-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المطلوب اعتذار شعبي جزائري لفرنسا؟

الشروق أونلاين
  • 10390
  • 0
المطلوب اعتذار شعبي جزائري لفرنسا؟

لا يوجد شعب لُدغ من ذات الجحر عدة مرات مثل الجزائريين، فكلما حاول الاقتراب من فرنسا والولوج إلى جحرها، إلا ولدغته وناءت بجانبها، ورغم أن كل العالم يُدرك أن القوانين العنصرية التي ميّزت فرنسا عن بقية بلاد المعمورة…

  • وجاءت على مقاس العرب والمسلمين إنما كان المعني بها هم الجزائريون والجزائريات، إلا أننا نصرّ على طلب “الاستخارة” السياسية والاجتماعية من هذا البلد الذي أنجب ديغول وجون ماري لوبان وغيرهما من رجال ونساء فرنسا الذين لن يرضوا عنا حتى ونحن نتبّع ملتهم بالنية وبالقول وبالفعل، وحتى لو كان من الجيل الثالث أو الألف، ومن مزدوجي الجنسية أو أحاديي الجنسية الفرنسية أو من رافعي العلم الفرنسي ومحققي التطوّر لهذا البلد الذي تحول برلمانه في الأيام الأخيرة إلى شأن جزائري رغم أن ما يحدث جنوب فرنسا لا يعني الجزائر إطلاقا..
  •  الرسالة العنصرية التي بعثت بها رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان للبرلمان وهي واحدة من المرشحات لأن تكون أول رئيسة لفرنسا، خاصة بعد تورط دومينيك ستروس في الفضائح الأخلاقية ليست إلا تأكيد لقناعة فرنسية اتحدت عليها كل الأطياف الفرنسية في السنوات الأخيرة، فالمرأة لم تتوقف في رسالتها عند إلغاء إزدواجية الجنسية وإنما اتهمت الجزائريين بتشويه تناسق المجتمع الفرنسي وديكوره المزيّن بالعيون الزرقاء والشعر الأصفر والبشرة البيضاء، ولأن الراسل والمرسول إليه يتحدان ويتساويان في الشأن السياسي، فمعنى ذلك أن رسالة إبنة لوبان هي قناعة فرنسية مادام نائب آخر في البرلمان الفرنسي من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الفرنسية طالب بجعل مزدوجي الجنسية مواطنين من الدرجة السفلى ولاقى طلبه عاصفة من التصفيق.
  • لن ندافع عن مزدوجي الجنسية فلهم جمعيات ووزراء وبرلمانيين وحتى لاعبي كرة وفنانين يصنعون الحدث في فرنسا، ولكننا نعترف بأن “ضعفنا” هو مَن صَنع قوة الآخرين، و”ذلنا” هو مَن صَنع عزة الآخرين، وعندما تتهمنا فرنسا التي شوهت تاريخنا وهويتنا وبعثرتنا في جغرافيتها على مدار قرن وربع قرن بأننا نشّوه تناسق مجتمعها “الفاضل” فإنه وجب علينا الاعتراف بأننا شوهنا أيضا تناسق مجتمعنا بلغة خليط من لغتهم وأحيانا فرنسية خالصة، وعادات وتقاليد وأخذ للأفكار من الضفة الأخرى، ومؤلم أن لا تعني الرسالة العنصرية – التي لم تحرك لحد الآن من يدعّون الوصاية على الشعب الجزائري – جزائريي الجيل الثالث المساكين الذين تورطوا في فرنسا، وإنما أيضا الكثير من رجالات المال والسياسة وحتى الدين، والمفجع أن مئات الجمعيات الدينية التي التقت مؤخرا في مدينة ليل كان بعضها يحلم بنهار فرنسي وردي باسم دين ارتضى له العزة الدنيوية والأخروية الأصيلة ولكنه طلبها “مزيفة” من فرنسا.
  • في الشأن الفرنسي بالذات لا يجب أن نعيب زماننا ونبحث عن الأعذار، فالعيب فينا وفي فرنسا أيضا، وإذا كانت رسالة طلب الاعتذار الموجهة لفرنسا لن تُقرأ أبدا، فما بالك أن يُستجاب لها، وحتى كاتبيها يعلمون بذلك، فإن زمن اعتذارنا لفرنسا قد حان، فنحن فعلا من أفسدنا السنفونية الفرنسية الحالمة بنشاز “البندير والجاواق” ونحن من شوّهنا انسجام اللوحة الزيتية الساحرة باللون الأسمر والشعر المجعّد.. ونحن من شوهّنا تاريخهم الحديث بجيل زيدان وناصري وعجاني واسماعين وتاريخهم القديم بالمجازر التي جعلتهم أشرّ من هولاكو وهيتلر وموسوليني.    
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!