-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الانتصار بالقضاء لشرعية تفعيل المادة 102

حبيب راشدين
  • 1161
  • 0
الانتصار بالقضاء لشرعية تفعيل المادة 102
ح.م

بداية محاكمة من وصفهم قائدُ الأركان بـ”العصابة” لن تأتي بمفاجآت كبيرة من جهة المضمون، ولن يغامر الطرف المدَّعي، ولا الرؤوس الكبيرة المتابَعة أمام المحكمة العسكرية بنقل المحاكمة خارج ما هو واردٌ في لائحة الاتهام، إلا إذا حاول فريق الدفاع تسييسها بإعادة تكييف ما هو وارد من تهم، على أنها كانت محض اجتهادات من جهات مسؤولة ذات صفة في تعاملها تحت الضغط مع أزمة سياسية وأمنية طارئة.

هامش المناورة للطريفين سوف يكون ضيقا، إذ ليس من مصلحة الادِّعاء الخروج عن مضمون لائحة الاتهام، وتقديم ما بين يديه من شواهد وقرائن تُثبت التآمر على مؤسسة الجيش بما سبق أن ورد في شهادتي الرئيس الأسبق السيد زروال، والجنرال المتقاعد خالد نزَّار، بشأن الاجتماعات السرية التي جرت خارج مقار رئاسة الجمهورية، وما طُرح فيها من سيناريوهات كيدية، كان أخطرها على الاطلاق سعي شقيق الرئيس إلى الزج بالمؤسسة العسكرية في سياق يضعها حكما في حالة مواجهة غير آمنة مع الحراك الشعبي عبر إعلان الحالة الاستثنائية، أو إقالة قيادة أركان الجيش من جهةٍ مختطِفة للقرار الرئاسي.

ومن جهته، لن يكون من مصلحة فريق الدفاع الخروجُ عن النص بدفوعات سياسية ليس محلها المحكمة العسكرية، والتي قد تفتح على موكليه باب جهنم في القادم من محاكمات أعضاء الحكومات السابقة التي عملت تحت إمرة شقيق الرئيس والزمرة الفاسدة من الأوليغارك المنتفعة من فترة اختطاف شقيق الرئيس للقرار الرئاسي وعبثه بمؤسسات الدولة.

توقيت المحاكمة في الأسبوع الموالي لدعوة الهيأة الناخبة وتحديد موعد الاستحقاق الرئاسي القادم، يستجيب لاستحقاقٍ سياسي يحتاج إلى تثبيت القطيعة مع الحكم السابق، وقطع الطريق أمام بقايا العصابة، وإحباط رهاناتها على تمديد الأزمة، أو المناورة في الحد الأدنى لتأجيل المحاكمات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التي قد تفتح الباب أمام تفاهمات أو صفقات سياسية تغلق ملف المتابعة القضائية.

تسبيق المحاكمة العسكرية لرأس “العصابة” له ما يبرره أيضا من الوجهة القضائية البحتة، بملف ليس فيه تعقيد، ولا يحتاج إلى فترة تحقيق طويلة كما هو الحال بالنسبة للتهم الموجَّهة لرؤساء الحكومات السابقة وأعضاء من الجهاز التنفيذي وإطارات سامية في الدولة رفقة زمرة الأوليغارك، كما أن الفصل فيه سوف يساعد حتما على حرمان المتابعين أمام القضاء المدني من محاولة التستُّر خلف حجة الامتثال لجهةٍ مسؤولة، هي في نظام الحكم القائم رأس الجهاز التنفيذي، إذا ما أفضت المحاكمة العسكرية إلى أن رأس “العصابة” كان مختطِفا للقرار السيادي، يأمر وينهي باسم الرئيس المُغيَّب المختطَف.

غير أن أهم دافع للتسريع بمحاكمة رأس “العصابة” بتهمة التآمر هو إنتاجُ شرعيةٍ قضائية لقرار تفعيل المادة 102 وقطع الطريق أمام من يريد توصيف مبادرة مؤسسة الجيش بتفعيل المادة 102 بـ “الانقلاب على شرعية قائمة” قد تنجح المحاكمة في اثبات أنها كانت “شرعية مختطَفة” باتت تهدِّد أمن واستقرار البلد وسلامته، كانت توجب حتما على المؤسسة العسكرية تحمُّل مسؤولياتها الدستورية كما هي مفصَّلة في المادة 28 من الدستور.

توجيه تهمة التآمر على مؤسسة الجيش لطرفين أحدهما كان في موقع المسؤولية برئاسة الجمهورية (السعيد بوتفليقة والجنرال طرطاق) والثاني خليط من ضباط سامين متقاعدين من مؤسسة الجيش ومسؤولة حزب سياسي (الفريق توفيق والجنرال خالد نزار والسيدة لويزة حنون) كان منذ البداية يؤسس لمحاكمة تنتصر قضائيا لقرار تفعيل المادة 102 كإجراء دستوري سياسي وأمني لا يقبل التأخير، بإعادة السلطة إلى صاحب السلطة الأصلي، دون الحاجة إلى إسقاط الدستور، وتعطيل مؤسَّساته كما يحصل عادة في الانقلابات العسكرية، أو في ما يدعو إليه بعضُهم من إدارة البلد خارج أحكام الدستور في ما وصف بالانتقال الديموقراطي على الطريقة السودانية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!