-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفِرْقَةُ النَّـاجِيَةُ

الفِرْقَةُ النَّـاجِيَةُ

في يوم الأحد الماضي (25/12/2022) نزلنا – الدكتور عبد الرزاق قسوم، وكاتب هذه الرقوم- ضيفين على الأخ محمد بابا عمي في مدينة بَنِي يَزْقَنْ من ولاية غرداية، وذلك لمشاركته فرحته بتزويج نجله “الربيع”، الذي جاء “ضاحكا من الحُسْن حتى كاد أن يتكلم” كما يقول الشاعر البُحتُرِي.

والأعراس عند إخواننا المِيزابيين تصير عبارة عن ندوات دينية، وأدبية، وطرائف لما يُتْلَى فيها من آي الذكر الحكيم، ولما يُلْقَى فيها من أشعار، ولما يُتَرَنَّمُ فيها من أناشيد دينية ووطنية.. ولا تُسمع فيها لا مُكَاءٌ ولا تَصدِيَة.

وممن طُلب منهم إلقاء كلمة هذا “العبد” الذي اسْتُسْمِنَ وَرَمُهُ فَظُنَّ شَحْمًا – كما يقول المتنبي – فقلت مما فتح به الله – عز وجل – عليَّ إن أخطر ما أصاب المسلمين من تشتيت للصف، وتمزيق للكلمة، وإذهابٍ للريح، وتوهِينٍ للقوة حتى طمع فيهم أعداؤُهم، فاستعبدوهم، واتخذوهم سِخريًّا، وأوقعوا بينهم العداوة والبغضاء هو هذه “المذاهب” التي هي عبارة عن مدارس فكرية اجتهادية لِسَلَفِنَا الصالح، فإذا “الخَلْفُ” يُصَيِّرُها مجالَ صراع يتقاتل حوله “المسلمون” ويتناهبون، ثم ذكرته للحاضرين وفيهم كثير من السادة العلماء والوجهاء وسراة القوم أنني زرت ذات يوم أخي الدكتور محمد صالح ناصر -وهو لمن لا يعرفه- عالمٌ، وشاعر، وأستاذ جامعي، وله عشرات الكتب المفيدة والدواوين الشعرية الداعية إلى الخير والحق والجمال، وهو من إخواننا المِيزابيين الذين يَتَمَذْهَبُون في عباداتهم ومعاملاتهم بالمذهب الإباضي، وهو أحد المذاهب الإسلامية الثمانية المعتمَدة في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

قلتُ للأخ محمد ناصر مُمَازِحًا لَهُ ما معناه إن صَحَّ “حديث” افتراق الأمة الإسلامية إلى أكثر من سبعين فرقة كلها في النار -عِيَاذًا بالله- إلا واحدة سُمِّيَت “الفرقة الناجية”، فإن كانت هذه الفرقة هي نحن “أهل السُنَّة” فستُسَاقُ أنت إلى جهنّم؛ وإن كانت الفرقة الناجية هي أنتم “الإباضية” فسأكون أنا من حَصَبِ جهنّم.. وأنت تعلمُ وأنا أعلمُ، ومعارِفُنَا يعلمون أننّا “رُوحَانِ حَلَلْنَا بَدَنًا” كما تقول رَابِعَة العَدَوِيَة.

تَبَسَم أخي الدكتور محمد، وارْتَشَفْتُ رَشْفَةً من الشاي، ثم قال: إنَّ “الفرقة الناجية” هم الطيبون من كل مذهب الملتزمون بما عليه المسلمون من قواعد الإيمان وقواعد الإسلام وأخلاقه.. وبعد أُمَّة التقيتُ فضيلة الشيخ عبد الرحمان شيبان فقَصَصْتُ عليه ما قاله الأخ محمد ناصر، فقال لي فضيلة الشيخ: هذا هو “الفقهُ”.

سُقْتُ هذه الواقعة وأسُوقُها في المجالسِ الخاصةِ والتجمُّعات العامة ليتوقف شياطين الإنس عن النَّزْعِ بين الإخوةِ ليُفَرِّقوا بينهم بعد ما جمعتهم يدُ الرحمان كما قال الإمام ابن باديس.. وتحية إلى الأخ محمد ناصر، ودعاء إلى الله البر الكريم بشفاء عبده الصالح ابن صالح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!