-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر في مواجهة تحديات جيو إستراتيجية

بقلم: عبد الرحمان مبتول
  • 1212
  • 0
الجزائر في مواجهة تحديات جيو إستراتيجية

إنّ كل سياسة اقتصادية واجتماعية مستقبلية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التحولات والتغيرات التي يشهدها العالم حتى نتأقلم مع هذا العالم الدائم التغيير والحركة، ومن أجل تجنب أن نهمش لأنّه في هذه الحالة لا يمكننا تجنب تدعيم الفضاءات الإقتصادية سواء كان ذلك في آسيا (أبيك) أو أمريكا (ألينا) أو في أوربا التي تتوسع شرقا وجنوبا من خلال الخارطة الأورومتوسطية المستقبلية، إذ أنّ عملنا باتّجاه الخارج من خلال تشجيع إنشاء مركز ثقافي وجامعة أورومتوسطية يكونا مقرا للحوار بين الحضارات وتلاقح الثقافات وإنشاء بنك وبورصة أورومتوسطية في آفاق 2022/2025 لتسهيل انتقال الأملاك والأشخاص والاستثمار في هذا الفضاء الأورومتوسطي.

-1-

وفــي مرحلة انتقالية، فإنّ العمل الإستراتيجي ستتمثل في دعم الفضاء الأورومتوسطي لأنّ محاولة العمل فرديا يعدُّ انتحارا، وتكون نتيجة هذا الدعم تنسيق للسياسات الاجتماعية التربوية والاقتصادية والضريبية والجمركية والمالية من خلال عملة وبنك مركزي مع الأخذ بعين الاعتبار الامتيازات الخاصّة بكل بلد.

ولأنّ القارّة الإفريقية تمثل مبادرة “النيباد” فضاء مهمّا للاستثمار، فإنّ الجزائر باعتبارها من الدّول التي تبنّت هذه المبادرة وكانت من الذين يدعون إليها، ستواصل جهودا هامة دبلوماسيا مواصلة لما بدأته من عمل من أجل استرجاع الجزائر صورتها على الصعيد الدولي بتكثيف الاتّصالات الدبلوماسية مع قارة أمريكا وخاصة الولايات المتحدة وفي أوربا وفي آسيا (روسيا والجمهوريات السوفياتية سابقا) وكذلك العالم العربي وإفريقيا لدعم وتوطيد التعاون بين الجزائر والشمال وبين الجزائر والجنوب. إنّ المؤسسات تتركز في الأماكن التي تكون فيها المصلحة الأكبر، ففي منطق الأعمال لا يوجد مكانٌ للمشاعر، خاصة أنّ القرن الواحد والعشرين يشهد سيادة وغلبة الشبكات المتقاطعة في العلاقات الدّولية، مما يتطلب سياسة خارجية متميزة بإعادة تكييف دبلوماسيتنا حتى تصبح أكثر نشاطا وتعتمد بشكل كبير على المنظمات غير الحكومية لاستعادة الجزائر صورتها وسمعتها وتشجيع الأعمال.

في منطق الأعمال لا يوجد مكانٌ للمشاعر، خاصة أنّ القرن الواحد والعشرين يشهد سيادة وغلبة الشبكات المتقاطعة في العلاقات الدّولية، مما يتطلب سياسة خارجية متميزة بإعادة تكييف دبلوماسيتنا حتى تصبح أكثر نشاطا وتعتمد بشكل كبير على المنظمات غير الحكومية لاستعادة الجزائر صورتها وسمعتها وتشجيع الأعمال.

على الصعيد الدّاخلي، يتعلّق الأمر بإعادة بناء الثقة بفضل دولة القانون وتطبيق قرارات التقرير الخاصّ بإصلاح هياكل الدّولة ووضع حد للانطلاق الذي يحكم العلاقة بين المواطن والدّولة الذي تتمثل أسبابُه في عدم احترام السلطات العمومية لالتزاماتها منذ عقود طويلة وكذلك تدهور ظروف حياة المواطن الذي تزيد من معاناته السياسات الاقتصادية والاجتماعية غير المناسِبة والفوضوية التي تتسبَّب في التبذير المتزايد للموارد الضعيفة المتوفرة. وهكذا فإنّ لغة الحقيقة بواسطة إعلام نشيط يتبنى لغة يفهمها الشعب خاصّة وأنّ العالم قد أصبح منزلا من زجاج بسبب ثورة عالم الاتّصالات. هذه اللّغة يجب أن تظل انشغالا دائما للدّولة.

