-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تأملات في مشروع قانون الاستثمار الجديد (الجزء 3)

موسى بودهان
  • 1699
  • 1
تأملات في مشروع قانون الاستثمار الجديد (الجزء 3)

بقية الناحية الموضوعية لمشروع هذا القانون:

ذكرنا في الجزء الثاني من “تأملات في مشروع القانون الجديد للاستثمار في الجزائر”، وقلنا أنه حاول معالجة الكثير من الإشكاليات المعقدة التي تقف حجرة عثرة في سبيل الاستثمار وقد وفق إلى حد كبير في ذلك لاسيما من حيث: أ-تكريس مبادئ وأسس مهمة جدا (استعرضناها)، ب-رسم الغايات التي يرمي المشرع إلى تحقيقها وحصرها في سبع(استعرضناها)، ج-تحديد الاستثمارات الخاضعة لأحكام مشروع هذا القانون(استعرضناها)،  د-ضبط المفاهيم وتحديد المصطلحات المتعلقة بالاستثمار(استعرضناها)، ه-وضع إطار مؤسساتي وهيآتي منسجم وفعال (استعرضناها)، و-استحداث أنظمة جبائية، ضريبية وجمركية، محفزة جدا للاستثمار (استعرضناها). ونواصل، في الجزء الثالث من هذه التأملات القانونية، استعراض المسائل المتبقية فيما يلي:

ضمانات قانونية وإدارية، قضائية وتحكيمية غير مسبوقة:

لقد نص مشروع هذا القانون على أن المشاريع الاستثمارية القابلة للاستفادة من الأنظمة التحفيزية المنصوص عليها قانونا يمكنها الاستفادة من أراض تابعة للأملاك الخاصة للدولة. كما نص على أن الهيئات المكلفة بتسيير العقار هي من تمنح هذه الأراضي وأن كل ذلك يتم طبقا للشروط والكيفيات المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما. على أن توضع المعلومات الخاصة بتوفر العقار تحت تصرف المستثمر من طرف الهيئات المكلفة بالعقار، ولاسيما، عبر المنصة الرقمية للمستثمر التي تناولتها المادة 23 من هذا المشروع (م 6 من المشروع).

ونص على أن تعفى المساهمات الخارجية العينية التي تدخل حصريا في إطار عمليات نقل الأنشطة من الخارج، من إجراءات التجارة الخارجية والتوطين البنكي، كما نص على أن تعفى أيضا من إجراءات التجارة الخارجية والتوطين البنكي السلع الجديدة التي تدخل ضمن الحصص العينية الخارجية(م 7 من المشروع). وقضى بأن تستفيد من ضمان تحويل رأسمال المستثمر والعائدات الناتجة عنه، الاستثمارات المنجزة انطلاقا من حصص في الرأسمال على شكل حصص نقدية مستوردة بالطريق المصرفي، والمحررة بعملة حرة التحويل يسعرها بنك الجزائر بانتظام، ويتم التنازل عنها لصالحه والتي تساوي قيمتها أو تفوق الحدود الدنيا المحددة حسب التكلفة الإجمالية للمشروع. وتقبل كحصص خارجية عملية إعادة الاستثمار في الرأسمال للفوائد وأربح الأسهم المصرح بقابليتها للتحويل وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما. يطبق ضمان التحويل وكذا الحدود الدنيا المكورة آنفا، على الحصص العينية المنجزة حسب الأشكال المنصوص عليها في التشريع المعمول به، شريطة أن يكون مصدرها خارجيا وأن تكون محل تقييم وفقا للقواعد والإجراءات التي تخضع لها الشركات في تأسيسها. فضلا عن ذلك يشتمل ضمان التحويل المشار إليه أعلاه، أيضا المداخيل الحقيقية الصافية الناجمة عن التنازل وعن تصفية الاستثمارات ذات المصدر الأجنبي، حتى وإن كان مبلغها يفوق الرأسمال المستثمر في البداية (م 8 من المشروع). كما نص أيضا على أن تضمن الدولة حماية حقوق الملكية الفكرية وفقا للتشريع المعمول به. ومنع بالمطلق أن يكون الاستثمار المنجز محل تسخير من طرف الإدارة إلا في الحالات المنصوص عليها قانونا. يترتب على التسخير تعويض منصف وعادل وفقا للتشريع المعمول به (م 9 و 10 من المشروع). وفي الضمانات الإدارية: نص على أن تنشأ لدى رئاسة الجمهورية “لجنة عليا للطعون المتعلقة بالاستثمار” متشكلة من قضاة وإطارات سامية من ذوي الاختصاص وتتكفل خصيصا بالفصل في الطعون التي تتلقاها من المستثمرين في أجل لا يتعدى شهرا من يوم إخطارها. أما في الضمانات القضائية والتحكيمية: فقد نص على أنه يمكن المستثمر، زيادة على ذلك، أن يرفع في هذا الخصوص طعنا أمام الجهات القضائية المختصة وفقا للتشريع المعمول به.

