-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحوار.. لا “القزول”

حسين لقرع
  • 2140
  • 9
الحوار.. لا “القزول”

تؤكد طريقة معالجة أحداث تڤرت أن هناك خللاً كبيراً في التواصل بين السلطة والمواطنين بمختلف أنحاء الوطن، ونقصاً في الحوار، وغياباً للثقة بين الطرفين.

لقد أظهرت طريقة معالجة الاحتجاجات الشعبية المتفاقمة التي أصبح عددُها يتجاوز الـ10 آلاف سنوياً، وهو بالمناسبة رقمٌ مهول يستدعي القيام بدراساتٍ اجتماعية وسياسية معمّقة، أن الحوار غائبٌ بين السلطات والشعب، حتى على المستوى المحلي، ولو كان الحوار والتواصل قائمين بشكل فعّال، لما احتاج وزيرُ الداخلية والمسؤولون السامون فيالدولة في كل مرة إلى التنقل إلى مختلف مناطق الوطن وإعلان الاستجابة لمطالب المحتجّين وانشغالاتهم لتهدئة الأوضاع وامتصاص غضب المواطنين.

 هل كان حتماً مقضياً أن يُقتل ثلاثة مواطنين ويُجرح 52 آخرون في مواجهات دامية بتڤرت، حتى يعلن وزير الداخلية الاستجابة َ للمطالب العادلة والمشروعة لشبّانها؟ ماذا طلب هؤلاء غير حقهم في الحصول على أراضٍ للبناء وماء الشرب والشغل في عاصمة البترول؟ هل هذه مطالب تعجيزية حتى تقابلها السلطات المحلية باحتقارٍ وتجاهل أثارحفيظة السكان ودفعهم إلى الدخول في مواجهات عنيفة مع الأمن؟

 يمكن أن نفهم تشدّد السلطات المحلية بالعاصمة والمدن الكبرى الآهلة بالسكان في توزيع قطع أرضية للبناء بسبب ندرة الأوعية العقارية فيها، ولكن كيف تكون هناك مشكلة ندرة عقار في تڤرت والصحراء الكبرى حتى تتماطل سلطاتها المحلية في الاستجابة لمطالب شبانها وفي الوقت نفسه تمنح الهكتارات للنافذين تحت غطاء “الاستثمار”المزعوم؟

 لو كانت هذه السلطات تعقل، لاستجابت لطلب شبّانها وعملت على مساعدتهم بمِنَح البناء الريفي لتثبيتهم في مناطقهم، ولكنها تماطلت ولم تحاور المحتجّين بالجدية اللازمة وفضلت الحل الأمني للاحتجاج، بعد أن تفاقمَت المظاهرات وأغلق الشبان المحتقنون الطرقات الرئيسة للمدينة، فحدثت المأساة.

 لا بدّ أن تعيد السلطة النظر جذرياً في كيفية معالجة الاحتجاجات وتتوقف عن تسييرها أمنياً، هناك سوء تسيير واضح لمقاليد البلد وتوزيع غير عادل لثروات الشعب وفسادٌ ونهب بحيلٍ مختلفة، ومن غير المعقول أن تعمد السلطة إلى معالجة نتائج ذلك بـ”القزّول”؛ فمن الطبيعي أن يخرج المواطنون للاحتجاج على ما يرونه من اعوجاج ويطالبونبالتوزيع العادل لقطع الأراضي والسكنات الاجتماعية ومناصب الشغل والكفّ عن الظلم ومحاباة الأقارب والأصدقاء واستعمال النفوذ للحصول على مكاسب غير مستحقة… على السلطات العمل على معالجة الأمر جذرياً من خلال محاربة تفاقم الفساد وتغوّل النفوذ وليس معالجة نتائجه الوخيمة بهراوات الشرطة.

 ليس من الحكمة أن تواجه السلطة مطالب المواطنين بالأمن، إلا من باب الاستثناء والضرورة القصوى.. هذه المطالب ينبغي معالجتُها بالتي هي أحسن، أي بالحوار والتقرّب من المواطنين؛ وإذا كان بمقدورها تلبيتها فلتفعل في الوقت المناسب، فذلك أفضل من أن تمتنع عن تلبيتها وتماطِل وتسوّف من دون وجه حق، ثم تفعل ذلك تحت ضغطالشارع، وتفتح أبواب جهنم على نفسها في كل مكان بالوطن.

 مأساة سقوط ثلاثة شبان في تڤرت ينبغي أن تكون درساً بليغاً يستخلص منه المسؤولون في مختلف المواقع العِبر اللازمة لمعالجة أيّ احتجاجات اجتماعية في أيّ منطقة بالوطن؛ فالوضع محتقن في أكثر من جهة، ولا بدّ من معالجته بالحكمة والحوار، حتى لا تتكرر المأساة في أماكن أخرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • بدون اسم

    يا ريت عندنا سلطان جائر فقط و لكن ... و شعب تحت رحمة العذاب و أنت ترى ذلك إلا إذا لم تريد رؤيته أما العبارات المعبأة أو الجاهزة أو المنقولة من الكتب أو نابعة من فكرة يبطأ و قلم يسرع و ليس العكس ... لا ندري من أين أتى بها صاحبها من فكره أو سرقها لابد علينا من الحجة و إلا فسوف نحن الذين نقذف الشيء المهم نحب و نريد أن نبقى مثل بوكوار و ليس كالنحلة و كل من يحاول تغيير الواقع بفكرة أو نصيحة يرمى ، عالم النحل غير عالم بوكوار و لكن صعب الفهم و الإستعاب و أنت مختص في الأمثال أكيد فهمت المعنى جيدا جيدا

