-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المثقف.. موقف

المثقف.. موقف

يمكن أن نفهم تردد السياسي أو رجل الأعمال أو حتى المواطن البسيط بشأن الموقف الذي سيتخذه من استحقاقات انتخابية في حجم الرئاسيات التي تنتظرها بلادنا، ولكنني لا أجد تفسيرا لتردد المثقف عندما يكون متاحا له أن يعرف البرامج والخطوط العريضة الفكرية والسياسية لهذا أو ذاك. ذلك أن هذا الأخير يُفترض أن لا يبني موقفه على التموقع الحزبي الضيق أو على ما يمكن أن يحققه له هذا المترشح أو ذاك من مصالح اقتصادية أو مالية، إنما يبنيه على قناعات تتعلق بخدمة الصالح العام وما يراه هو بعين الباحث أو الجامعي أو المثقف بشكل عام يصب في مصلحة البناء الوطني وخدمة الصالح العام.

وقد أجد مبررا لنفسي وللآخرين عندما نقدم حجة عدم نشر المرشحين المحتملين للرئاسيات لبرامجهم وأفكارهم، وقد ألوم السياسيين على عدم طرح هذه البرامج في متسع من الوقت للرأي العام من أجل الاطلاع عليها واتخاذ موقف منها، ولكنني لا أجد تفسيرا لمن يربط كل موقفه بمعرفة من لديه أكبر الحظوظ في الفوز. وكأنه يقول موقفي سيكون مع الرابح مهما كان، لا تهمني البرامج ولا الأهداف ولا الصالح العام.

هذا الموقف يقلل من مصداقية المثقف، ويؤكد ذلك الطرح القائل بأن أصل المشكلة في البلاد هي غياب النخبة عن الساحة السياسية، وعدم تفاعلها مع ما تعرف من تحديات، وأحيانا تبعيتها المطلقة للسياسي حتى وإن كان عاريا من كل إمكانات ومصداقية.

كان بالإمكان أن نبرر هذا في العقود السابقة عندما كان عدد المتعلمين محدودا ناهيك عن وجود نخبة مثقفة. في تلك الحقبة كان من المقبول أن يجد المثقف نفسه معزولا لأنه يشكل أقلية، أما اليوم فهناك أعداد كبيرة ممن يمكن تصنيفهم في هذه الخانة، وممن لديهم القدرة على أن يكون لهم موقف واع ومسؤول تجاه مستقبل البلاد، تجاه البرامج لا الأشخاص، تجاه أن يكونوا بالفعل العين التي من خلالها يرى الرأي العام الفروقات بين هذا أو ذاك، والعقل الذي يُبدي الرأي في الاستراتيجيات المعتمدة من هذا أو ذاك بل القدوة التي ينبغي أن تُتبع… 

فهل سيتبلور موقف النخبة اليوم؟ أم ستستمر في التشتت “تساند” الرابح، أو تقف على الحياد فتمنع الناس من الرؤية الصحيحة وتصبح بحق السبب الرئيس في بقاء البلاد من غير قدرة على اختيار أفضل طريق، أو على الأقل تصحيح المسار السائد.

 

إن المثقف هو عبارة عن موقف قبل أن يكون تعليما أو ثقافة، أما اللاموقف فهو النقيض التام لوجوده، وإذا ما استمر اليوم كذلك، فتلك هي الإشارة بأن اختياراتنا ستكون دون رؤية، وإذا غابت عنها الرؤية تمت في جنح الظلام وهو ما يخيفنا اليوم أكثر من أي شيء آخر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • عبدالقادر

    بين الموقف (موالي او معارض)واللاموقف توجد الانتهازيةاو الخبزيزم. اما ان تكون صاحب موقف معارض للنظام و ستكون منبوذ الاالرجال لايبالون يبقون على مواقفهم ومبادئهم والنضال بالطرق السلميةحتى باضعف الايمان وهوالكلام وعدم السكوت عن مايرونه ظلم وتعسف وخروج عن الدستور.اماموالي منتفع من النظام.اما البعض الاخرفيقبلون بالامر الواقع ويصمتون كالشياطين الخرساءوهم الانتهازيين واخبزيست حشيشةطالبةمعيشة.وفئةثشاذةهم المعارضون خارج القانون حيث تمكن للنظام من الاستمرارومحاربته لهم باسم القانون تزيده عمرا و تاييدا...