وقضى بأنه زيادة على أحكام المادة 11 أعلاه، يخضع كل خلاف ناجم عن تطبيق أحكام هذا القانون بين المستثمر الأجنبي والدولة الجزائرية يتسبب فيه المستثمر أو يكون بسبب إجراء اتخذته الدولة الجزائرية في حقه، للجهات القضائية الجزائرية المختصة، ما لم توجد اتفاقيات  الدولة ثنائية أو متعددة الأطراف صادقت عليها الدولة الجزائرية تتعلق أحكامها بالمصالحة والوساطة والتحكيم، أو إبرام اتفاق بين الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار التي تتصرف باسم الدولة والمستثمر تسمح للأطراف باللجوء إلى التحكيم (م 11 و 12 من المشروع). وبخصوص عدم رجعية القانون قضى بأن لا تسري الآثار الناجمة عن مراجعة أو إلغاء هذا القانون، التي قد تطرأ مستقبلا، على الاستثمار المنجز في إطار هذا القانون، إلا إذا طلب المستثمر ذلك صراحة. ونص على أنه يمكن أن تكون السلع والخدمات التي استفادت من المزايا المنصوص عليها في هذا القانون، وكذا تلك الممنوحة في ظل الأحكام السابقة موضوع تحويل أو تنازل، بموجب رخصة تسلمها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار(م 13 و 14 من المشروع). أما بشأن الواجبات والالتزامات: فقد فرض على المستثمر الالتزام ب: السهر على احترام التشريع المعمول به أو المعايير، لاسيما منها تلك المتعلقة بحماية البيئة، والصحة العمومية، والمنافسة، والعمل، وشفافية المعلومات المحاسبية والجبائية والمالية، -تقديم كل المعلومات الضرورية التي تطلبها الإدارة لمتابعة وتقييم تنفيذ أحكام هذا القانون (م 15 من المشروع).

ثانيا- بعض النقائص والسلبيات:

انطلاقا من الحديث الشريف لرسولنا ونبينا الكريم الذي قال فيه: “كلكم خطاؤون وخير الخطائين التوابون”، ومن مقولة: “الكمال لله عز وجل وحده”، وأيضا من المقولة الشهيرة عندنا في الجزائر بالعامية: “غير اللي ما يخدمش ما يغلطش”، وعلى الرغم من المجهودات الكبيرة والاستشارات الواسعة التي قامت بها لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والتجارة والصناعة والتخطيط على مستوى المجلس الشعبي الوطني وقبلها الحكومة مع الخبراء والمختصين وممثلي منظمات أرباب العمل بخصوص مشروع هذا القانون وكذا رفضه من قبل رئيس الجمهورية وره إلى الحكومة ثلاث مرات “متتالية” بغية إثرائه أكثر وإخراجه في ثوب جيد شكلا ومضمونا إلا أنه، باعتباره من صنع البشر “والبشر يخطئ ويصيب” (جل من لا يخطئ) جاء مشوبا ببعض الاختلالات والفراغات…، وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى المحاسن والإيجابيات الكثيرة التي تضمنها، وعملا بمعطيات قانونية وتنظيمية أخرى نقول: مما لاشك فيه أن مشروع هذا القانون، كغيره من مشاريع واقتراحات القوانين، مثلما اشتمل على الكثير من الإيجابيات والمحاسن التي أشرنا إليها ونوهنا بها عاليا من خلال الفقرات السابقة فإنه، في المقابل، تضمن أيضا العديد من نقاط الظل المتمثلة في بعض النقائص والسلبيات التي ينبغي أن نشير إليها قصد تداركها وتصحيحها وتتمثل عموما فيما يلي:

