-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدّعاة الجدد والأدوار المشبوهة!

سلطان بركاني
  • 4794
  • 0
الدّعاة الجدد والأدوار المشبوهة!

لا تفتأ التّقارير الصّادرة عن المؤسّسات البحثية الغربية، المتعلّقة بسبل التّعامل مع العالم الإسلامي، تشدّد على ضرورة تشجيع الدّعاة الجدد، الذين ينشطون خارج الإطار الرّسمي، ويحرصون على توظيف وسائل وأساليب التّأثير المختلفة للوصول إلى شتّى فئات المجتمع؛ توصي تقارير مختلف المؤسّسات البحثية الغربية بتشجيع ودعم هذا الصّنف من الدّعاة الذين يقدَّمون كبديل للعلماء الرّسميين والدّعاة التقليديين والهيئات الدينيّة الرّسميّة، لوضع رؤًى إسلامية جديدة، تشكّل في مجملها نسخة معدّلة من الإسلام، تصبّ في تقبّل “الآخر” ولو كان محتلا غاصبا، وتمهّد لاعتبار العلمانية البديل الأنسب والأوحد لتحقيق التعايش!

لقد استطاع الدّعاة الجدد، الذين جرت صناعتهم على عين الغرب وتحت الرعاية السامية لبعض الجهات الرّسميّة العربيّة، اكتساح الأوساط الشّبابية، ليس بجودة بضاعتهم، ولا بعمق أفكارهم، وإنّما لأنّهم يقدّمون نسخة جديدة من الإسلام لا تعارض أهواء النّفوس، ولا تدعوها إلى مجاهدة نوازعها الأرضيّة، ولأنّهم يتستّرون خلف شعارات برّاقة، من أكثرها جاذبيّة شعار “الاعتدال ونبذ التطرّف”، الذي هو حقّ في أصله، لكنّه يساق لخدمة جهات علمانية تتّسع دائرة التطرّف في أدبياتها لتشمل كثيرا من المسلّمات الدينيّة؛ كوجوب البراءة من العقائد المخالفة لعقيدة الإسلام، والقول بكفر اليهود والنّصارى وخلودهم في النّار، ووجوب تحكيم شرع الله، وتشمل كثيرا من الأحكام الشّرعية المجمع عليها؛ كفرض الحجاب، ومنع التبرّج، وتحريم المعاملات الربويّة.

 كما لا يتوانى هؤلاء الدّعاة الجدد في خدمة الأجندات العلمانيّة المتناغمة مع الأجندات الغربيّة في تحجيم دور الدّين في كثير من مناحي الحياة العامّة والخاصّة، وإلغاء دوره في الحياة السياسية وتحييده عن التدخّل في كثير من قضايا الشّأن العامّ وبعض الخصوصيات المتعلّقة بما أصبح يدرج في خانة “الحريات الفردية والشّخصية”.. 

ولعلّ المهام “المشبوهة” الموكلة إلى هذا الصّنف من “الدّعاة الجدد” لا تكتمل إلا بإعلان الحرب الظّالمة على الدّعاة الذين يرفضون العلمانية والليبرالية، ويسعون إلى تحكيم شرع الله في شتّى مناحي الحياة، وينصرون قضايا الأمّة ويتحدّثون عن آلامها، إلى جانب سعي هؤلاء “الدعاة الجدد” في التّنفير من الجماعات والجمعيات الإسلاميّة النّاشطة في مجال الدّعوة، وإلباسها لباس التطرّف عنوة، ولو كانت تبرأ من التطرّف والعنف ليل نهار؛ حيث لا يتورّع هذا الصّنف من الدّعاة في ترديد ذات التهم التي يلوكها الإعلام الغربيّ والإعلام العربيّ المتعلمن في حقّ جماعات الدّعوة. والغريب في أمرهم، أنّهم في الوقت الذي يدعون فيه إلى التعايش مع الآخر ونبذ ثقافة الإقصاء؛ يطلقون دعوات صريحة إلى نبذ كلّ من يعارض الخيارات العلمانية ويرفض أن يحجر على الإسلام في البيوت وبين أسوار المساجد.

لقد انكشفت حقيقة كثير من هؤلاء الدّعاة الجدد وافتضحت علاقاتهم المريبة مع “جهات مشبوهة” لا تريد بالأمّة خيرا، وما عاد ينفع بعض وسائل الإعلام المعروفة بأجنداتها المفضوحة أن تستنجد بهم لبلوغ مآربها.. الأمّة تعي جيّدا أنّ هؤلاء الدّعاة الجدد لا يهمّهم محاصرة التطرّف، بقدر ما يهمّهم الترويج للخيار العلمانيّ، في الوقت الذي يتّجه اليهود إلى تهويد الحياة العامّة والخاصّة، ويتّجه النّصارى إلى إذكاء الرّوح الصليبية في أوساط المجتمعات الغربيّة للحيلولة دون اكتساح الإسلام للعالم الغربيّ.. مهما وُجّهت الأضواء نحو هؤلاء الدّعاة، ومهما حاولت وسائل الإعلام المأجورة أن تصنع لهم مكانة في قلوب النّاس، إلا أنّ سعيها وسعيهم سيخيب، لأنّهم لا يحملون أيّ رسالة، ولأنّ الذّكر إذا خرج من القلب تسلّل إلى القلوب وإذا خرج من اللّسان لم يتجاوز الآذان.. ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِين)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!