  • عامر بولقْـــعامر

    شكر لك يا أستاذ حسين على المقال البلسمي حول موضوع الحلقة
    المفقودة بين الرعية والرعاة ..وكدت أقول عجلة القيادة المنفصلة عن
    المركبة !!
    ورغم ذلك سيقول الإمعيون أصحاب العبارات المعبأة الجاهزة :
    (سلطان جاير ولا بلاد مهملة !! )
    وأحسن من هذا المثل الشعبي قوله تعالى :
    { اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ...}

  • نورالدين الجزائري

    إليه لأنه يحتاج إلى : ثقافة يتعلم كيف يتعلم ! حتى لا نعجز عن فهم تصديق و الإصغاء لأهل الحق إذا نادوا علينا . {... و أمرهم شورى بينهم ...} 38 الشورى . فكلما وقعت بأهل العدل واقعة اجتمعوا و تشاوروا إلا هادوا لأرشد أمرهم. فشاورهم في الأمر صفة جليلة في تلقيح الرأي بأراء و تجارب القوم، و العين ترى الشيء القريب و البعيد و لكنها عاجزة بنفسها أن ترى نفسها إلا بمرآة الغير ( الجماعة )
    شاور سواك إذا نابتك نائبة ... يوما و إن كنت من أهل المشورات
    فالعين تنظر منها مادنا و نأى ... و لا ترى نفسها إلا بمرآة

  • نورالدين الجزائري

    هو أقل منه درجة كما ينفذ أمر مَن هو أكبر منه درجة ... لكن المشكلة : مشبكة و داخلا بعضها ببعض ! هناك عوامل و عوائق ... و بالمختصر ؟ الرأي الحقيقي فيه مشكلة : يكون مثل العسل و فيه الإبر ! فيرفض العسل بسبب الإبر ، فعندما نرجع مثلا لكلمة : وزير معناها من الوَزر و هو الذي يحمل أثقال رعيته ، و لكن أصبحت المسؤولية شرف و تكريم بدل ما يجب أن تكون وزر و جسد عليها سقيم .
    أمر آخر عظيم الشأن كبير القدر هو في غيابات الجب و مطوي في ملفات النسيان و الكتب : الشورى بين العباد ! و هذا القدر من المستوى أننا نحلـم

  • نورالدين الجزائري

    الشعب يريد من الحكومة أن تقف على أصابع رجليها و لا على أصابعه !
    توجد خاصية في كل الشعوب أنها لا تستطيع أن تبصر بما فيه الكفاية ( لكل شيء ِمقْود ! ) بل تستطيع أن تشعر جيدا . ماذا يخسر المسؤول لو نزل إلى ساحة الواقع قبل أن تصبح ساحة الوغى يكلم المواطن و يأخذ برأيهم الذي و الله الذي لا إله إلا هو لا يتعدى أن يكون حقا مهضوم أو مطلوب ؟ فكما يُعرف الطائر من تغريده يعرف الرجل من رأيه ، لأن المسؤول الذي يحكم حكم الطرشان و لا يبدي إستعداد لسماع طلب المواطن ، هو يمشي في الظلام ؟ لأن المسؤولية هي خدمة مَن

  • صالح/الجزائر

    4) من " الربيع العربي " الذي ، كما يبدو ، لم يزهر ولم يثمر إلا ربما في تونس الجارة ، وقد خرب كل شيء في العراق ، في ليبيا ، في سوريا ، وفي اليمن ، وما مصر من التخريب إلا غير بعيدة .

  • صالح/الجزائر

    3 ) بها في دول أوروبا ، في إفريقيا وفي غيرها من البلدان بعدما كانت قبلة لهم ولأحرار بلدانهم ، وبعدما كانت توصف بأنها سوف تصبح " يابان إفريقيا " ، " القزول " لمن حول شعار " اللامركزية " و " التوازن الجهوي " في توزيع الثروات والفرص المتكافئة بين كل المواطنين الجزائريين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ، إلى " اللامركزية " و " التوازن الجهوي " في الجريمة المنظمة وفي الفساد والإفساد الشامل، السرطان الخبيث الذي قد يدفع بالجزائر ، لا قدر الله ، إلى " الفوضى الخلاقة " ، غير الخلاقة ، بعدما نج

  • صالح/الجزائر

    2 ) ، " القزول " الذي يفرض تطبيق القانون العام على المشرعين ، وعلى من يتحكم في المشرعين ( برفع الأجور وبقية الإكراميات ؟ ) ، قبل تطبيقه على بقية المواطنين من المغبونين ، " القزول " لمن يستغلون مناصبهم لنهب الثروات الوطنية ، الباطنية منها والظاهرية ، " االقزول " لمن تسببوا ويتسببون في إفساد أخلاق المجتمع وقيم الجزائريين النبيلة التي بأفعالهم النكراء تدهورت ، " القزول " للبهلوانيين " المتسلقين " الذين بسببهم تقزمت قيمة الجزائر حتى أصبحت إنسا منسيا ، والذين جعلوا منها نموذجا سيئا للتنكيت ، يتندر

  • صالح/الجزائر

    1) بل " العصا لمن عصى " .
    لكن العصا لمن عصى قوانين البلاد وخرج عن أعراف المجتمع وأخلاقه العامة .
    العصا للذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
    المثل الشعبي الجزائري يقول " القزول " اخرج من الجنة.
    لكن " القزول " المقصود هو قزول الحق وليس قزول الباطل ، " القزول " الذي يرد الحق لأصحابه ، " القزول " الذي يحق الحق ويزهق الباطل ، " القزول " الذي يقتص للمظلومين من الظالمين ، " القزول " الذي يضع حدا للفساد ويرسل الطغاة المفسدين إلى " مؤسسات إعادة التربية " ، إن لم يكن إلى نار جهنم خالدين فيها إلى يوم الدين