-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العملة الصعبة جدا

العملة الصعبة جدا

 إذا سارت القافلة الاقتصادية العالمية كما هو منتظر، وظهرت ملامح العملة الجديدة، في شهر أوت القادم، من رحم مجموعة بريكس، فإننا سنكون على موعد مع فجر اقتصادي ومالي جديد، يقضي على العملات التي أسمت نفسها “الصعبة”، وقزّمت بقية العملات، فصعّبت حياة الناس في كل بلاد المعمورة، وتمكنت من أن تستعمر الأمم بأشدّ قسوة من الاستعمار الكلاسيكي القديم.

الذي يظن بأن العملة الأوروبية الموحدة، نافست الدولار في الكثير من المواقع، إنما يكذب على نفسه؛ فعلى مدار قرابة ربع قرن من وجودها، كانت دائما حليفا وفيًّا للدولار، تماما كما هو تحالف فرنسا مثلا مع الولايات المتحدة الأمريكية في الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية. بل إن هذه العملة التي “يدين” بها عشرون بلدا أوروبيا، إنما ظهرت بعد انهيار المعسكر الشرقي، لتعلن عن أحادية قيادة العالم اقتصاديا وسياسيا تحت المظلة الأمريكية التي كانت تشتري بترول ومواد أولية من بلاد العالم الثالث بالدولار، لتبيعه ما تريد بالدولار أيضا، في ساحة اقتصادية لا شيء فيها يعلو على الدولار، سواء زاد ثمن النفط أو نزل، إلى أن بدأت صرخات تظهر هنا وهناك تطالب بسقوط إمبراطورية الدولار التي سيطرت على العالم منذ قرنين ونصف قرن.

تكمن قوة مرجعية العملة الجديدة المنتظرة من مجموعة بريكس، في ارتباطها بالذهب، وهو المعدن المحترم من جميع بلاد العالم، وسيكون من الصعب على الدولار الأخضر، تفادي الانهيار أمام عملة صفراء فاقع لونها تسرُّ الجميع بما فيهم الأمريكان الذين صعُبت حياتهم بعملتهم الصعبة.

سيكون انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس نصرا كبيرا للاقتصاد الوطني، بسبب تسارع فتوحات هذه المجموعة، التي تجد نفسها الآن في وضع تُحسد عليه، بعد أن سيطرت بأرقامها المتصاعدة، بمجموعة من الدول المحترمة التي لم تتجرأ فقط على الولايات المتحدة الأمريكية، بل إنها في كل يوم تمد خطوات إلى الأمام مقابل تراجع واضح لبلاد الغرب في كل المجالات، وعندما ترى أمريكا دولا كانت تظنها ضمن “الخدم والجواري” المحيطين بقصر البيت الأبيض، تقدِّم طلباتها للانضمام إلى مجموعة بريكس، فعليها أن تعرف بأنها تعيش بدايات النهاية، التي قد تسرّع تحويل الدولار إلى متاحف العملات القديمة التي كانت تُتداول في مصر واليونان وبلاد روما ولدى أهل الكهف: “فابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدً”.

شاهدنا سقوط بلاد الغرب في جائحة كورونا عندما بدا بيتُها أوهن من بيت العنكبوت، وفي حرب أوكرانيا عندما تأكد فعلا وبالدليل بأن الحروب دواليك، ولكن سقوط عملتي اليورو والدولار، إذا قدّر لها أن تكون، هي التي ستُزلزل الأوضاع، وقد تعيد الشمس لتشرق من الشرق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!