-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المرجعية الدينيّة الوطنية.. بين التّنظير والتّطبيق

سلطان بركاني
  • 3271
  • 0
المرجعية الدينيّة الوطنية.. بين التّنظير والتّطبيق

يلاحظ في الآونة الأخيرة أنّ الجهات المسؤولة في البلد، بدأت تنتقل بموضوع “المرجعية الدينية الوطنية” من الحديث الإعلاميّ إلى الإجراءات القانونيّة، لكنّ الملاحظ أيضا أنّ هذه الإجراءات علاوة على كونها قصرت على الجانب الثقافي أين تمّ إصدار مراسيم تلزم الجهات المعنية بطباعة وتوزيع المصحف الشّريف بمراعاة رواية ورش عن الإمام نافع، وتلزم الجهات التي لها صلة بطباعة واستيراد الكتاب الدينيّ وتوزيعه باحترام المرجعية الدينية الوطنية والنظام والآداب العامة والحقوق والحريات الأساسية وبأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها.يلاحظ في الآونة الأخيرة أنّ الجهات المسؤولة في البلد، بدأت تنتقل بموضوع “المرجعية الدينية الوطنية” من الحديث الإعلاميّ إلى الإجراءات القانونيّة، لكنّ الملاحظ أيضا أنّ هذه الإجراءات علاوة على كونها قصرت على الجانب الثقافي أين تمّ إصدار مراسيم تلزم الجهات المعنية بطباعة وتوزيع المصحف الشّريف بمراعاة رواية ورش عن الإمام نافع، وتلزم الجهات التي لها صلة بطباعة واستيراد الكتاب الدينيّ وتوزيعه باحترام المرجعية الدينية الوطنية والنظام والآداب العامة والحقوق والحريات الأساسية وبأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها.

علاوة على ما سبق، فإنّ هذه الإجراءات ربّما لن يكون لها كبير دور في فرض احترام المرجعية الدينيّة الوطنيّة، في زمن الإنترنت والفضاء المفتوح، حيث بدأ الإقبال على اقتناء المصاحف المطبوعة يتناقص لصالح المصاحف الإلكترونية التي تحمّل بكلّ سهولة، ويتمّ التّعامل معها وتصفّحها بكلّ أريحيّة، وهكذا الكتب الدينيّة لمختلف الطّوائف والجماعات والأديان، أصبحت بدورها متاحة على شبكة الإنترنت ويمكن الحصول عليها مجانا وفي وقت قصير.. ومن هنا، فإنّ هذه المراسيم لم تأت بجديد يخرج موضوع المرجعية الدينية من التّنظير إلى التّطبيق.

لا ريب أنّه ما من جزائريّ يحبّ دينه ووطنه إلا وهو يتمنّى أن تجتمع كلمة الجزائريين على مرجعية واحدة، وتكون لهم دار إفتاء كما هي الحال في السعودية ومصر والأردن ودول إسلاميّة أخرى، تجمع خيرة علماء هذا البلد، وتعكف على البتّ في القضايا الفقهية الخلافية استنادا إلى أدلّة الكتاب والسنّة وأصول مذهب الإمام مالك في الاستدلال والنّظر، وتقدّم الفتوى في نوازل الأمور مستعينة بالعلماء والمتخصّصين في شتّى المجالات، من دون أن تنتظر الإذن من أحد أو تكون تحت سلطة أيّ جهة. 

لكنّنا إلى الآن لم نرَ أيّ خطوة في هذا الاتّجاه، فما نسمعه من حديث يتعلّق بفرض احترام المرجعية الدينيّة الوطنيّة لا يعدو أن يكون رسائل توجّه إلى أئمّة المساجد وإلى بعض الطّوائف والجماعات، ربّما لا تصل إلى الجهات التي يراد لها أن تصل إليها، في ظلّ غياب أيّ قوانين تمنع الانتماء إلى طوائف وجماعات تخالف المرجعية الدينية الوطنية، بل وغياب أيّ قوانين تمنع اعتناق أديان أخرى غير الدين الرّسميّ للبلد؛ ووزارة الشؤون الدينيّة نفسها لا تملك من الآليات ما يمكّنها من فرض احترام المرجعية الدينيّة الوطنيّة على أئمّة المساجد الذين يتبع أكثرهم المدارس الفكرية والفقهية المعاصرة، من إخوان وسلفية، ويستقُون الفتاوى من العلماء المعاصرين دون مراعاة أو اهتمام بالمذهب الفقهيّ، والوزارة ليس في مقدورها إلزام الأئمّة بالمذهب المالكيّ في ظلّ ندرة المفتّشين الذين توكل إليهم مهمّة مراقبة الخطاب المسجديّ؟ 

وإن حصل وأمكن وزارة الشؤون الدينيّة إلزام الأئمّة بالمرجعية الدينيّة الوطنيّة، هل يكون في إمكانها أيضا إلزام رواد المساجد بما يلتزم به الأئمّة؟ وقبل هذا وذاك؛ هل قطاع الشؤون الدينيّة هو وحده المعنيّ باحترام المرجعيّة الدينيّة الوطنيّة؟.. إنّه ليس يُفهم أن تربط المرجعية الدينية الوطنية بالخطاب المسجديّ وبالمصاحف والكتب الدينيّة، بينما يُغضّ الطّرف عن الجهات العلمانية وبعض الجهات المسؤولة التي لا تعير أدنى اهتمام أو قدر للمرجعية الدينية.. خطاب المرجعية الدينيّة لا ينبغي أبدا أن يظلّ مقصورا على المساجد، وإنّما ينبغي أن يوجّه أيضا إلى البنوك ومؤسّسات الضّمان الاجتماعيّ لتكيّف تعاملاتها مع المرجعية الدينيّة الوطنيّة ومع ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويوجّه إلى بعض الأطراف التي تزحف على قانون الأسرة وقانون الأحوال الشّخصية لتقطع صلته بالمرجعية، وإلى الجهات التي تسعى لتفريغ المنظومة التربوية من كلّ ما يربطها بمرجعية البلد.. وهكذا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!