ارائك من خلال تحليل نتائج الانتخابات في القناة الوطنية و محاورتك للصحافة المنافقة ضعيفة المستوى واحسست مكانك بالضر من هذا العقم لذا محاولتك ايجاد منابر حرة هو عين الصواب

  • فاهم شوية

    ايه ياستاذ وين راك ياابو اقبال انتظرنك طويلا
    ياحبذا لو ترجع جريدة الحقيقة من جديد وااستاذة بنت الجبل

  • احمد

    اهلا بالرجال الذين يغرسون الامل ويحبون العمل

  • متفائل

    اهلا بعودتك يا أنيق الحرف ورائد الفكر المستقبلي

  • riad

    عودة ميمونة الاخ سليم لقد اطلتها يا استاد مد ايام الشروق وخاصة اسبوعية الحقيقة

  • محب للخير

    بارك الله فيك على المقال المتميز وبداية موفقة في عمودك فسحة امل