-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الغ عقلك وافهمني..

التهامي مجوري
  • 2246
  • 2
الغ عقلك وافهمني..

لا؛ بل الغ منطقك وثقافتك وعواطفك وإنسانيتك، وكل ما تملك من مقومات الإنسان، وتعالى معي لترى هذا المنطق الأعوج، الذي يحكم العالم ويسير الشعوب ويصنع السياسات..

تابع معي ما يحدث هذه الأيام في فرنسا، من تشنجات وحملات تضامنية وانتقامية على حد السواء..

سترى مسلمين يشدون الرحال إلى باريس، تضامنا مع ضحيا عملية “شارلي إيبدو”، انتقاما من دينهم لعدوهم الذي أساء له ولهم، ونيتانياهو –حاشا النعمة- يتظاهر ضد الارهاب.. يا سلام على “الطحين لمدشش” كما تقول أمثالنا الشعبية..ن وتتمتع معي برؤية محمود عباس وهو يشد على يدي رفيقيه، عن يمينه وعن شماله، عله يظفر بمساندة دولية تساعده على النيل من المقاومة الفلسطينية التي هي جوهر الإرهاب في الشرق الأوسط على مذهب القوم، كما كانت حركات التحرر دائما…

سترى من يسب الدين والرب والرسول ومحمي بقوة القانون، دفاعا عن حرية التعبير والحق في إبداء الرأي..، وترى معي أن من يقول كلمة في حق اليهود، قد يحرم من الدفن في المقابر مع الأموات بعد موته، كما وقع لروجي غارودي، الذي حرق بعد موتهن بدعوى أنه أوصى بذلك، ولم يجرؤ أحد على التفكير في دفنه؛ بل إن بعض المسلمين حرموا الصلاة عليه صلاة الغائب، في مسجد باريس، ومنعوا من إقامة حفل تأبين له، لا لشيء إلا لأنه شكك في الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل.. وهذا السيد ساين الكاريكاتيريست في “شارلي إبدو” الذي نشر صورة لابن ساركوزي عندما تحول إلى اليهودية لأسباب مادية، فطلب منه الاعتذار ولما رفض اوقف عن العمل.

وسترى معاقبة الزعماء من العرب والمسلمين الذين جاؤوا يتظاهرون ضد الإرهاب فعاقبهم الإعلام الفرنسي بسب دينهم ودين ربهم ودين نبيهم، جزاء لهم على وقفتهم التضامنية.

لا يسع المؤمن والإنسان عموما امام الموت، إلا الوقوف إجلالا لله وخشوعا أمام عظمته، وتعاطفا مع الضحية، ولكن قبل ذلك، من هو هذا الضحية؟ وما هي حدود مسؤوليته فيما وقع له؟ ومن الذي فعل به هذا الذي وقع له؟ وما هي الأسباب الحقيقية لهذا الفعل؟ بل هل وقع الفعل حقا؟ ألا يمكن أن يكون كل ما تناقلته وسائل الإعلام تمثيل كتمثيل المصارعة الحرة “الكاتش”؟  

لا شك أن الإجابة ستكون أن القاتل والمقتول فرنسي قبل أن يكون شيئا آخر، فسواء كان مجرما أو قديسا، فالمسؤولية له أو عليه فرنسية بالأساس.. قد يتعاطف الإنسان مع هذا الطرف أو ذاك، ولكن ذلك لا يتعدى التعاطف، اما الحل للمسألة فهو فرنسي بالأساس، وسواء كان القاتل مجاهدا ومدافعا عن حق له، أو إرهابيا، فهو مواطن فرنسي وعلى القانون الفرنسي أن يتحمل مسؤوليته، وكذلك الأمر إذا كان المقتول مناضلا في سبيل الحفاظ على الحريات أو مستهترا بعقائد الناس وقيمهم. وعندما لا يتحمل القانون الفرنسي مؤوليته، فإن التعاطف يتحول إلى فعل يراد به تحقيق ما عجز عنه القانون، على الأقل في اعتقاد الفاعل.

وإذا كان الأمر كذلك، ما دخل هذه الحثالات البشرية، التي جاءت من كل حدب وصوب لتنتفض ضد الإرهاب؟ هل جاءت لتساعد فرنسا على مواطنيها؟ ام جاءت لتُلاقي السفاحين ببعضهم البعض، بعدما عجزوا عن اللقاءات التطبيعية العادية؟ أم جمعتهم فرنسا على التحضير لأمر ما، سماء أخونا كمال بوسنة “مروحة الداي الجديدة”؟ أم هو الإمعان في احتقار المسلمين وتقليص نفوذهم استجابة للوبي اليهودي بالمنطقة؟ كل ذلك ممكن، ولكنه لن يتحقق بمنطق العقل؛ لأن منطق العقل يقتضي المحافظة على حرية التعبير وجميع الحريات، ولكن الحرية لا تنسخ حرية، لا سيما عندما تكون الحرية متعلقة بمواطنين متساكنين.. فإذا كانت الحرية تضمن لليهودي ومن شابهه بأن يسب دين المسلم مثلا فإن من حق المؤمن أن يُنْتَقَم له أو ينتقم هو لنفسه.

