-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التاريخ يُحيي الأمم وقد يقتلها

التاريخ يُحيي الأمم وقد يقتلها

الشاب الجزائري الأمازيغي الحرّ، المسلم الصادق، الوطني الصميم، العروبي الانتماء، رمضان حمود، استهَلَّ في غرداية في 1906، والْتَحَقَتْ وَرْقَاؤُهُ بعالَمِها الأسمى في 1929، فلم يقض في هذه الحياة إلا ثلاثًا وعشرين حِجَّة، ولكنَّه أُوتِيَ حِكْمَة مَنْ بلغ من الكِبَرِ عتيا، ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ [البقرة: 269].

لم يترك هذا الشابُّ الحكيم تُراثا كثيرا؛ إذ ما ترك إلا قصائدَ ومقطوعاتٍ شعريةً معدودة، وبعضَ التأملات، وقصةً قصيرة سمّاها «الفتى»، ولكن هذا التراث القليل لا يقال له: قليل، لأنه تميَّز وامتاز بالصدق، والعمق. وأغتنم هذه الفرصة لأشكر جزيل الشكر الأخ الكريم الدكتور محمد ناصر الذي عرَّفَنا على هذا الشاب بجمعه لتراثه ونشره في الناس، ولكننا لم نستثمره بشكل واسع ليعلم الناس أن «تربة الجزائر طيبة إذا وَاتَتْهَا الظروف» كما قال الإمام ابن باديس، الذي كان كبير الإعجاب بهذا الشاب، بينما كان كثيرٌ ممن اشتعلت رؤوسهم شيبا قوما بُورًا.

من أقوال هذا الشاب التي أرددها في كل مناسبة وطنية مقولته عن أهمية التاريخ الذي يعدّه «أفضل الفنون وأنفعَها لتربية النفوس وتثقيف العقول». (محمد ناصر: رمضان حمود… ص213)؛ هذه المقُولَة هي: «التاريخ يُحْيِي الأمم، وقد يكون قاتِلَهَا إذا شَرِبَتْهُ من كأس غيرها». (المرجع نفسه. ص214). إي وربِّي، إنه لَحَقٌّ، والشواهد على ذلك كثيرة.

إن آخرَ هذه الشواهد ما تَفَوَّه به هذا المسمَّى “سعيد سعدي” الذي ينطبق عليه مثلُنا الشعبي القائل عن أمثاله «يدَّعي الطبَّ ويموت بالعلَّة»، فصاحبُنا طبيبٌ نَفْساني، ولكنه أحوجُ الناس إلى من يعالج عُقَدَه النفسية، التي يبدو أنَّها «غير قابلة لِلْحَلِّ»، لأنها كما جاء في أحد الرسوم الكاريكاتورية وُجِدَتْ قبل أن يوجد علمُ النفس.

هذا الطبيب كما جاء في إحدى الجرائد يقيم حاليا في فرنسا، وأنا أعتبر كل من يقيم في فرنسا من غير ضرورة غيرَ سَويٍّ، ولعلَّهُ قدَّر أنه لكي تطول أيامُه في فرنسا عليه أن يُشكِّك في جرائم فرنسا في الجزائر، ومنها جريمة قتلها مليون ونصف مليون شهيد في الثورة التحريرية المباركة، إذ قال في حوار له مع جريدة فرنسية إن عدد الشهداء، وإن لم يستعمل مصطلح «شهداء» «لا يتعدى 400 ألف ضحية». (جريدة الشروق اليومي. 24/7/2023 ص3).

والأعجبُ في هذا “الدكتور” أنه يعتمد على أكبر مجرم من أعدائنا، وهو المجرم دُوغُول، الذي قُتِلَ من الجزائريين في عهده الأول (1940-1946) أكثر من 45 ألف جزائري، في يوم وبعض يوم، أما في عهده الثاني (1958-1962) فعَدَدُ الشهداء الجزائريين لا يعلمه إلا الله، وإن كان بعض الجزائريين قدَّره بمليون ونصف مليون.

إن شُهَدَاء الجزائر ما يزالون في ازدياد إلى الآن، لأن من الجزائريين من ماتوا، وما زالوا يموتون جرّاء الألغام التي وضعها هذا المجرم، وجرَّاء الإشعاعات النَّووية نتيجة التجارب النووية التي أجراها في الجزائر هذا المجرمُ الأكبر، الذي يفتقد المروءة والرجولة.. لأنه لو كان رَجُلًا ذا مروءة لما قابل من صَعَدَ على شجاعتهم وبطولتهم إلى “مجده الحقير” بمثل هذه الأفعال. أقول لك أيها الطبيبُ النفسي ما قاله الله –عز وجلّ- لأمثالك. ﴿ هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ﴾ [سورة آل عمران، الآية: 119]، فأنت مازلتَ في أعين الفرنسيين مجرد “أنديجان”، ولهذا لا تستطيع العيشَ في أرض الأمازيغ الأصلاء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!