-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الاحتماء بـ”إسرائيل”!

الاحتماء بـ”إسرائيل”!

لا تعرف السياسة المبدأ الثابت، هي نظام متغير، متحرك، يتلاءم مع خصائص مرحلة راهنة، وفق قواعد عمل، لا تحكمها مبادئ معلنة، أو برامج ترسم نهجها، تفاجئنا كل يوم بموقف، يتناقض مع مواقف طالما تمسكت بها، وعبأت الرأي العام بها.
وتأتي المواقف على غير هدى، تقلب الواقع، وتغيّر نظم علاقاته، حسب مصالحها الآنية، فيصبح العدو صديقا، والصديق عدوا، بما يضمن بقاء نظامها إن تعرّض وجوده لتهديد، قد يصل إلى إقصائه نهائيا، إيذانا ببدء عصر سياسي جديد، ونظام جديد، يأتي بأدواته القادرة على التكيف مع المتغيرات.
أدرك النظامُ القائم في العراق تلك الحقيقة، وهو الخاضع لاحتمال إسقاطه، مع سقوط حاضنته الإقليمية، المحاصَرة بعقوبات اقتصادية قد تتكفل بإقصائها من مسرح السياسة في الشرق الأوسط، فسارع إلى إيجاد علاقة دبلوماسية خفية، يرى فيها غطاءً يمدد بقاءه على رأس سلطة، ارتقت بالبلاد إلى المرتبة الأولى في الفساد والتخلف، بيد فاسدين، منحرفين، يحتمون بميليشيات طائفية مسلّحة خارجة عن القانون.
والعلاقة الدبلوماسية الخفية، التي ارتآها ذلك النظام الذي ابتلي به الشعب العراقي، هي علاقات مع “إسرائيل”، فشدّ الرحال إلى تل أبيب بوفوده تحت جنح الظلام، ينشد إرساء قواعد التواصل معها، معلنا رغبة الاعتراف بها في وقتٍ مناسب، بعد مرحلةٍ من العلاقات الدبلوماسية السرية.
وإزاء القلق الذي يعيشه النظام الطائفي في بغداد، أراد أن يحتمي بـ”إسرائيل”، معتقدا أن إرضاءها شرطٌ ضروري لبقائه، أمام المتغيرات في السياسة الأمريكية الرافضة بشكل صريح استمرار الهيمنة الإيرانية على العراق، وجعله قاعدة انطلاق في سياسة نظام الملالي التوسعية.
لكن خروج وفود رسمية من بغداد باتجاه “اسرائيل”، تمثل نظاما لا يخطو خطوة دون العودة إلى المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الإيراني الجنسية، يعني أن النظام الإيراني منحها الضوء الأخضر، ومهَّد لها اعتماد هذه السياسة الجديدة التي أتت بثمارها في مراحل مضت، انتعشت فيها العلاقات الدبلوماسية سرا بين طهران وتل أبيب، سياسيا واقتصاديا وعسكريا واستخباراتيا.
كانت الوفود السرية تتوخى الحفاظ على سرية زياراتها المتكررة لإسرائيل، فالوقت لم يحن بعد لإعلانها، واهمة بأن زمن الدبلوماسية السرية، مازال نظاما معتمدا في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي اخترق كل الحواجز التقليدية، وما عاد يخشى شيئا، ولا يهتم بمراعاة مشاعر الآخرين الراغبين في علاقات سرية يجنون ثمارها أمنا يحفظ أنظمتهم، أطلق أخبار توافد المسؤولين في بغداد على تل أبيب، مفاجئا الجميع، كاشفا عن تردد وفود إيرانية مماثلة التقت كبار المسؤولين الإسرائيليين، في خطوة تمهّد بكل ما تفرزه من معطيات، لإرساء قواعد الاعتراف والتطبيع، مقابل تخفيف وطأة الضغط الذي يهدد نظاما بسط نفوذه في بغداد وعواصم عربية أخرى.
خطوات إقليمية متسارعة باتجاه “إسرائيل” يعتقد الواهمون بإجرائها، أنها كفيلة بإنقاذهم من خطر الزوال، خطوات كانت تنتظرها “تل أبيب” من قبل، لكنها الآن لا يعنيها تقارب المهرولين وصولا إلى التطبيع معها، فما يعنيها هو اختيار من تطبِّع العلاقات معه، وفق شروطها، التي لا تتعارض مع رغبتها في إسقاط الأدوات الإقليمية، واستبدالها بأدوات جديدة تتلاءم مع تنفيذ مخطط هيمنتها على الشرق الأوسط.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • جزائري - بشار

