-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الكسكس والتمر والصهاينة

الكسكس والتمر والصهاينة

على تخوم شهر رمضان، وفي عزِّ مجد “طوفان الأقصى”، وألم تقتيل أبناء فلسطين وتجويعهم، وحسرة تهويد القدس الشريف، تظهر الطفيليات البشرية من بلاد المغرب الأقصى، حيث الركوع للملك لم يتوقّف عند حركات الانحناء وتقبيل اليد، فقط، بل انتقل إلى التطبيع الأعمى، الذي يخرج صاحبه من الملّة، ويدهش العدوّ قبل الصديق.

لم تجد شركة مغربية مختصّة في صناعة الكسكس، من طريقة لبيع منتجها التقليدي، سوى عقد اتفاقيات مع شركات صهيونية لأجل تصدير هذه الأكلة التي يفتخر بها أبناء شمال القارة الإفريقية.

ولا يهم في ذلك إن تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين، من طرف المجرمين آكلي الكسكس المغربي، ثلاثين ألف شهيد، وتجاوز الجرحى سبعين ألفا، وقارب عدد المشرّدين مليونين. ولا ندري كيف يشاهد المغربي شابا أمريكيا أشقر يمتهن قيادة الطائرات الحربية، ينتحر حرقا من أجل فلسطين، وابن البلد يقدّم للصهاينة طبق الكسكس “المزيّن” بقطع من الكرامة والشرف؟!

في شهر رمضان الماضي، أطلّ “رجل دين” مغربي يدعى الشيخ فيزازي، أفتى بتحريم أكل التمر الجزائري، وقال إنه يفضّل أكل التمر القادم من “إسرائيل” على التمر الجزائري، ولم يجد هذا المحسوب على “الدين”، ولا ندري أيّ دين، من يوبّخه، أو على الأقل ينتقده.

وفي الحالتين، يصرّ أبناء المخزن على أن يقرنوا خبثهم بشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، الذي بيّن للمسلمين بآيات واضحة، من هم أشدّ الناس عداوة لهم.

تلتقط ميكروفونات التلفزيونات في قلب غزة، بين الفينة والأخرى، صرخات نساء وأطفال، من الذين يتعذَّبون فوق أرض غزة وتحتها، وهم يخاطبون أمّة العرب والإسلام، عن سبب صمتهم وعدم مقدرتهم على ردّ الاعتداء والدفاع عن الأقصى؟ ولكن، لا أحد تصوّر أن الأمر يصل إلى هذه الدرجة القبيحة من بعض المحسوبين على الأمة، من الذين يطلبون من الناس شراء التمر المغروس في أرض فلسطين وفاكهة الأنبياء، المسروق من الفلسطينيين، ويقدّمون الكسكس، وهو الطعام المرتبط بماجدات المنطقة، لأكبر كيان إرهابي عرفه التاريخ، يقتل حتى الجياع وهم في طوابير الدقيق.

إلى زمن قريب، كانت الآثام والخيانات الكبرى، ترتكب في السر والكتمان، ومن خلف الجدران والحدود، ولكن الجرأة على البهتان صارت عنوانا للتحدّي، وعندما نقرأ كمّا من كلام الذباب يدافع عن الشركة المصدّرة للكسكس إلى الكيان القاتل، ويصفها بـ”المشرّفة” و”رافعة الرأس”، ندرك أن الأمة في وهن لا يرتبط في الحالة المغربية بالبلاط والمخزن فقط، بل انتقل، بكل أسف، إلى بعض أطراف المملكة.

لم يشعر الصهاينة بحرج كما شعروا به في حربهم الإرهابية الأخيرة، فقد طالتهم الانتقادات بل والاتهامات من جنوب إفريقيا والبرازيل والنرويج وكولومبيا… وانتهت بمشهد انتحار شاب أمريكي، رفض أن تجمعه حياة وأكسيجين وكرة أرضية بهم، ولكنهم في المقابل، يبيعون تمرا سرقوه من نخيل فلسطين، ويشترون كسكسا اشتهوه، من أناس ينتمون إلى مملكة “أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبد القادر

    مقال رائع