-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المستقبل يكشف خفايا زيارة بايدن!

المستقبل يكشف خفايا زيارة بايدن!

عند ما يقول الرئيس الأمريكي إن “حلّ الدولتين ليس غدا”، ويقول الرئيس الفلسطيني إن “حل الدولتين قد لا يتوفر في المستقبل”، تنكشف حقيقة الصراع وطبيعة النيّات، حتى أننا نكاد نعرف أي مصير ينتظر القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني في القادم من السنوات.

يدرك الأمريكان أن حل الدولتين إنما هو مجرد ذر للرماد في العيون وتسويف ما بعده تسويف، سواء أكان ذلك في ظل الأوضاع الراهنة أو في المستقبل القريب. لذلك فإن المعادلة بالنسبة لهم مقلوبة: ينبغي تسبيق الحاضر على المستقبل؛ أي الاعتراف بالكيان الصهيوني والتطبيع معه كلية وبعدها يمكن التفكير فيما ستكون عليه الدولة الفلسطينية الموعودة، أما أن يعترف هذا الكيان بالدولة الفلسطينية إلى جانبه وبعدها يأتي الاعتراف به فأمرٌ غير مقبول، بما يُبيِّن بوضوح أن المحتل يعرف مسبقا أنه في غير أرضه ولا وطنه، ولكي يعترف بنصف هذه الحقيقة ينبغي الاعتراف به والتطبيع معه أولا، وبعدها سيقرر إن كان لك بعض الحق فيما أخذه منك.

هذا المنطق في إدارة الصراع في المنطقة هو الذي زاد من مصداقية الطرح القائل بلا جدوى الحوار مع الكيان الصهيوني أو مع الولايات المتحدة في هذه المسألة وأن فلسطين إنما تُحرَّر شبرا شبرا عبر المقاومة مثلما احتُلت منذ 74 سنة قطعة قطعة. ولعل إشارة الرئيس الفلسطيني إلى كون حل الدولتين قد لا يكون متاحا في السنوات القادمة تحمل دلالتين:
– الأولى أن استمرار سياسة الاستيطان والتهجير الحالية الممارَسة من قبل الكيان الصهيوني لن تترك أي إقليم يمكن أن تقوم عليه الدولة الفلسطينية، ومن ثَمّ فإن تأجيل حل الدولتين معناه الإلغاء التام لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

– الثانية أن فقدان هذا البديل في السنوات القادمة يعني أن الفلسطينيين سيعودون إلى نقطة البداية؛ أي تحرير فلسطين كل فلسطين.

ويبدو أن الدلالة الثانية هذه هي الأقرب إلى التحقق بالنظر إلى استحالة قبول الكيان الإسرائيلي بأجندة واضحة المعالم لقيام الدولة الفلسطينية دون أن يتم فرض ذلك فرضا عبر المقاومة.
وهذا يعني أن المسألة الفلسطينية ثانويةٌ بالنسبة للرئيس الأمريكي في جولته الحالية للشرق الأوسط تسبقها المسائل الجيو إستراتيجية المتعلقة بالأمن الدولي وأمن الطاقة وتعزيز التحالفات العسكرية الموالية له ضد روسيا والصين وإيران، وهو ما بدا واضحا من نتائج هذه الزيارة.
هذا الواقع يؤكد مرة أخرى، أن منطق الاحتلال والهيمنة لا يمكن أن يواجَه سوى بمنطق المقاومة والعمل على الاستفادة من التبدُّلات الحاصلة على صعيد موازين القوى العالمية وبخاصة تلك التحولات الحاصلة في الاستراتيجيات الكونية لكل من الصين وروسيا، دون ذلك ستضيع القضية المركزية للأمة بين منطق التسويف الدولي ومصالح الدول القائمة في المنطقة.
لقد جعلتنا هذه الزيارة نستخلص درسا جديدا في مجال الصراعات الدولية وبخاصة ما تعلق منها بفلسطين.. لا يمكن لأي سلام أن يكون عادلا ومتوازنا من دون أن تُعزِّزه القوة اللازمة لذلك… كم مَرَّ على المبادرة العربية الأولى للسلام (مبادرة الأمير فهد 1981) أكثر من 40 سنة؟ كم مر على المبادرة العربية الثانية للسلام (مبادرة الملك عبد الله 2002) أكثر من 20 سنة؟ لماذا فشلتا إلى حد الآن؟ لأن مستقبل قيام الدولة الفلسطينية المقتَرَحَة من قبل المبادرتين مقابل السلام بقي غير محدد زمنيا.. ينظر إليه العرب ضمن المستقبل القريب، ويعتبره الإسرائيليون مستقبلا غير منظور.. وهنا تكمن المفارقة، إما القيام بتحديد دقيق لمفهوم الزمن والمستقبل عند جميع الأطراف أو الكف عن أي فرص قادمة للسلام.. الكلمة ستنتقل حينها للوسائل الأخرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!