-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بسبب كثرة المسؤوليات.. تلاميذٌ في عطلة وأمّهاتٌ في (حَصْلة)

سمية سعادة
  • 799
  • 1
بسبب كثرة المسؤوليات.. تلاميذٌ في عطلة وأمّهاتٌ في (حَصْلة)

عادة ما تُعاني المرأة العاملة من أعباء أبنائها من التلاميذ المتمدرسين، خاصّة عندما يتعلّق الأمر بواجب إيصالهم إلى مدارسهم صباحا، ثم العودة من أجل اصطحابهم في المساء.

وهذه المشقّة تنتهي عند دخول المدارس في عطلة، فلا التلاميذ يضطرُّون إلى الخروج صباحا للّحاق بدروسهم، ولا النساء العاملات يكنّ مضطرّات لتحضير فطور الصباح، وأداء غير ذلك من الواجبات التي يحتاج إليها الأبناء.

ومع ذلك، يبدأ مسلسل آخر من المشاكل التي تتعلّق بمن يبقى مع الأبناء خلال غياب الأم العاملة عن البيت في فترة دوامها في العمل، ومن يُلبّي احتياجاتهم في البيت، خاصّة تلك الاحتياجات العاطفية والنفسية إذا علمنا أنّ العطلة المدرسيّة هي المساحة الزمنيّة الوحيدة التي تسمح للأبناء بالتواجد مع الأم على مدار اليوم.

وبحسب دراسة قامت بها الباحثة الجزائرية مليكة الحاج يوسف، فإنّ المرأة العاملة تكون مشتّتة بين أداء أدوار كثيرة ومتنوّعة، وهذا ما يجعل التقصير حليفها حتما في أداء أحد تلك الأدوار، وذلك بسبب تعدُّد المسؤوليات كزوجة وكأم وكعاملة؛ وتفرض عليها الظروف أن تقدّم العناية الكاملة لأبنائها، بغض النظر عن عملها المهني، وهي مضطرّة ألاّ تقصّر في أداء واجباتها تجاه أبنائها مهما كانت الالتزامات المفروضة عليها في عملها.

ولهذا تؤكد هذه الباحثة أنّ العديد من الدراسات السابقة التي أُجريت على عيّنات واسعة من النساء انتهت إلى أنّ الأم العاملة أكثر عرضة للإصابة بالتوتُّر والقلق اللّذين ينتجان عن تلك المسؤولية المزدوجة.

ومن المثير أن تشير إحدى الباحثات، التي تدعى “بيجي ثويتس”، في تحليل قامت به سنة 1985 شمل عيّنة من النساء العاملات، إلى ظهور ما أطلقت عليه اسم (مرض الطفل المضروب)؛ وهو مصطلحٌ يشير إلى كثرة ضرب النساء العاملات لأبنائهنّ بسبب عدم قدرتهنّ على تحمُّل مشاكلهم، وهذا ما سينعكس سلبا على العلاقة بين الأم وأبنائها.

وإذا كان الإسلام قد حدّد مسؤولية المرأة في تربية أبنائها، ومنحهم العناية اللازمة إلى أن يبلغوا سنّ الرشد، فقد كفل لها، من جهة أخرى، أن تحظى بالحماية الاقتصادية والمالية التي فرض على الزوج أن يوفّرها لها، وهذا سيزيل، من دون شك، تلك الأسباب الواهية التي ترفعُها المرأة بهدف تبرير عملية خروجها إلى العمل، والاختباء وراء الضرورة الاقتصادية والحاجة إلى أن تلبّي المرأة العاملة مطالبها المادية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الطبيب النفساني النمساوي الشهير سيجموند فرويد، أيضا، حمّل للوالدين، وخاصّة الأم، كامل المسؤولية لما ينتهي إليه أطفالها، إذ أنّ حياة الأم العاملة تكون منعزلة عن أطفالها بسبب عملها. وليس من الغريب إذن أن تشعر هذه الأخيرة بالذنب عندما تقصّر في العناية بأبنائها، خاصّة من الجوانب النفسية لأنّ الطفل، في سنواته الأولى، يكون في حاجة إلى جرعات الحنان أكثر من حاجته إلى الملبس والغذاء، وذلك هو لبُّ المشكلة التي على المرأة العاملة إدراكُها قبل أن تخسر أبناءها في معركتها مع الحياة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لقمان

    بارك الله في كاتبة المقال، فلقد تطرقت مشكلة عميقة ومتفشية في مجتمعنا المعاصر، والمصيبة أنه لا يؤبه لها ولا يعتنى بها حق العناية.