الطبيب النفسي يعني.. التفاهة والهلوسة عند الجزائريين!

نعيش في مجتمع مليء بالمشاكل، لها أول وليس لها آخر، قد توصل الإنسان إلى درجة الانهيار العصبي أو حالات اكتئاب حادة، إلا أن الشجاعة للجوء للعلاج النفسي تبقى ضئيلة في ظل التخوفات من نظرة المجتمع إلى جانب اعتقاد البعض منهم بأن الطبيب النفسي مرتبط بالدرجة الأولى بالأمراض العقلية أو ما يسمى بطبيب المجانين أو يعتبرون أقواله تفاهة، لينتهي بهم المطاف بالتجول في الشوارع والطرقات.

خلط بين الطبيب النفسي والأمراض العقلية

لطالما نفر الكثير من الجزائريين من الطبيب النفسي أو حتى مجرد التفكير فيه لا لشيء إلا لارتباطه حسبهم بمختلف الأمراض العقلية والهلوسة على حد تعبيرهم، متناسين لما باستطاعته في مساعدتهم على حل مختلف المعضلات والمشاكل النفسية التي تولد لهم ضغوطات في حياتهم اليومية، فالطبيب النفسي حسب اعتقاد البعض قد يدخلهم في دوامة الإصابة بالجنون، وفي هذا تقول سعيدة 30 سنة التي التقيناها بحسين داي أنها مرت بظروف اجتماعية صعبة أدت إلى وصولها إلى حالات من الاكتئاب، لكنها لم تستطع أن تتخذ قرار الذهاب إلى طبيب نفسي، خوفاً من نظرة أقرب المقربين منها ألا و هو زوجها، فبالرغم من أنه يبدي تفهمه الكبير، إلاّ أنه كثيرا ما يذكرها بضرورة العلاج النفسي، متمنيةً أن تمتلك الشجاعة للذهاب إلى الطبيب النفسي لمساعدتها. 

في حين يقول سمير أن اللجوء إلى الطبيب النفسي مجرد حماقة، لأن هذا الأخير لا يهمه في المريض إلا نقوده ولا يساعده في شيء، كما أن معظمهم هم في حد ذاتهم يبدون كالمعتوهين، فكيف ننصت لنصائحهم.

خجل اجتماعي من التوجه إليه

ولأننا غير معصومين من التعرض لموجات من الكآبة والأرق والإحباط نظير بعض المشكلات النفسية التي قد نواجهها في حياتنا اليومية، إلا أن هناك من لا يقدر على طلب المساعدة من الطبيب النفسي رغم أن هذا الأخير لا يختلف كثيرا عن باقي الاختصاصات الطبية الأخرى، وفي هذا تقول كريمة 29 سنة والتي التقيناها ونحن في طريقنا إلى رويسو أنها رغم معاناتها من مشاكل نفسية جمة من خلال بعض الضغوطات التي تتعرض لها، إلا أنها تخشى وتخجل من نظرة أسرتها وأسرة زوجها لهذا القرار، فمن الصعب إخفاء الذهاب إلى عيادات الطبيب النفسي، فالمحيطين بها يعرفون معظم تحركاتها.

أما سامية 35 سنة والتي التقيناها بالمكتبة الوطنية بالحامة، فتقول أنها لا تفهم الموقف الذي يتخذه البعض من عدم اللجوء إلى الطبيب النفسي، مستحضرة بذلك قصة صديقتها التي من جراء غيرتها من رفيقاتها أصبحت تعمل على إثارة المشاكل بينهن وتبقى أحيانا حبيسة غرفتها لا تكلم أحدا، لذلك طلبت منها أن تحاول ترتيب زيارة مع طبيب نفسي لعله يساعدها في الخروج من هذه الوضعية، إلا أن والدتها تعتبر ذلك بمثابة العار الذي يهدد مسار ابنتها المقبلة على دخول القفص الذهبي.

الطبيب النفسي قد يجنب البعض حالات مأساوية

ولاتزال النظرة السلبية لدى أفراد المجتمع الجزائري مستمرة تجاه الأطباء والمختصين النفسيين في محاولة فهم الدور المنوط بهم في سبيل مساعدة هؤلاء الأشخاص للخروج من أزماتهم النفسية ومحاولة إبعاد الضغوطات عنهم من أجل الحيلولة دون انتكاس حالتهم وتدهورها وحتى التعرض إلى انهيارات عصبية أو أولئك الأشخاص الطبيعيين من أجل تأويل وتدوير السلوكيات غير الطبيعية التي تهدد حياتهم ويحدث ما لا يحمد عقباه، وفي هذا يقول سيدعلي 36 سنة والذي التقيناه ببروسات أن له أحد الأقرباء كان يعانى الأمرين من جراء  طلاق والديه لتتفاقم الأمور وتتحول إلى انهيار عصبي نتيجة رفضه التحول إلى طبيب نفسي، لأنه حسب اعتقاده ليس مجنونا ليرتاد مثل هذه العيادات.

فالبعض يرفض التوجه إلى الطبيب النفسي لا لشيء إلا لأنه حسب اعتقادهم طبيب خاص بالمجانين أو المختلين عقليا أو حتى خوفا من نظرة المجتمع لهم رغم أن لهذا الأخير قدرة على تفادي الدخول في ما لا يحمد عقباه، وفي هذا يقول ناصر 40 سنة من تيزي وزو أن ابن عمه واحد من هؤلاء الذين عارضوا وبشدة التوجه إلى الطبيب النفسي رغم تدهور حالته النفسية وسلوكياته التي أصبح يميزها العنف، وما زاد الطين بلة اتهامه بالجنون من أقرب المقربين إليه ولأنه لم يستطع تحمل ذلك وضع حدا لحياته.