-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“الشخشوخة” وأخواتها

“الشخشوخة” وأخواتها

قدمت قناة الحرة، التي مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية، وتموّلها الولايات المتحدة، لتطل بها على العالم بكل اللغات والثقافات، تقريرا طازجا ولذيذا، عن الشخشوخة الجزائرية، التي وضعتها موسوعة “تايست أطلس” العالمية، في المركز الأول في إفريقيا والعالم العربي، وقدمتها كواحد من ألذ الأطعمة في العالم، بل وقدمت نبذة تاريخية عنها ربطتها برعاة الغنم، الذين كانوا يعودون في أيام الشتاء القارّة ببرودتها مساء، فلا يجدون غير الشخشوخة المطهوة بلحم الغنم وكثير من الخضار، لتشحن بطونهم ومعنوياتهم، قبل أن يتطور الطبق ويختلف بين القسنطيني والبسكري والمسيلي.
والحقيقة، أن ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”، ذات مرة على أن الجزائر هي عملاق السياحة النائم، قد صار يعطي الكثير من ثماره، وخاصة في الأكلات الشعبية بما فيها الخفيفة والحلويات، وللذي يريد التأكد من قوة “الشخشوخة” ومصداقية هذا التصنيف، بإمكانه الاطلاع على موسوعة “تايست” ليعرف أن ما قدمته الشخشوخة التي تصنعها أنامل وأظافر نساء الجزائر من فخر، يمكن توظيفه في معارك اليونيسكو المقبلة، التي يبدو أنها ستكون طاحنة أمام لصوص التراث، الذين ظنوا أن العملاق الجزائري سيبقى نائما للأبد.
ولأننا مجبرون على أن نلوم أنفسنا وليس زماننا، فإننا نقف بأسف أمام لا مبالاة من القمة والقاعدة نراها سببا في عدم تحقيق بلادنا “الديكليك” المرجو، ويمكنكم أن تتصوروا سائحا أمريكيا أو أستراليا أو بنغلاداشيا يدخل الجزائر العاصمة، ويقتحم مطعما شعبيا أو عصريا ويطلب الشخشوشخة التي قرأ عنها وسمع وتفرج، فلا يجدها، وقد لا يجدها حتى في الفنادق الفخمة، حتى ولو دفع آلاف الدولارات لأجل أن يتذوق ما أشادت به موسوعة “تايست أطلس”.
لقد أقام الجزائريون لـ “الطاكوس” و”الشاورما” و”السوفلي” و”البيتزا” و”الكريب” مطاعم و”فاست فودات” متكررة ومتشابهة وكثيرة جدا، في كل المدن والقرى، وابتعدوا خطوات عن تلك التي تفوح بالتاريخ وعبق الأطباق التقليدية الشهية، فهم لا يحتفلون، ولا يُشهرون أطباقهم التي صارت تحصد الجوائز والثناء في كل بلاد العالم، ومن المؤسف أن نخبركم، بأن مدينة مثل قسنطينة لا تمتلك مطعما واحدا، يقدم “التريدة وشباح الصفراء والشخشوخة” وتوجد بها مطاعم تقدم الملوخية التونسية والشاورما الشامية.
لا ننكر أن الأعراس والولائم العائلية وأطباق رمضان الجزائرية، هي السبب الأول الذي خلّد هذه الأطباق التي ستكتسح اليونسكو مستقبلا، وجعلها تسافر باسم الجزائر إلى كل بقاع العالم، ولكن الأمر يحتاج إلى مخطط حقيقي ليس لأجل الدفاع عن هذا التراث اللامادي، وإنما من أجل أن نبني عليه سياحة حقيقية، بعد أن بنى آخرون سياحتهم على أغنية الراي الجزائري والبوروك الجزائر والصناعات التقليدية الجزائري، وكل ما له علاقة بهذا البلد الطيب، الذي زاد من الطيبة، حبة.. وحبات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!