-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قراءات مع الدكتور فاضل السامرّائي

الحلقة الثانية والعشرون: الإفراد والتثنية والجمع (1)

الحلقة الثانية والعشرون: الإفراد والتثنية والجمع (1)

قد يستعمل القرآن الكريم المفرد في موطن ويستعمل المثنى في موطن آخر يبدو شبيها بالأول. وقد يستعمل جمعا في موطن ويستعمل جمعا آخر للمفردة نفسها في موطن آخر، وقد يستعمل المفرد في موطن هو من مواطن الجمع، وما إلى ذلك من المواطن التي تستدعي التأمل والنظر.

فمن ذلك قوله تعالى: ((فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِين)) (الشعراء: 16)، وقوله: ((فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيل)) (طه: 47)، وقوله: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) (الزخرف: 46).

فقال في آية الشعراء: (إنا رسول رب العالمين) بالإخبار بالمفرد عن المثنى. وقال في آية طه: (إنا رسولا ربك) بالإخبار بالمثنى عن المثنى. وقال في الزخرف: (إني رسول رب العالمين) بالإخبار بالمفرد عن المفرد.

وبالرجوع إلى سياق الآيات يتضح سبب الاختلاف؛ ففي سورة الشعراء ورد ذكرٌ لهارون مع موسى، غير أن القصة مبنية على الوحدة لا على التثنية، فقد قال على لسان موسى: ((قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ * فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيل)) (الشعراء: 12- 17). ثم ينتقل إلى الوحدة: ((قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ)). ويستمر النقاش مع موسى وحده: ((قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ))، ((قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ))، ((قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ))، ((قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)).. ثم يوجه فرعون الكلام إلى موسى مهدّدا له: ((قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ))، قال له موسى: ((أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ))، قال: ((فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ))، ((قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُون)).

في حين بنى الكلام في سورة طه على التثنية: ((اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)) (طه: 42- 43)، ويستمر الكلام على التثنية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!