-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشرخ الأبعد في الشرق الأوسط

عمار يزلي
  • 483
  • 0
الشرخ الأبعد في الشرق الأوسط

مع اشتداد الضغط على الكيان الصهيوني ومدعميه من كل حدب وصوب: من الإدارة الأمريكية، المتورطة في التمويل والتخطيط والدفاع عن “البقرة المقدسة” حتى مع اختلاف وجهات النظر مع القيادة الصهيونية الحالية، والخوف من تدنّي الشعبية الرئاسية قبل الرئاسيات، كل هذا قد بدأ يغير من الممارسات الصهيونية والإدارة الأمريكية على حد سواء في الشرق الأوسط.
الكيان يتلاعب من أجل مكاسب ما بعد الحرب التي لم يكسبها عسكريا، ورئيس وزراء الكيان الواقف على ثلاثة أقدام من طين قدمه العرجاء، قدم اليمين المتطرفة وقدم ما يسمى “تحالف المعسكر” المبتورة أصلا. إنه ينتقل من طرف إلى طرف، يخشى على حكومته من الانهيار فور أخذ القرار. كل هذا في ظل دعم أمريكي وسند سياسي قوي لم يتغير استراتيجيا حتى لو اختلفا تكتيكيا: سند ودعم لا مشروط لا ماليا ولا عسكريا، فقط اختلاف في وجهة النظر في مسألة “عدد الضحايا الواجب تصفيتهم” في غزة، خوفا من رأي عامّ محلي ودولي، وأيضا حول طريقة التعامل مع “الدولة الفلسطينية” ضمن تصوُّرهم لحل القضية على أساس حلّ الدولتين مقابل التطبيع الشامل مع الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
هذا التوجُّه لدى الإدارة الأمريكية بات واضحا إزاء إدارة الكيان الصهيوني بحكومته وتركيبتها الحالية، على اعتبار أن حزب بايدن “الديمقراطي” هو أقرب إلى أحزاب المعارضة في الكيان التي تمثّل “معسكر الدولة” كما يسمّونه، إذ فرض كلّ من “بني غانس” و”أيزنكوت”، أعضاء في الكابيني الحربي المصغر ضمن ما يسمى “حكومة الطوارئ”، وهذا من أجل مشروع حرب ضد غزة، بات واضحا فيما بعد أبعادها الجيوسياسية: التهجير، والإبادة، وتغيير وجه الشرق الأوسط.
هذا الشرق الأوسط المتغير الجديد، الذي برزت فيه قوى المقاومة في كل من لبنان، وسورية، والعراق واليمن، بات يقضّ مضاجع المطبِّعين أوَّلا، ثم مرقد الكيان والإدارة الداعمة الحاضنة: الشرق الأوسط الذي يتغير بما لا تهوى أنفسُهم.
هكذا، بدأ التدخل الأمريكي بحاملات الطائرات التي استقدمتها على الفور بعد العدوان على غزة قبل خمسة أشهر، دفاعا عن الكيان و”ردعا لحزب الله وإيران” عن التدخل لنصرة غزة وشعبها. ثم بدأ الجسر الجوي والبحري الناقل لأطنان من الذخائر والأسلحة الفتاكة، يعلم الكل اليوم كم تساوي من قنبلة ذرية، والتي أسقُطت على شعب أعزل محاصَر ضمن رقعة جغرافية لا تتجاوز 360 كلم مربع: قطاع يمثّل أحد أكبر المناطق كثافة سكانية في العالم، يحيط به من كل حدب الحرسُ والعسس.
ترك للكيان الحبل على الغارب، بلا رقيب ولا ضمير أخلاقي: جيش لا يقاتل.. بل يقتُل وفقط، يدمِّر ويشرِّد ويهجِّر، بمباركة غربية جمعاء، قيادات لا شعوب.
وعندما قام اليمن “السعيد”، الذي يشقى بسبب مواقفه، عندما قام على أساس النخوة العربية والشهامة ورفع الهامة، وطالب بإدخال المساعدات لغزة ورفع الحصار مقابل التوقف عن استهداف السفن المموِّنة للكيان، قامت القيامة ضده أمريكيًّا أوّلا، جارّة معها دولا أوربية لم تذهب كلها في الاتجاه نفسه من غير الحليف الأنجلو سكسوني البريطاني. وها هما اليوم يقصفان اليمن “دفاعا عن النفس”، هكذا يقولان، وهما في ذلك صادقان تماما؛ دفاعا عن الكيان الصهيوني وهذا ما يعنيه فعلا “الدفاع عن النفس” في البحر الأحمر، ثم ها هي أمريكا تقصف العراق وسوريا ولسانها يقول، بما لا تفعله الأيادي والقلوب: لا توسِّعوا الحرب، هذا ردٌّ منفصل عن اليمن ومنفصلٌ عما يجري في غزة. والواقع يقول إنها بداية أبعد شرخ في الشرق الأوسط لن يكون كما كان.
سبق نشرُه

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!