-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعدما تصدّرت مغاربيا وإفريقيا في تصنيف "التايمز" 2024

الجامعات الجزائرية تتقدّم على طريق العالمية

إلهام بوثلجي
  • 4322
  • 0
الجامعات الجزائرية تتقدّم على طريق العالمية

استطاعت 23 جامعة جزائرية أن تحتل المراتب الأولى مغاربيا والثانية إفريقيا، في تصنيف “التايمز” لسنة 2024، وهو ما يعكس الجهود المبذولة من قبل وزارة التعليم العالي لتحسين مرئية الجامعات الجزائرية، ويدعو للعمل أكثر من أجل دخول التصنيفات العالمية.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد أعلنت منذ أسبوع عن إدراج 23 مؤسسة جامعية جزائرية ضمن ترتيب “التايمز” العالمي، لتصنيف مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، محتلة بذلك المرتبة الأولى على المستوى المغاربي والثانية على المستوى الإفريقي من حيث عدد الجامعات المدرجة ضمن هذا التصنيف العالمي لسنة 2024.

وقال المدير العام للبحث والتطوير التكنولوجي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بوهيشة محمد، على هامش دورة تكوينية حول التصنيف بمركز البحث في الإعلام العلمي والتقني، إن إدراج 23 مؤسسة جامعية جزائرية ضمن تصنيف “التايمز” يعد بمثابة “قفزة نوعية” للجزائر وذلك مقارنة بالسنة الماضية التي شهدت إدراج 13 مؤسسة جامعية، مشيرا إلى أن جامعة سيدي بلعباس تصدرت الترتيب على المستوى الوطني ضمن هذا التصنيف، تليها جامعتا سطيف وسكيكدة، مشيرا إلى أن جامعة سيدي بعباس تمكّنت من افتكاك المرتبة الثانية مغاربيا.

باحثون يرفعون مقترحاتهم للرفع من مرئية الجامعات الوطنية دوليا

وأرجع بوهيشة تحقيق هذه النتائج الإيجابية إلى عدة عوامل، لاسيما بعد تنصيب اللجنة الوطنية لترقية مرئية وتصنيف مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي خلال السنة الفارطة، والتي تتولى مهمة توضيح وشرح طرق إدخال المعطيات المتعلقة بالمؤسسات الجامعية ضمن قواعد البيانات الخاصة بالتصنيفات العالمية، على غرار تصنيف “التايمز”، بالإضافة إلى مهامها المتعلقة بتوضيح أساليب نشر الأبحاث العلمية بمختلف المجلات الدولية.

وبدوره، شرح رئيس اللجنة الوطنية لترقية مرئية وتصنيف مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، حكيم حاريك، بأن 86 مؤسسة جامعية تقدّمت من أجل إدراجها ضمن هذا التصنيف، ليؤكد بأن إدراج 23 مؤسسة جامعية ضمن تصنيف “التايمز” هو نتيجة إيجابية من شأنها تحسين مرئية وتصنيف الجامعة الجزائرية على المستوى العالمي، ولفت إلى أن تصنيف “التايمز” يعد من أحسن التصنيفات العالمية التي ترتكز على عدة معايير، منها جودة التكوين وبيئة البحث وجودته وعلاقته بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي.

هذه هي معايير ومؤشرات الدخول لتصنيف “التايمز”

وفي السياق، أكد البروفيسور رضوان بلخيري، مدير مخبر البحث في دراسات الإعلام والمجتمع بجامعة تبسة في تصريح لـ”الشروق”، بأن التصنيفات العالمية للجامعات تعد من أهم الوسائل التي يتم من خلالها الحكم على المستويات الأكاديمية في قطاع التعليم العالي، وفقاً لمعايير وشروط يتم تحديدها بموضوعية علمية، ويتجه كل مؤشر تصنيفي لوضع ترتيب تسلسلي للجامعات قصد توضيح مدى توافر الشروط العلمية والبحثية الضابطة لجودة البيئة التعليمية على مستوى عالمي.