ويدخل تحرير وسائل الإعلام والفن والتسلية والثقافة في إطار تفتّح الطاقات المبدعة، إذ يتعلّق الأمر بإعطاء الأمل من جديد للشعب، كما أنّ إقامة دولة القانون المرتكز على العود إلى الأمل، تتطلب أعمالا مجسَّدة في مكافحة الرشوة والمحاباة والجهوية وعلاقات العمل التي ابتعدت كثيرا عن الشفافية.

ومن تجسيد طموحات المواطنين الجزائريين يستلزم وضع ميكانيزمات جديدة لتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية باشتراك المجتمع المدني. هذه ضرورة تتطلّبها عصرنة وتحديث جيشنا الوطني وقوات الأمن عندنا بإعطائهم الوسائل اللاّزمة لأداء مهامهم بدون عقد، مثلما يجري في كل أصقاع العالم.

وهكذا، فإنّه من المرجو أن يوضع قانونٌ حول الأمن ويكون ثمرة تشاور واسع بين الهيئات المعنية الأساسية ويأخذ بعين الاعتبار الوضع الدّاخلي بالجزائر وكذا التطوّرات الدّولية.

ومن أجل السماح بعمل منظم ومنسَّق في الزمن، يجب وضع قانون برمجة مدّته خمس سنوات لضمان تجنيد الوسائل المالية والبشرية وتخطيط إستراتيجي لعصرنة الجيش وقوات الأمن كما يحدث في أي بلد ديموقراطي بالتناغم والتنسيق مع إقامة دولة القانون.

كما ينبغي مكافحــــــة الرّشــــوة بميكانيزمـــــات شفافـــــة ،وهذا من خلال التنسيق بين المفتشيات العامّة خاصة المالية ومحكمة المحاسبة وتنصيب شبكات الإعلام الآلي للربط بين الجمارك والضرائب وإدخال الإعلام الآلي لدى الجمارك والموانئ والمطارات والمؤسسات من أجل شفافية أكبر.

ويضاف إلى هذا التخفيفُ من الإجراءات القانونية للحصول على السجلّ التجاري ممّا يتطلب تظافر جهود عدّة جهات.

-2-

إنّ العلاقات بين الجزائر وحلف الشمال الأطلسي (ناتو) واللّجنة الأوروبية للدّفاع والاقتصاد يجب أن تتدعم من أجل جعل حوض المتوسط منطقة سلام ورفاهية لصالح شعوب المنطقة، ودائما في مجال إقامة دولة القانون، ونظرا لما يشهد من خلل في مجال التشريعات، نقترح ما يلـــي:

أ. إعادة التفكير في مجموع النصوص التشريعية خاصّة منها قانون الولاية، لتحقيق لامركزية وجهوية القرارات الاقتصادية التي تعدُّ أساس اقتصاد السوق، ويتمّ ذلك على خمس مستويات.

اللاّمركزية على مستوى المجالس البلدية وإلغاء الهياكل الإدارية الوسيطة مع الأخذ بعين الإعتبار خصوصيات مناطق الجنوب.

تقليص العدد المتزايد لشركات تسيير المساهمات وكذا شركات المساهمات وكل الهياكل الإدارية المشابهة (كالهولدينغ مثلا) التي تحدد التسيير الذاتي واستقلالية المؤسسات العمومية وحركة رؤوس الأموال إذ تعتبر عائقا أمام تحرير هذه المؤسسات.

ب. إنشاء مجالس جهوية تفتح ملف التسيير الجهوي الذي لا يجب دمجه في مصطلح الجهوية، وهذه المجالس عليها أن تنشط في مختف القطاعات في إطار تعاون وثيق بين غرف التجارة الجهوية، بما فيها رجال الأعمال الخواص أو العموميين، ويشمل هذا التعاون والتنسيق البنوك ووكالات التأمين والجامعات ومخابر البحث والإدارة المحلية، ويبقى الهدف هو إتاحة مشاركة الشعب في صنع مصيره دون انتظار الهيئات الإدارية العليا. ومعلوم بأنّ المجالس الجهوية سوف تعمل في إطار الامتيازات التي تخص كل جهة من خلال توجيه انتقائي بحيث يكون الاستثمار لا مركزيا على مستوى العملاء الاقتصاديين ويكون الوالي -باعتباره ممثل الدّولة- مكلفا بالهياكل الإدارية وليس له صلاحية التدخّل في الجانب الاقتصادي.