    نحن لا دخل لنا بايران ولتفعل ما تشاء مثلما يفعل العربان ببعضهم تفعل ايران وتفعل امريكا والصهاينة
    العربان يجرمون علاقات ايران مع الصهاينة وينسون انفسهم
    نفس الوقت يحاربون من يحارب الصهاينة حركات المقاومة بلبنان وفلسطين

    فالعربان لا هم مع ولا ضد
    لا وقفوا الى جانب مع من يطبع علاقته مع الصهاينة ولا مع من يرفضها ويحاربها
    بل العربان اختصاصهم تدمير وقتل بعضهم لاجل مصلحتهم الشخصية و يركعون للقوة
    مثل بنو اسرائيل قبل موسى وبعده ارسل الله لهم انبياء ورسل فقتلوا بعضهم وحاربوا الاخرين
    كانو يتبعون القوة دوما
    حتى لما خلصهم الله من بطش فرعون انكروا فضل الله
    فاذلهم الله وتركهم تائهين مشردين بالأرض

  • ساسي

    السعودية والامارات العربية والبحرين والكويت ومصر والاردن هي الدول الاكثر تمسكا بالتطبيع مع اسرائيل منذ 1938م
    فهذه الدول هي الان التي تقيم علاقات ودية وتجارية وديبلوماسية وعسكرية وامنية واستخباراتية مع اسرائيل للاسف الشديد
    علينا ان نكون اكثر احترافية ومهنية وصراحة في تسمية الاسماء بمسمياتها يا سادتي الكرام -الحق مر -

  • جمال الدين

    لا شك أن إيران المحاصرة عسكريا واقتصاديا تسعى بكل الوسائل إلى التخفيف من وطأة الحصار على شعبها وحلفائها وتحاول اتقاء شر اليهود لأنها تعلم أنهم أصحاب العقد والحل في مراكز اتخاذ القرار الغربي غير مساعيها تبقى في ظل الحفاظ على سيادتها الوطنية ولا تفرط في شرف و كبرياء الشعب الإيراني كما يفعل جيرانها في الخليج الذين لا يكترثون بحفظ ماء الوجه ويبيعون شرف شعوبهم لإسرائيل بابتذال مقرف.

  • جزائري حر

    أنت تتحدّث عن تطبيع العراق وتتناسى تطبيع الخليجيين واستقبالهم نتنياهو في سلطنة عمان وفرقا رياضية في قطر والامارات وكذا وزيرة الرياضة الاسرائيلية التي دنّست مسجد زايد. دول الخيج تستعدّ للتحالف مع إسرائيل ضد إيران وهي تصرّح بأن اسرائيل لم تعد عدوا بل "صديق "و"حليف جديد،" فلماذا بلعتَ لسانك ولم تتحدّث عنها صراحة؟ أم أنّ الدافع الطائفي هو الذي يحرّكك فقط للكتابة؟

  • مواطنة جزائرية

    لطالما أوهمت ايران كل العالم أنها ضد اسرائيل و أنها حامية حمى المسلمين و ذلك حتى تكسب ودهم باسم الدين بينما تتآمر في الخفاء ضدهم و لا سيما السنيين منهم حسبنا الله ونعم الوكيل على كل ظالم و خائن

  • ناصر

    رحم الله البطل الراحل صدام حسين