-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“النسوية” تقوّض بنيان الأسر المسلمة

سلطان بركاني
  • 1112
  • 0
“النسوية” تقوّض بنيان الأسر المسلمة

من إفرازات العلمانية المتسلّطة على رقاب وواقع المسلمين في هذا الزّمان، شيوع الفكر النّسويّ الذي أضحى وبالا حقيقيا ليس على النّساء فقط، إنّما أيضا على كثير من الرّجال الذين أصبح بعضهم يدافع عنه بحماس أكبر من حماس النّساء.. نساء ينظرن إلى طاعة الزّوج على أنّها عبودية وتخلّف ومن إفرازات القرون الوسطى! وإلى أحكام الميراث على أنّها ظالمة في حقّ النّساء، وأنّه ينبغي الاستعاضة عنها بأحكام مدنية تساوي بين الرّجل والمرأة، ويدافعن عمّا يرينه حقا لهنّ في أن يكون لهنّ وجود في كلّ مكان ومن دون استثناء!

أصبح الأصل في وجود المرأة أن يكون خارج البيت عاملة أو متسوّقة أو متفسّحة، وقرارها في بيتها كما أمر الله: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾؛ أصبح استثناءً، بل أضحى ينظر إليه على أنّه من تقاليد الماضي البالية.. وقد رضي أغلب الرّجال بهذا الواقع وألفوه، إلى الحدّ الذي جعل أكثر الخطباء والدّعاة يحجمون عن ترغيب النّساء في أن لزوم بيوتهنّ إلا لعمل أو حاجة، خوفا من أن يتّهموا بالتشدّد والانغلاق.

أُسَر تشتتْ وأبناء شرّدوا، بسبب تفشّي فيروس “النّسوية” الذي يحرّض النّساء على أن يقفن للرّجال الندّ للندّ؛ فلا ولاية لأب ولا قوامة لزوج.. بيوت تحوّلت إلى حلبات صراع بين الأزواج والزّوجات، بسبب الفكر النسويّ.. زوجات يرفضن طبخ الطّعام لأزواجهنّ ويأنفن عن غسل ثيابهم، بحجّة أنّهنّ زوجات ولسن خادمات، وأنّهنّ لسن ملزمات بأشغال البيوت.. بل إنّ بعض النّساء تخلّين عن أنوثتهنّ حتّى أصبحن رجالا في أجساد نساء؛ لا قضية لإحداهنّ في هذه الدّنيا إلا أن تثبت شخصيتها، ليس بثقافتها ورجاحة عقلها وحسن تدبيرها، إنّما بتحرّرها ممّا تسمّيه “سلطة الزوج”، وأن تثبت معاندتها لشرع ربّها الذي وُسوس لها أنّه ظلمها وهضم حقّها.. لقد أصبحت النّساء والزّوجات يتواصين بهذا الفكر النّسويّ، ويحرّض بعضهنّ بعضا على اعتناقه؛ تشكو الزّوجة إلى صديقتها خلافا حصل بينها وبين زوجها، فلا تتردّد الصّديقة في نصحها قائلة: “طلّقيه واش راكي تسنّاي!”، لكنّها إذا شكت إليها ظلم المسؤول في مكان العمل، نصحتها قائلة: “اصبري برك يا اختي هذي خبزتك”!

المودّة والرّحمة التي كانت تملأ البيوت، في عقود وسنوات مضت، بدأت تفقد.. الأيام التي كانت فيها الزّوجة تخدم زوجها وأبناءها في البيت وهي راضية فرحة مسرورة بدأت تصبح من تراث الماضي، بعد أن غدت القوامة بالتناصف والإنفاق بالشّراكة! أصبحت الزّوجة تحاسب زوجها محاسبة الشّريك لشريكه، وتجادله مجادلة الخصم لخصمه، وتهدّده بالخلع لأتفه الأسباب!
نعم، هناك عادات بعيدة عن الشّرع سادت في مجتمعنا، كانت من أسباب هذا التحوّل، لكنّ السّبب الرئيس ليس هو العادات الخاطئة، إنّما هو تأثّر كثير من النّساء بالفكر النّسويّ الذي حملته المسلسلات والأفلام والحصص التلفزية، وأريد له أن يزيح ليس العادات الظّالمة فقط، إنّما أحكام الشّرع العادلة أيضا تحت مسمّى التخلّص من سلطة الفقهاء وفهمهم المتحجّر للدّين! وليس غريبا أن تكون كلّ النّساء المتأثّرات بالفكر النّسويّ جاهلات بأحكام الشّرع التي تنظّم العلاقات الأسرية، إلا ما تعلّق منها بالحقوق التي أقرّتها للمرأة في حال الطّلاق!

شرع الله العليم الخبير لم يظلم المرأة قيد أنملة، بل جعل منها ملكة يصونها أبوها ثمّ زوجها ثمّ أبناؤها بكلّ رأفة وحنان، يتقرّبون بذلك إلى الله ولا يريدون جزاءً ولا شكورا.. ولاية الأب في شرع الله هي ولاية إحاطة وحماية وحرص، وليست ولاية تسلّط وعضل وظلم، وقوامة الزّوج هي قوامة مودّة ورحمة وإحسان وصون وغيرة وكفاية لهمّ الدّنيا، وليست قوامة استبداد واستعلاء.. وإذا كان بعض الآباء فهموا الولاية على غير حقيقتها وبعض الأزواج أساؤوا تطبيق القوامة، فالحلّ يكمن في إعادة هؤلاء وأولئك إلى شرع الله.. الحلّ أمام انتشار الفكر النّسويّ ليس في أن نحرّض الرّجال على النّساء لمواجهة العلمانية والفكر الفاسد، إنّما في حثّ الرّجال على لزوم شرع الله، وعلى القيام بولايتهم وقوامتهم كما أرادها الله.. نحتاج إلى أن نجعل قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: “مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا، أو أختينِ أو ثلاثًا، حتَّى يَبِنَّ (ينفصلن عنه بتزويج أو موت)، أو يموتَ عنهنَّ كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ -وأشار بأُصبُعِه الوسطى والَّتي تليها-” وقوله -عليه الصّلاة والسّلام-: “خيركم خيركم لأهله” واقعا نعيشه، وليس مجرّد كلام نسمعه في دروس وخطب المساجد.. هذه الخطوة هي الأهمّ وليست الأخيرة في مواجهة الفكر النّسويّ، فينبغي أن تتمّمها خطوات أخرى مهمّة، منها تجلية مكامن عظمة الشّريعة الإسلامية في رعاية حقوق المرأة، في مقابل نفاق الشّعارات العلمانية التي تدافع عن المرأة الشابّة العاملة وتغضّ طرفها عن المرأة الكبيرة، وتدافع عمّا تدّعيه حقّا للمرأة في أن تتصرّف في جسدها كما تشاء وتتغاضى عن حقّ المرأة في أن تلبس اللّباس السّاتر والحجاب الشّرعيّ، وحقّها في أن تختار لزوم بيتها وتربية أبنائها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!