-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الغُرور

الغُرور

يُعرّف الغرورُ لغويًّا، بأنّه انخداع المرء بنفسه، واعتزازه وإعجابه بها، ورضاه عنها، وشعوره بأهميته في المجتمع، وقدرته على التغلب على الجميع وفي كل المجالات، حتى ولو كان فارغا. ويرتبط الغرور سياسيا بالشك وسوء الظن والتعالي والنرجسية، ويعرّف شرعا من خلال أمثلة قرآنية واضحة عن المغرورين الذين كانت نهايتهم بائسة، مثل قارون الذي رأى بأن ماله لا يزول، أو فرعون الذي قال للناس إنه هو “ربهم الأعلى”، وحتى إبليس الذي استند في غروره إلى كونه مخلوقا من نار والبشر مخلوقين من طين. وواضح من كل هذه الشروح، بأن الغرور يرتبط دائما بمن أعطاه الله المال أو القوة أو السلطان، ولا يمكنه أن يأتي من فقير أو ضعيف أو منبطح يبحث عن ذاته في ذات الآخرين.

لكن في حالة بعض أبناء المغرب الأقصى، من الذين صاروا يطلون علينا ضمن مسلسل ساعي لا يتوقف أبدا، بتبني القفطان والزليج والشخشوخة والفنطازيا والراي… إلى أن دخلوا في وهم تبني تاريخ البشرية وجغرافية الكرة الأرضية وكل الأفكار الإنسانية، فإن الأمر صار يثير الدهشة فعلا، ويضعنا أمام نوع جديد من البشر، من كثرة غرورهم صاروا يعيشون وَهمَ التحضّر والثراء والحرية، وهم أبعد الناس عنها.

ضمن النظريات التي أسّست للنازية؛ الحركة التي لم تعمّر كثيرا، ما قاله “جوزيف غوبلز” رفيق أدولف هتلر الذي كان يسير على قاعدة: “أكذب، ثم أكذب، حتى يصدِّقك الناس”، فكان يقول بأن أهل ألمانيا هم شعبُ الله المختار، والأرض بما حملت من خيرات، ملكٌ لهم، ولكن النهاية كانت أسرع من البداية، فتبخّرت الكذبة قبل أن يصدقها صاحبها ومرافقه الزعيم، فكان مصير هؤلاء خسارة وموتا وتشردا وانتحارا. وجليّ، بأن الحديث عن “الزليج” على سبيل المثال بهذه الكثافة ومن كل من هبّ على أرض المغرب ودبّ، قد أصاب أهلَ البلد الجار بالصداع، أكثر من غيرهم. وإذا كان المثل العربي يعتبر السكوت من ذهب، إذا كان الكلام من فضة، فكيف إذا كان هذا الكلام ثرثرة وكذبا، كما هو حال هؤلاء الذين لا يكاد أحدهم ينام ويأكل ويتنفس، من كثرة الثرثرة، التي تكرّر نفس الأسطوانة، كما يفعل متعاطي الأفيون؟

عندما يجلس “عبد” أو “أمَة”، على مقعد مقابل لشاشة الحاسوب أو الهاتف المحمول، ويبدأ في عدّ كل صفات الحياة الحسنة، وينسبها إلى نفسه، ويعدّ كل الصفات السيئة ويقذف بها الآخرين، فيرى نفسه ملاكا لا نقطة سوداء فيه، وغيره شيطانا، لا نقطة بيضاء فيه، كأن يتباهى بالسيادة وهو مسلوبُ الحرية، وبالثراء وهو لا يمتلك لقمة تسدّ جوعه، أو يفتخر بالخارطة الممتدة من الماء إلى الماء، وهو يزور بلده، نعم بلده، بجواز السفر أو عبر الهجرة السرية، فإننا سنكون أمام غرور من نوع خاص، لأن المغترّ هو في الغالب مالك الشيء، أما هذا، فإنه لا يمتلك شيئا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!