-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العيد في زمن “كورونا”

العيد في زمن “كورونا”
ح.م

أمجاد رمضان لا تزول، بل يبقى ذكرها مثل المسك يعطر القلب والمكان، أصداء تتحدى صوارف الزمان، غزوة بدر وفتح مكة، وما بينهما من سنوات ودلالات، منابروصفحات، هزائم وبطولات، معارك وساحات ودماء وشهداء، وأسماء خالدة، ورموز وأعلام،كفار ومؤمنون ومنافقون، ومواقف وصور وعبر. أمجاد وتضحيات. ليكون رمضان انطلاقة صحيحة، تؤسس لعمر كامل من الصبر والبذل.

حقا، شهر رمضان هو موسم البذربالنسبة للمؤمن، ليكون بعد ذلك تعهد ما بذر بالسقيا والرعاية سائرأيامه، ليرى بعدها فتح الله عليه ونصره المؤزر. فالعجب ممّن لا بذرة له ولا فكرة ويستعجل وقت قطف الثمرة؟ لهذا كان علينا الحرص على التأسيس لمشاريعنا في شهر رمضان، حتى ننال من بركته بعد ذلك في الشهور الأخرى وفي كل فترات الإنجاز. وهذا هو المجد الحقيقي الذي نستشفه من الشهر الفضيل، وما فيه من عشر مشهودة وليلة هي خير من ألف شهر.

رغم ويلات جائحة هذا الزمن، لا بد من نهوض الأسرة بدورها الريادي في حسن تمثل القيم الأصيلة، وحسن الاستفادة من القصص والأخبار وسيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وربطها بتربية الناشئة والشباب على فكرة صحيحة ومؤثرة، حتى يكون الفتح المبين في الدنيا والدين. وبعد رمضان نستبشر بلقيا العيد، وليس كأي عيد، ومهما كان العيد، فهو في قلب الموقن، أمل سعيد.

العيد في زمن كورونا، اختبار حقيقي للمؤمن، هل يلتزم بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، يصيب عيدا في بيته، وقاية لنفسه وغيره، هذا العيد اختبار حقيقي في الصبر في ظل الحجر الصحي، ورغم ذلك نحاول أن نستحضر معانيه العميقة،هو عيد عبادة. هو فرحة الصائم بصومه، وتزداد فرحته بالإحسان لمن هم أقل منه حظا في هذه الدنيا، وبهذا السلوك التبادلي التشاركي تستبشر الأرواح وتعم السكينة والصفاء.عيد هذه السّنة ليس كأي عيد، ففيه حكم وعظات لمن كان له قلب: هناك من لا يعرف لصلة الرحم مضمونا غير المن والأذى والتفاخر بالمظاهر.هناك من ظل عازفا عن زيارة أقرب الناس إليه ويرسل التهاني الإلكترونية والعزاء الإلكتروني ولا يكلف نفسه التنقّل بضع خطوات لزيارة مريض أو مواساة ملهوف.جاء العيد هذا العام مختلفا حتى يخفف من غلظة النفاق الاجتماعي، والتكلف والمبالغة في الترف والبطر، وعبادة المادة والمصلحة، ونسيان الآخرة. جعل الإنسان المعاصر في عزلة بسبب هيمنة التواصل الافتراضي، حتى كان العيد هذه المرة ليس كأي عيد كان، من أجل أن نستعيد المضمون الحقيقي لهذا الدين، فهو دين رحمة وتراحم وانسجام بين الروح والمادة، من لدن حكيم خبير،ولهذا جاء ألم الفقد والحرمان كعلاج رباني ناجع لهشاشة العلاقات الأسرية والاجتماعية، في ظل فرض التباعد الاجتماعي مع أجواء العيد، وهي أكبر صدمة عرفها الإنسان في زمن كورونا، ومهما طالت المحنة واستبدت الظلمات، ستزهر الأيام وتشرق الحياة.. فقط، كن في العيد جديدا. اغسل القلب وهيا سارع إلى غنيمة الرحمن، وبحول الله، بعد طول العسر، يأتي اليسر والرضوان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!