1-المبالغة في الإحالة على النصوص التنظيمية، إذ وجدناها كثيرة جدا لقد مست 16 مادة هي 11، 14، 17، 18، 19، 23، 25، 26، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 36 و 37 من مجموع ال 40 مادة التي اشتمل عليها مشروع هذا القانون، ولذلك حث البرلمانيون الحكومة على الاستعجال بسن هذه النصوص التطبيقية مع سن القوانين “النصوص التشريعية والتنظيمية” المرافقة لمشروع هذا القانون بغية حلحلة جميع قضايا الاستثمار، على غرار القوانين المتعلقة بالقرض والنقد والعقار الصناعي والإصلاح الجبائي “الضريبي والجمركي” والعقار والسياحة والنقل والمناجم…لكن ينبغي أن نشير هنا إلى البرلمانيين دائما هم من يتنازلون طواعية عن صلاحياتهم الأصيلة في التشريع لفائدة الحكومة ثم يحتجون عن هيمنة هذه الأخيرة على صلاحياتهم؟ ألا يعد هذا من قبيل عدم احترام البعض لأحكام الدستور لاسيما من حيث الفصل بين السلطات وممارسة الاختصاصات…(لمزيد من التفصيل في هذا الموضوع يمكن مراجعة الديباجة والمادة 16 والباب الثالث بفصوله الأربعة ومواده 114-140 و 142-147 وغيرها من الدستور).

2-انعدام ما يسمى فقها وقانونا بالتوازن التشريعي فيما يجب أن يكون بين فصول ومواد القوانين عادة، إذا جاءت في الفصل الرابع من مشروع هذا القانون عشر مواد تقريبا “من 24 إلى 33” بينما الفصل السادس منه جاءت فيه ثلاث مواد فقط “من 38 إلى 40″؟. وانعدام التوازن التشريعي هذا انعكس سلبا على مشروع القانون، على الأقل، في بعض أحكامه، إذ تم إشباع مجالات “-الأحكام العامة وخاصة المفاهيم والمصطلحات، -الضمانات والحقوق والامتيازات، -الهيئات والمؤسسات، -الأنظمة التحفيزية”، وهذا شيء ثمناه عاليا، لكن وقع تهميش أخرى مهمة جدا كذلك”-تعريف الاستثمار أساسا، -الأحكام المختلفة، -الواجبات والالتزامات، العقوبات والجزاءات…”، وهذا أمر انتقدناه بكل حياد وتجرد.

3-لقد اشتمل، في مقدمته، على مغالطة تاريخية، إذ ورد فيها أن المرسوم التشريعي 93-12 المؤرخ في 5 أكتوبر 1993 المتعلق بترقية الاستثمار المعدل والمتمم هو أول نص قانوني ينظم الاستثمار في الجزائر؟ في حين أن أول نص قانوني ينظم الاستثمار في الجزائر، حقيقة وفعلا، هو القانون 63-13 المؤرخ في 2 أوت 1963 المتعلق بالاستثمارات المعدل والمتمم وليس غيره. ثم جاء من بعده الكثير والكثير من النصوص القانونية “التشريعات” قبل أن يتم سن هذا المرسوم التشريعي المستدل به على أنه أول قانون يؤطر الاستثمار في الجزائر؟.

4-صحيح أنه أشار، خاصة في مادتيه 36 37، إلى محاربة البيروقراطية مهما كانت وذلك ب “الإشارة” إلى العقوبات الواجب تسليطها على كل من يقوم- بسوء نية- بعرقلة الاستثمار بأية وسيلة كانت، وهذا أمر جيد للغاية، لكنه سرعان ما أفرغه من محتواه الجميل هذا لاسيما من خلال الإحالة على المجهول وذلك لما قضى بأن العقوبات “هنا” تكون وفقا للأحكام المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول به؟.، لذلك نسمح لأنفسنا بانتقاد مثل هذه الإحالات “الداخلية” غير المجدية تماما وهذا طبعا في إطار الموضوعية والسعي إلى الإصلاح بكل حياد وتجرد.

