-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المحذور في معادلة الثورة في سوريا

الشروق أونلاين
  • 3537
  • 1
المحذور في معادلة الثورة في سوريا

لم يستطع النظام السوري إخفاء عجزه المفرط في معالجة الأزمة التي تحوّلت إلى مواجهات دامية بين القوات الأمنية النظامية وجماهير الشعب السوري الذي كسر حاجز الخوف وحاصر حزب البعث العربي الاشتراكي وأظهر للعيان أن لا مد شعبي للنظام وأن كل ما كان يصدر عن أجهزته الإعلامية إنما هو واحد من أساليب التضليل العديدة التي يتسلح بها النظام في مواجهة القوى السياسية المعارضة والمقموعة، كما أمام القوى الإقليمية والرأي العام الدولي..

  • ومع ازدياد عدد الضحايا في وسط المدنيين يكتشف الجميع أن كل شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية وكرامة الوطن والمواطن إنما هي لتغطية جرائم النظام.
  • في سوريا يخرج الشعب السوري للمرة الثانية بعد ثلاثين سنة من خروجه الأول ضد النظام نفسه عندما كان الأسد الأب هو من يحكم ..في الخروج الأول تجمعت كل عناصر الوجاهة في الموقف الشعبي بعد أن تواطأ النظام وتوافق مع السياسة الأمريكية، كما أعلن كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وقتذاك  محاصرة قوات الثورة الفلسطينية في لبنان وكسر شوكة القوى الوطنية اللبنانية ودعم القوى الانعزالية..كما دخل النظام نهاية السبعينيات من القرن المنصرم في حالة تصفية للقيم والأخلاق بعد أن استفحل شر الأجهزة الأمنية، وبدأت ملاحقات النظام لقوى المعارضة السورية، لاسيما الحركات الإسلامية الخصم التقليدي لحزب البعث الاشتراكي..ولقد تحرك النظام منتفخا بما روّج له من “انتصارات باهرة” في حرب تشرين ليصفي الحساب مع خصومه.
  • صحيح كانت مبررات الخروج في المرة السابقة قوية ومنطقية تماما لكن كانت هناك بعض الظروف التي لم تنضج بعد..إذ أن خروج الشعب السوري يومذاك كان في ظل إقدام النظام المصري على الصلح مع إسرائيل في حين كان النظام السوري يدعي الصمود والتصدي مع أنه وللحق لم تتوقف الاتصالات والمفاوضات مع النظام السوري الذي كان يبحث عن ثمن أغلى، مما كان معروضا فالمسألة عنده ليس رفض التسوية السلمية إنما هي المساومة على الثمن..هذا من جهة النظام ومن جهة المعارضة السورية التي شكلت تحالفا كانت حركة الإخوان عموده الفقري، فلقد وقعت في سلسلة أخطاء أجهضت الثورة أولها التوجه نحو عسكرة الثورة ومواجهة أجهزة الأمن بالسلاح، فكانت فرصة النظام أن يستخدم أبشع حالات الإرهاب كما فعل في حماة ودمر أحياء سكنية فيها وفي غيرها من القرى والبلدات السورية..وثاني الأخطاء القاتلة أن تلك الثورة امتزجت بشعارات طائفية وكأنها حرب بين السنة والعلويين، وهذا يعني بوضوح استدراج قوى اجتماعية للتحالف مع النظام بالضرورة، فضلا عن كونه خطأ استراتيجي ما كان لقوى المعارضة أن تقع فيه..هذا كله بالإضافة إلى التحولات الكبيرة الناشئة في الموقف الدولي من منطقتنا العربية، حيث لم يعد أمام النظام الغربي من مسوغ لمساندته الأنظمة القمعية التي تصطدم مع الحس العام للناس من جهة ولمحاولات دؤوبة ومستدامة من قبله، لكي يحدث توازنات جديدة في البلد توفر له الاختراق المناسب في توجيه السياسات في هذا البلد أو ذاك.
  • اليوم تقف جماهير الشعب السوري وهي أكثر نضجا في شعاراتها تحتوي كل مكونات الشعب السوري الثقافية والسياسية والاجتماعية ترفع أكفها في مواجهة مخرز النظام الطاغي والفاقد لأي مبرر من مبرراته السابقة، حيث لازال الجولان محتلا بعد أكثر من أربعة وأربعين عاما، والمفاوضات مستمرة مع إسرائيل رغم العدوان المستمر على سوريا، واستهداف منشآتها الحيوية، بالإضافة إلى استشراء حالة الفساد والرشوة ونهب ثروات البلد واحتكار البلد كله بيد مجموعة المقربين عائليا من رأس النظام.
  • ولكن لابد من الانتباه أن المعركة الدائرة بين الشعب السوري والنظام في سوريا لا تعود أثارها على الطرفين المذكورين فقط بل إنها تتعدى حدود الإقليم بما لكل طرف من طرفي الصراع من امتدادات وعلاقات، بالإضافة لما سيكون من آثار على الصراع مع الكيان الصهيوني..لهذا لا يمكن المواصلة في الحديث عما يجري في سوريا دون إدراك كل العوامل التي تحيط بسوريا من مصالح إقليمية ودولية ..هنا تصبح المسألة تحتاج إلى يقظة فائقة فليس من المنطق أن ينسحب موقف الثورة على النظام إلى صناعة موقف بالحدة نفسها من تحالفات النظام الإقليمية كـ”حزب الله” اللبناني وإيران ..وأنه يعني كذلك الانتباه لموضوع العلاقة بالناتو وتركيا والمؤسسات الغربية التي تبدي تعاطفا مع ثورة الشعب السوري، فينبغي النظر إلى كل ذلك بمزيد من الريبة..هنا يجب التنبه لألا نخرج من جحيم الديكتاتورية إلى تفسخ البلد وانهيارها أمام الاجتياح الأمريكي.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • صلاح الدين الجزائري

    السلام عليكم.. شكرا على هذا التحليل ولكن عندي تساؤلين إذا كان ممكن التفسير ....لم أفهم موقف حزب الله الداعم للنظام السوري .. وكأن لاأحد بعد هذا الأخير يدعم المقاومة ويعادي إسرائيل على الأقل ظاهريا هذا واحد.
    الثاني هو تقلب بعض من المواقف من بعض الجهات. حين تكون الثورة بعيدا عنهم تجد ألسنتهم تعج بالمباركة والإعجاب... أما حين تحل الثورة ببابهم تنزل بدارهم يبدأ الحذر والتريث والتثاقل إلى الأرض, هل لأنه كلهم إلا نحن أم نحن فعلا إستثناء........(كقولهم).