-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رمضان وتغيير الحياة

الدّين عبادة ومعاملة

سلطان بركاني
  • 790
  • 1
الدّين عبادة ومعاملة
ح.م

لعلّ من أظهرِ المعاني التي يحملها رمضان كلّ عام إلى أمّة الإسلام، ترسيخَ حقيقةِ أنّ الدّين عبادة ومعاملة؛ عبادة يُتقرّب بها إلى الخالق جلّ في علاه، ومعاملة تُطلب بها صلة المخلوق وتستقيم بها أمور الحياة، والعبادة قد تقتضي في بعض صورها معاملةً بين النّاس، والمعاملة أيضا تكون عبادة إذا أريد بها وجه الله تعالى.
في رمضان، يصوم العبد المؤمن ويقوم ويتلو القرآن، طاعة لله تبارك وتعالى، ورغبة في تحصيل الغاية الأسمى للصّيام، ألا وهي التّقوى، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)) (البقرة 183)، كما يجاهد نفسه على تزكية أخلاقه وتهذيب معاملته للنّاس من حوله، جاعلا نصب عينيه حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: “الصّوم جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب. فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم”.
يعود رمضان كلّ عام ليذكّر الأمّة المسلمة بهذه الحقيقة، وبخاصّة في هذا الزّمان، الذي جنح فيه كثير من المسلمين إلى هذا الطّرف أو ذاك؛ منهم من اهتمّ بالعبادة وأهمل المعاملة، وهذا المنحى قد استوفى حقه من الكلام، فما يكاد يخلو منه كتاب أو مقال أو محاضرة؛ ومن المسلمين –في المقابل- من مال إلى الاهتمام بالمعاملة وهوّن من شأن العبادة وقلّل من أهميتها، ودعا إلى ترك الحديث عنها، بدعوى أنّها علاقة بين العبد وربّه، وأنّ الدّين معاملة وأخلاق؛ ولا شكّ في أنّ هذا الشّطط في هذا المنحى يناقض نصوص الكتاب والسنّة، بل ويناقض أبجديات الدّين، فما بُعث الأنبياء والرسل، ولا أنزلت الكتب، إلا لتحقيق العبودية لله، ولبيان حقه جلّ في علاه، ثمّ لتنظيم المعاملات بين النّاس.
لأجل هذا، فإنّه ينبغي لنا إذا ذكرنا حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق”، ألا ننسى قول الله جلّ وعلا: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون))، وإذا تحدّثنا عن أهمية المعاملة في ديننا واستشهدنا بالقول المشهور “الدّين المعاملة”، فينبغي ألا ننسى أنّ أربعةً من أركان الإسلام الخمسة، هي حقّ خالص لله جلّ وعلا، والرّكن الخامس حقّ للمخلوق. حتى وإن كانت كثير من العبادات وبخاصة منها الجماعية كالصّلاة والحجّ والصّوم، ترتبط بالمعاملة في كثير من مظاهرها، إلا أنّ الجانب الأهمّ فيها هو تحقيق التذلّل والخضوع والخشوع للواحد الأحد سبحانه، فالمؤمن الذي يرجو الله والدّار الآخرة هو من يسعى للجمع بين الحُسنيين، بين تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى، وبين حسن المعاملة لعباده، مستأنسا بحديث المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام- عندما سئل عن أكثر ما يدخل النّاس الجنّة، فقال: “تقوى الله، وحسن الخلق”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزائري

    الآيات القرآنية التي تتحدث عن الإيمان كلها مقترنة بالعمل الصالح . اللذين آمنوا وعملوا الصالحات. يعني لا إيمان بدون عمل صالح ولا عمل يكتب صالحا بدون ايمان. فليعلم الجميع ان العمل الصالح وحده هو الدليل على الإيمان عكس ما نشاهده في شوارعنا وحتى في بيوتنا بل حتى في مساجدنا. فهل نحن حقا مؤمنون ام مؤمنون مزيفون.