ج. تُسند للدّولة مهمّة التنظيم الشامل وتُعفى من وظيفة المالك المسيِّر، وبهذا تعمل الدّولة كهيئة منظمة في إطار تهيئة الإقليم بالمحافظة على البيئة بمساعدة المجالس الجهوية من خلال سياسة نشيطة لمكافحة التصحُّر بالتشجير والتوجيه عبر نِسب الربح والضرائب والتعريفات الجمركية.

د. إنشاء مختبر كبير لتلقّي ومعالجة وتحليل المعلومات المتخصِّصة مستقلّ عن الحكومة لتفادي المناورات الحزبية بحيث تكون الجامعة طرفا فعّالا في هذا المختبر.

-3-

إنّ إصلاح العدالة مرتبط بإقامة دولة القانون والأمن، وعليه أن يستجيب لمطالب وطموحات المواطنين، وهذا الإصلاح للعدالة يجب أن يوفق بين تسيير جيّد يأخذ بعين الاعتبار القانون الدّولي وبين اندماج المجتمع الجزائري في العولمة وفي الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد خاصّة في مجال إقامة قواعد اقتصاد السوق المرتكزة على احترام العقد وإعطائه طابعا إنسانيا لتفادي صعوبات الولوج إلى هذا الاقتصاد.

إنّ دعم استقلالية القضاء يجب أن يؤسِّس لمصداقية الدّولة في نظر المواطن، والعدالة في إطار تعاون وثيق بين مجموع المجتمع على أسُس التشاور والحوار من خلال العائلات ومنظمات المجتمع المدني والمختصّين في عدّة مجالات، كما أنّه يجب الاهتمام بالطموحات المشروعة للمواطن وهذا لمواجهة الانحراف لتسهيل إعادة اندماج السجناء في المجتمع، ويتطلب أيضا تعاون كبير بين مختلف مصالح العدالة والشرطة وقوى الأمن المختلفة لمكافحة الآفات الاجتماعية كعصابات الأشرار وتهريب المخدّرات والاختلاسات المالية، ممّا يتطلب إقامة هياكل جديدة وتكوين متطور يتماشى مع التكنولوجيا والقواعد القانونية الدّولية.

من أجل أن تحتفظ الجزائر بدورها كلاعب استراتيجي في استقرار حوض البحر الأبيض المتوسط.

هناك حاجة إلى إصلاحات عميقة لأنه في القرن الحادي والعشرين، القوة الاقتصادية هي الحاسمة.

مع وجود منافسة كبيرة في إفريقيا، حتى تتمكن من التصدير، هناك حاجة إلى الشركات العامة والخاصة التنافسية التي تتقن التقنيات الجديدة.

ومن أجل جعل الجزائر متناسقة مع الاقتصاد العالمي علينا تجنب الديماغوجية والهروب إلى الأمام والنظرة الموحدة لأنّ المجتمع يعيش البيروقراطية يسير بعلاقات مع الزبائن تحكمها عقلية (البايلك) تنتهي إلى اللامسؤولية الجماعية والتّدهور الاجتماعي.

إنّ جزائر ستكون تلك التي يريدها الجزائريون والجزائريات وبكل تفاؤل ستكون متميّزة بتنمية في مجال الدّيمقراطية لأنّه بشكل عامّ يبقى مستقبل البلاد مرتبطا بالتأقلم مع المتطلبات الجديدة ممّا يفرض وجود مقاولين مجددين يسمحون للجزائر اختراق التنافسية الدّولية ونموا اقتصاديا وبالتالي خفض البطالة والفقر.

ومن أجل جعل الجزائر متناسقة مع الاقتصاد العالمي علينا تجنب الديماغوجية والهروب إلى الأمام والنظرة الموحدة لأنّ المجتمع يعيش البيروقراطية يسير بعلاقات مع الزبائن تحكمها عقلية (البايلك) تنتهي إلى اللامسؤولية الجماعية والتّدهور الاجتماعي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!