وأشار بلخيري إلى أن تصنيف “التايمز” البريطاني يعد أحد أبرز التصنيفات العالمية موضوعية وشفافية في الحكم على مستوى الجامعات في العالم، وهذا من خلال خمسة معايير للتقييم، منها عدد الاستشهاد العلمية وهي دلالة على التأثير البحثي للجامعة، والذي يشغل ثقلاً في التصنيف بنسبة تبلغ 30 %، حيث يتم من خلال هذا المؤشر حساب العدد الكلي للاستشهادات الخاصة في أبحاث الجامعة المنشورة والموثقة، وتحديد مجالات تلك الأبحاث لتكوين صورة واضحة وشاملة عن نوعية الأبحاث الأكثر استشهاداً من قبل الباحثين على المستوى العالمي ككل.

أما المعيار الثاني -يضيف محدثنا- فيخص عدد الأبحاث وسمعة المؤسسة، والدخل المتأتي منها، ويشغل هذا المعيار بجزئياته ما نسبته 30% من مجموع النقاط الكلي للتقييم، ثم يأتي معيار البيئة التعليمية، ويتم من خلاله تقييم واقع حال البيئة الجامعية باستخدام عدة مؤشرات فرعية بنسبة 30% من نقاط التصنيف، ويضاف للمعايير السابقة معيار آخر لا يقل أهمية عن البقية وهو النظرة العالمية للجامعة، ويشكّل هذا المعيار ما نسبته 7.5 % من مجموع النقاط الكلي للتصنيف، ويحدّد هذا المعيار كفاءة الجامعة في استقطاب الطلبة والباحثين والمدرسين الأجانب، أما المعيار الأخير، وهو الدخل المالي الناتج عن التعاون مع القطاع الصناعي والإبداع ويشكّل ما نسبته 2.5% من مجموع النقاط الكلي للتصنيف، ويحمل هذا المعيار -يقول بلخيري- مدلولات مهمة حول نشاط وفاعلية نقل المعلومات في الجامعة، وتوافر عناصر الربط مع الصناعة، مما يعزز رغبة الجهات الصناعية في الدولة باستقاء المعرفة من الجامعة والتعاون معها في جو من الثقة الخلاّقة، كدليل على كفاءة الجامعة ومقدرتها على استقطاب الدعم المادي من القطاع الصناعي.

من جهته، يرى مصطفى بن حموش، أستاذ التعليم العالي بجامعة البليدة 1، بأن معايير تصنيف “التايمز” ترتكز أساسا على الإنتاج الأكاديمي عن طريق البحث والنشر العلمي وبراءات الاختراع، والتي يتحكم فيها أصحاب التخصصات، ويتم تحيين تخصصهم ومعرفة آخر المستجدات، كما يتعرف المجتمع على الجامعات الرائدة في التخصص، بقصد التعامل والتعاقد والمتابعة، بالإضافة إلى معيار جودة التعليم والإنتاج العلمي لأعضاء الجامعة بأسمائهم الخاصة، والتي تكون عادة بحسب مدى ذكرهم في البحوث الأخرى، أي نسبة الاستشهاد والرجوع إلى أعمالهم الأكاديمية والبيداغوجية، إلى جانب معيار انفتاح الجامعات على الخارج ووجود الأساتذة الأجانب في الجامعة، والطلبة الدوليين أيضا.

الإنجليزية والرقمنة ولجنة مرئية الجامعات.. عوامل للتقدم

وأكد أساتذة باحثون لـ”الشروق”، على أن ما حققته الجامعات الجزائرية من مراتب متقدمة في التصنيف المغاربي والإفريقي يرجع بالدرجة الأولى للمشاريع التي أطلقتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مؤخرا، في سبيل إخراج الجامعة من دورها الكلاسيكي، لاسيما من خلال العمل على مرئية الجامعات وإدراج اللغة الإنجليزية وتشجيع البحوث وتكييف الجامعة مع المحيط الاقتصادي.