  • قادة

    للاسف الشديد ان الحقيقة مرة فلا احد في الجزائرلا احزاب ولا شخصيات ولا مثقفين من يحسبون على النخب ولا من المواطنين العاديين مااصبح يهمه البرامج ولا الأهداف ولا الصالح العام.فمن يشاهداحزاب اسست على اساس برامج وتناضل من اجل تطبيقها ميدانياوالتي بهامناضلين يحلمون بان يكون لهم الشان الكبيرفي رؤيةبرامجهم تسيربها الامور.الاان قيادتها من البرابشيةوالبزناسيةو الذين لايهمهم الا المصلحةالشخصيةويلغون برامجهم ويؤيدون برنامج شخص وهوالسيدالرئيس.لما يكون هذاحال النخب السياسيةبمثقفيهاوامييها فمن سيفكربعدفي طرحك؟

  • مصطفى

    لعل ما فهمته من كلام الدكتور سليم بأننا نعيش أزمة مثقفين في الجزائر و التي من خلال عجزهم عن اتخاذ المواقف السليمة , تعيش الجزائر حالة من اللاموقف فالكل استقال بطريقة أو بأخرى من التعاطي مع هذه الأحداث المصيرية و أصبح الأمر بالاحدث . و السؤال المطروح هل للجزائر أسس ثقافية يستطيع من خلالها هذا المثقف أن يصنع رأيا يؤثر فيه بمن يحيطون به . فالواجب الاني هو صناعة مثقفين قادرين على التأثير و التفاعل بدل اللهث وراء من يلوح به بمنافع انية ذاتية لا تخدم الوطن و لا الأجيال القادمة .

  • الجزائرية

    تابع: و بالتالي فإنه من واجب المثقف الوقوف مع الوطن في كل الأحوال و تقديم الأفكار بروح مبادرة غير سلبية و لا متحزبة نعم الفعل الثقافي يجب أن يكون سياسيا وان ينزع إلى التغيير و قول كلمة الحق و الدفاع عن مبادئ أمته و عن مصالحها كذلك..لكن ما ناره اليوم من مناصرة فلان و علان والإحجام عن قول الحقيقة بل و اللجوء إلى البهتان لمناصرة هذا او ذاك .تلك هي الداهية..إن دخول المثقف في مهاترات السياسيين دون محاولة تقديم تصورات لتوضيح الرؤى هو ما جعل المواقف السياسية ضعيفة وآنية خاضعة للمصالح بدل المبادئ.

  • بدون اسم

    حتى وإن عرفت القوائم ،فالسؤال المطروح هو ماذا سيقدم مرشح آخر في حالة فوزه حتى و إن كان بوتفليقة (أستبعد ذلك في الواقع) .هناك خارطة طريق بدأها الجزائريون منذ الإستقلال :السكن،التعليم الصحةوتحقيق رفاهية المواطنين...
    و ما تغير في ذلك هو الوتيرة.بمعنى أن منجزات الفترة الأخيرة واضحة و مهمة في هذا المجال.و لن يحيد آخر على هذه المنجزات هذه ثوابت رئيس دولة الجزائر.أما المتغيرات فهي العصبة و تموقع جماعة هذا الرئيس القادم مهما كان.هل تتصور من يطبل لفلان أو علان هو فعلا يريد تغيير نمط الجزائر لا و أتحداهم

  • محمد

    ما تحكيوناش على الثقافة , احكيونا غير على البالون , احنا شعب تاع بالون

  • محمد

    قتلتنا بالسيريو , احكينا شوية على المونديال