-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

” الناتو” وداعا !

” الناتو” وداعا !
ح.م

رسم حلف شمال الأطلسي “الناتو” مسار طريقه نحو رفوف الذاكرة، شيخوخة سبعين عاما، أفقدته القدرة على البقاء، كما كان فاعلا في دائرة الصراع الكوني المتعاظم، متآلفا مع عناصر بنائه قوة عظمى .

جعلت واشنطن من الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس “الناتو” 3 أفريل 2019 حفل تأبين لوجوده في عالم متغير، لم يستطع التكيف معه، أمام جسامة التحديات، التي تغيرت طبيعتها خلال العقد الأخير.

ما كان لتلك التحديات أن تسكت دماغ “الناتو” في خاتمة عقده السابع، لولا ما أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تساؤلات حول جدوى بقائه بعد أن “عفا عنه الزمن” وجدوى بقاء الولايات المتحدة الأمريكية فيه، في ظل تكلفته المرتفعة.

قلب دونالد ترامب الواقع التقليدي رأسا على عقب، وتمادى في خطاب هز أركان أكبر حلف عسكري في العالم، لغته وصفت بـ”التصادمية” غير المألوفة تجاه الحلفاء، وعن التزاماتهم المالية والعبء الواقع على واشنطن بدفاعها عن القارة الأوروبية.

دور “الناتو” لم ينته إذ يؤبن وجوده، فالتهديدات التي أنشأ من أجلها مازالت قائمة، دول أوروبا لم تأمن من التهديدات الروسية التي بدأت إرهاصاتها في جورجيا وأوكرانيا، ثم بلغت ذروتها مع انهيار معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى “سالت” التي التزمت بها موسكو وواشنطن لعقود طويلة، فضلا عن خطورة الأوضاع في الشرق الأوسط، وأبرزها التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا، واستمرار التهديدات الإرهابية وزيادة الطموحات العسكرية للصين خاصة في منطقة جنوب وشرق آسيا.

أدرك دونالد ترامب عقلانية بقاء “الناتو ” إزاء هذه التحديات، وإبعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تحقيق حلم يتمنى رؤيته، لكنه اشترط على أعضاء الناتو زيادة مساهماتهم المالية، وقال “سنكون مع حلف الأطلسي مئة بالمائة، ولكن كما قلت للدول الأعضاء في الحلف: يتعين عليكم تغيير العتاد، وعليكم أن تدفعوا” !!

“الناتو” لا يتكفل بحماية أوربا وكندا فقط، فهو جدار حصين للولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكنها التخلي عنه، لكنها لا تريد أن تحتل المركز الأول في نسبة الإنفاق العسكري بين دول الحلف، حيث تبلغ مساهمتها 3.5% من قيمة الناتج القومي الإجمالي، وتنفق أغلب دول الحلف نسبا أقل من 2%، مع تعهد بأن تصل إلى نسبة 2% بحلول عام 2024، وخلال عام 2018 بلغت قيمة المساهمة الأمريكية في موازنة الناتو نحو 70% من إجمالي نفقات الحلف العسكرية، هذه الأرقام أثارت حفيظة دونالد ترامب.

دول “الناتو” لا تبات ليلها مطمئنة من نوايا “ترامب”، وهي تسارع لإرضائه بإيجاد معادلة جديدة عادلة لسياسة الإنفاق الدفاعي، فالواقع الراهن لا يحتمل تشتت الحلفاء، وهم فاقدون لشروط القوة .

ويعتقد الضابط الأمريكي السابق ونائب الأمين العام السابق للناتو، جيمس بارديو، أن من شأن أي حديث عن انسحاب أمريكي من الناتو أن يكبد الشركات الأمريكية المصنعة للأسلحة خسارة في السوق الأوروبية الواسعة والغنية، والتي تسهل عضوية واشنطن بالحلف تصدير الأسلحة الأمريكية لها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!