وفي السياق، أكد عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة المسيلة، الدكتور تقي الدين يحيى، بأن النتائج المحققة في تصنيف “التايمز” العالمي للجامعات الجزائرية يعود إلى الرؤية الاستراتيجية والمستقبلية التي تبنتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، من خلال استحداث اللجنة الوطنية لترقية مرئية وتصنيف مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، التي تقوم –يقول- بدور هام في ترقية وتعزيز تواجد المؤسسات الجامعية الجزائرية في مختلف التصنيفات العالمية، مشيرا إلى أن المخطط الاستراتيجي الذي تبناه وزير القطاع تتوافق أهدافه مع أغلب المؤشرات المعتمدة في التصنيفات العالمية، وهو الأمر الذي سيسهل لامحالة تحقيق نتائج جد مرضية في مختلف هذه التصنيفات.

من جانبه، يرى مصطفى بن حموش أستاذ التعليم العالي بجامعة البليدة 1  أن الجامعات الجزائرية شهدت مؤخرا، تقدما طفيفا في التصنيف الجامعي العالمي، مقارنة بالسنوات السابقة، حيث لم يكن هناك اهتمام بالتصنيفات العالمية، وذلك بسبب عدم إلمام الكادر الإداري بهذه المسألة وتهميشهم لها، إلا أن ذلك تغير كليا خلال السنوات الأخيرة خاصة مع إنشاء الصفحات الخاصة بالجامعات، إذ أصبحت نسبة المرئية العالمية أكثر، مما سمح للجامعات بالدخول في قائمة التصنيف.

ولفت المتحدث إلى أن نظام الترقيات إلى الدرجات الجامعية العليا وقواعد مناقشة الدكتوراه، كان لهما الأثر المباشر في الدخول في التصنيفات، خاصة مع المجلات الدولية المصنفة “أ” و”ب” و”ج”، إلى جانب نظام المخابر الذي يقوم على تجميع الباحثين في فرق بحث والحصول على ميزانيات مالية معتبرة، حيث استطاعت بعض المخابر البروز على الساحة الدولية، كما برزت أسماء أكاديمية تقود تلك المخابر، بعد أن كانت تشتغل بطريقة فردية ومنعزلة.

وأفاد بن حموش بأن الرقمنة ساعدت على فتح الطريق للتصنيف العالمي، ولكنها تحتاج إلى جهود ضخمة لإرسائها في مختلف الأنشطة الجامعية من إدارة وتعليم وبحث وبنية تحتية، حيث لا تتوفر بعض الجامعات –حسبه- على شبكة إنترنت داخل الحرم الجامعي ولا الأقسام ولا الإدارة.

وإلى ذلك، قال البروفيسور رضوان بلخيري أستاذ التعليم العالي بجامعة العربي تبسي بتبسة إن الجامعة الجزائرية حققت وفي خطوة غير مسبوقة قفزة نوعية في الترتيب العالمي بين الجامعات، إذ احتلت المرتبة الأولى مغاربيا والثانية إفريقيا، إذ استفادت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من التجارب السابقة، ولفت إلى أن سياسة الوزارة الرامية للانفتاح على المحيط الاقتصادي والاجتماعي وخلق شراكات مثمرة مع مختلف المؤسسات الفاعلة في الوطن، كانت سببا  رئيسيا في هذا التحول.

ووصف المتحدث هذا الترتيب الذي أحرزته الجامعات الجزائرية بـ”المشرف جدا” وهذا لأنها نافست ضمن 2673 جامعة تقدمت ببياناتها لتصنيف “التايمز” الجديد من 127 دولة، فيما أقصيت 769 جامعة لم تستوف الشروط، وهو الأمر الذي ساهمت فيه –يقول- الاستراتيجية الجديدة للوزارة وعملت عليه اللجنة الوطنية لترقية مرئية وتصنيف مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي من خلال الخرجات والزيارات الميدانية المكثفة التي قامت بها على مستوى مختلف الجامعات، لإعطاء القائمين على تسيير الجامعات أهم الخطوات وشرح مختلف الجوانب اللوجيستية التي تزيد من مرئية وتصنيف الجامعة.