إن الغرب كان يحمل عقلا لا يريد له الاشتغال خارج أرضه، فكان على الأقل يحترم عقله داخل حدوده، فيحترم شعوبه ولا يمسهم بسوء، ويحترم القوانين التي وضعها لهم، أو وضعوها لأنفسهم؛ بل إن المخالفات التي ارتكبها، كان ينتدب لها من يقوم بها خارج أرضه، من سفاحيه في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، ولذلك كانت الشعوب الغربية، لها ثقة عمياء في مسؤوليها ولا زالت، ولكنه ابتداء من الاعتداء على السفينة البحرية كول وهجمات 11 سبتمبر 2001، لم يعد الغرب ذلك الذي يحترم عقله داخل حدوده؛ بل عطله داخل حدوده أيضا كما كان يعطله خارج حدوده..، بسبب الضغط اليهودي في مفاصل النظام السياسي والمالي، الذي لا هم له إلا حماية ظغسرائيل.

فالغرب الآن يقتل الآلاف من أبنائه من أجل الوصول إلى تحقيق مصلحة ما، قد يسميها الحفاظ على الأمن القومي، كما هو الحال في الهجوم على برجي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تؤكد التحقيقات والشهادات الإعلامية والأمنية أنها كانت مدبرة من المخابرات المركزية الأمريكية، أو على علم بها قبل وقوعها بحوالي شهرين، ومع ذلك تركت تنفذ بعناية تامة..، ونفس المنطق يحكم قتل 12 شخص بين شرطي وصحفي ومطاردة مجموعة صغيرة في فرنسا في قصة شرلي إبدو، وذلك في عرف الدول الاستعمارية لا يساوي شيئا بطبيعة الحال.

وإذا كان الاعتداء على برجي الأمريكان، لتبرير محاربة الإرهاب وإسقاط نظامي صدام حسين وطالبان، فإن قصة شارلي إبدو، لا يمكن أن تكون بلا خلفية بعد هذه التعبئة الكبرى، لا سيما أن هذه المبادرة أوروبية، تريد أن يكون لها موضع قدم، فيما يحدث في العالم وفي الشرق الأوسط تحديدا، في هذه المنعرجات الكبرى في صناعة خريطة العالم، ومنها قصة محاربة الإرهاب التي تستحوذ عليها الولايات المتحدة الأمريكية بالتمويل الخليجي.

وعندما أعيد عقلي إلى مكانه، وأدعوك قارئي العزيز إلى إعادة عقلك إلى مكانه أيضا وأتساءل لماذا تفعل فرنسا كل هذا؟ يقتل بعضُ مواطنيها بعضَهم، فتعبئ العالم بأسره احتجاجا على هذا الفعل. شيء محير فعلا، هل فرنسا في حاجة إلى ذلك؟..     

لكن عندما نقرأ لـ:”إريك زمور”، الكاتب اليهودي ذي الأصول الجزائرية، كتابه “الانتحار الفرنسي” LE SUICIDE FRNCAIS ، الذي يحذر فيه المجتمع الفرنسي، ويلفت انتباهه إلى أن فرنسا بعد سنوات قلائل سوف تصبح دولة إسلامية…، ونقرأ للكاتب الثاني الذي لا أتذكر اسمه الآن –وانا أكتب هذ السطور- الذي يقول بالحرف أن فرنسا سنة 2050 سوف يحكمها “محمد عبد القادر” كناية عن النفوذ الإسلامي، وسوف لن يبقى فيها يمينيا معتدلا ولا يساريا معتدلا..، ونتابع منحنيات صعود اليمين المطرف في المناسبات الانتخابية، ندرك أن الخوف على المستقبل الفرنسي بلغ حدا يدعو صاحب القرار إلى المغامرة بكل شيء، وهذا أمر يمكن تفهمه، ولكن أن يكون خارج منطق العقل فلا يمكن؛ لأن المؤهلين لتعطيل العقل بين المحرومين أكثر بكثير من الفرنسيينن وقدرتهم على ذلك أكبر لأنهم لا يملكون ما يخافون عليه.

وعليه فإنني عندما ألغيت عقلي فهمت الموضوع الفرنسي جيدا، ومن ثم فانا مستبشر بقدر ما تخوف الناس من هذا الفعل الآني السريع؛ لأن الغرب لا يصبر على نتائج المغامرات، كما يريد له اليهود، وإذا دخل هذه المعركة فإنه لن يخرج منها منتصرا، لا بحبل من الله؛ لأنه لا يعرفه، ولا بحبل من الناس لأنه ضحى بهم وبقيمهم.    

 

تبقى عملية معارك الأفكار وصراعاتها، فإن المسلمين بدأوا يشعرون بخطورتها، من ثم فإن استعداداهم اليوم أفضل ما كانت عليه قبل عقدين على الأقل. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • رضوان

    الحشر والنشر يغيبان العقل
    حشر هولاند ملايين البشر ملوكا وعبيدا جاؤوا من كل حدب وصوب في ميدان واجدضد خير البريةصلوات الله عليه وسلامه رافعين الرسومات المسيئة إليه ما اشبه فرعون اليوم بفرعون الامس إلا أن موسي عليه السلام كان غائبا أما السحرة فصالوا وجالوا وألقواحبالهم فصوروا للناس
    الاخوين كواشي وكيلوبالي أنهم قتلواصحفيي شارلي والمتجر اليهودي إنه مشهد ضخم يغيب معه العقل،لكن مجرد عودةالناس إلي ديارهم واستعادةعقولهم تذهب الغشاوة عنهم ويبحثون عن الحقيقة ويؤمنون بخير البرية ،ومكر أولائك هو يبور.

  • بدون اسم

    إنها حرية المجانين بنكهة هتليرية في بلاد الجن و ....