وأضاف البروفيسور بلخيري بأن تعميم اللغة الإنجليزية على مستوى الجامعات سواء في العملية التدريسية أو حتى العمل الإداري والإلكتروني والنشر العلمي ساهم أيضا في الوصول إلى هذه المراتب، كما ألزمت الوزارة كافة أطياف الأسرة الجامعية من أساتذة وطلبة باحثين في ما بعد التدرج بضرورة وضع مختلف الأعمال العلمية والمنتجات على مختلف المنصات الإلكترونية التابعة لموقع الجامعة قصد تعزيز مرئية الجامعات، وهو من بين المؤشرات الأساسية المعتمد عليها في التصنيف الأخير، بالإضافة لما حققته دور المقاولاتية التي أنشئت مؤخرا في تحسين مرئية الجامعة من خلال التعاون بين القطاع الاقتصادي والصناعي، حسب محدثنا .

هذه هي آليات الرفع من ترتيب الجامعات الجزائرية عالميا

وقدم الباحثون عدة مقترحات وآليات للرفع من ترتيب الجامعات الجزائرية عالميا، حيث يرى البروفيسور بلخيري رضوان بأن معايير التصنيف الخاص بالتايمز لابد أن تشكل حافزا مهما لجامعاتنا لحجز مقاعدها بين الجامعات العالمية، والانتقال للمنافسة النوعية بدلا من الكمية وفقا لمتطلبات العصر، داعيا إلى ضرورة تكاتف الجهود كل من مكانته ومنصبه في سبيل العمل على ترقية الجامعة وتحسين مرئيتها، لأنه بترقية الجامعات إلى العالمية سيصبح للجميع مكانة مرموقة دوليا.

وأضاف نفس المتحدث: “نأمل أن نشهد القفزة النوعية في تصنيف جامعة جياو جونغ شنغهايARWU، وتصنيف ويبومتركس Webometrics CSIC الإسباني لتقييم الجامعات والمعاهد، والتصنيف الدولي للموقع الإلكتروني للجامعات والكليات على الشبكة العالمية ICU 4”.

وبدوره، أشار البروفيسور بن حموش إلى أن هناك عدة عوامل يمكنها أن تساهم في التقدم في التصنيفات العالمية، مركزا على ضرورة تحسين الظروف المادية للأستاذ من حيث الحياة الاجتماعية لكي يتفرغ للبحث والتعليم كلية، ابتداء من الرواتب والسكن إلى غاية ميزانيات البحث والنشر وإرساء قواعد أكثر  شفافية في التعيين والتوظيف والمتابعة والترقيات، مع التخلص من السياسة العددية للطلبة وتثمين التعليم بفرض رسوم التسجيل وفق المعيار الاقتصادي للسوق، مع مراعاة الحالات الاجتماعية والانفتاح على العالم الأكاديمي العالمي والسماح بالتوظيف للأساتذة الأجانب، من جهة وكذلك الطلبة الأجانب مع دفع الرسوم وفق المعايير العالمية.

وأشار نفس المتحدث إلى أهمية التصنيفات في خلق التنافس بين للمؤسسات الجامعية، والتي بدورها تؤدي إلى رفع الكفاءات والمردودية في البحث والتعليم، مضيفا بأن الجامعة جزء من آلة الاقتصاد وبهذا فالتصنيف الممتاز يمنح الجامعة دورا رائدا في السوق وفي الابتكار والتكنولوجيا، كما أنه يؤدي لرفع جاذبية الجامعات ما ينعكس على المداخيل المالية العالية من رسوم التسجيل  والحصول على الدعم من الشركات الاقتصادية التي بدورها تساعد على دفع تكاليف جهود التعليم والبحث العلمي والسعي للريادة.

أما الدكتور تقي الدين يحيى، فقد أكد بأن العمل وفق تحقيق مختلف المؤشرات المرتبطة بهذه التصنيفات، من شأنه أن ينعكس بالإيجاب على حركية البحث العلمي والتقدم التكنولوجي في البلاد، وأن يحقق بطريقة غير مباشرة الأهداف التنموية بناء على رؤية علمية وبحثية وإبداعية، داعيا كل الأساتذة للانخراط في النشاط البحثي العالمي من خلال النشر باللغة الإنجليزية في مختلف قواعد البيانات العالمية، لاسيما “السوكبيس”، وهو الأمر الذي يضع الأسرة الجامعية أمام رهان بذل المزيد من الجهد لتحقيق نتائج أكثر تفوقا، خاصة أن كل الإمكانيات والظروف المرتبطة بالمرافقة في عملية النشر موجودة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!