5-باستثناء بعض ما ورد في مادته الخامسة فإنه لم يرد لا في الثانية ولا في الثالثة ولا في الرابعة ما يشير، ولو مجرد إشارة، إلى تعريف الاستثمار بشكل قانوني صريح ودقيق…بل يمكن اعتبار ما ورد فيها هو تحديد للأهداف التي يتوخاها مشروع هذا القانون وكذا أنواع الاستثمارات ومجالاتها وضبط المصطلحات… الأمر الذي قد يدفع إما إلى الإقرار بتعريف كل نوع من أنواع الاستثمارات، على حدة، بالنحو الوارد في المادتين 5 و 2 من مشروع هذا القانون. أو محاولة تعريفه قانونا بناءا لاسيما على المادة الرابعة المذكورة أعلاه والقول بأنه عبارة عن: “-اقتناء الأصول المادية وغير المادية التي تندرج مباشرة ضمن نشاطات إنتاج السلع والخدمات في إطار استحداث أنشطة جديدة وتوسيع قدرات الإنتاج و/أو إعادة تأهيل أدوات الإنتاج، -المساهمة في رأسمال مؤسسة في شكل حصص نقدية أو عينية، -نقل أنشطة من الخارج”. أو الأخذ ببعض الاجتهادات الفقهية المختلفة بشأنه، -فمنهم من عرفه بأنه: “عمل أو تصرف لمدة معينة من أجل تطوير النشاط الاقتصادي، سواء كان هذا العمل في شكل أموال مادية أو غير مادية (من بينها الملكية الصناعية، المهارة الفنية، نتائج البحث) أو في شكل قروض”، -ومنهم من عرفه بأنه: “عبارة عن مجموعة من الموارد النقدية أو الفنية (تكون خاضعة للتقويم) التي تأتي بها مؤسسة عامة أو خاصة عن طريق مدخر أجنبي خاص أو عام بشكل مباشرة في نشاطها”، -في حين عرفه آخرون بأنه “عبارة عن إجازات عملية، تقنية وتكنولوجية على المعارف والمعلومات الفنية والعلمية وكذا الآلات والأدوات المستخدمة لتحقيق مشروع ما والتحكم في تنظيم فعلي لإنتاجه خلقا لقيم مضافة أو جديدة وخدمة لتنمية شاملة أو متطورة”.

6-الكثير من الإحالات “الداخلية” التي تضمنتها العديد من مواده غير موفقة لكونها غير موحدة وغير دقيقة تماما، مثال ذلك المواد 3، 5، 6، 8، 9، 10، 11، 15، 22، 27، 35، 36، 37 و 38 التي أحالت “داخليا” على التشريع والتنظيم المعمول بهما بالنسبة للمواد 3، 6، 8 و 22، وعلى التشريع المعمول به بالنسبة للمواد 9، 10، 11، 15، 35 و36، وعلى القانون العام بالنسبة للمادة 27، وعلى التشريع الساري المفعول بالنسبة للمادة 37، وعلى القوانين المتعلقة بتطوير وترقية الاستثمار السابقة لهذا القانون وكذا مجموع النصوص اللاحقة به فيما يخص المادة 38، وعلى تنظيم الصرف بالنسبة للمادة 38؟. مما يطرح، بحدة، تساؤلات كبيرة عن ماهية وطبيعة هذه القوانين والتشريعات والتنظيمات التي تحدثت عنها المواد السالف ذكرها؟. بعبارة أخرى أين الأمن القانوني الملزم للجميع بمقتضى المادة 34 من الدستور؟.

8-رغم أهمية كل المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالاستثمار التي وردت في مشروع هذا القانون إلا أن تأخيرها بوضعها في المادة 5 منه؟ بدلا من التنصيص عليها في مادته الثانية على الأكثر وفقا لما جرت به العادة في سن القوانين “النصوص التشريعية والتنظيمية”، ربما قد يشكك في أهميتها هذه من حيث تراتبيتها التشريعية. عليه كان لزاما لنا أن ننتقد مثل هذه المسألة في إطار الموضوعية كذلك والسعي دائما إلى الإصلاح بكل حياد وتجرد.

7-من الناحية الشكلية، وكما سبق وأن أشرنا، تم إغفال العديد من التأشيرات القانونية الدولية والوطنية لاسيما منها ذات العلاقة المباشرة بالاستثمار: -فعدم إدراج معاهدات واتفاقيات دولية ضمن تأشيرات هذا المشروع يوحي للغير “الأجانب خاصة” وكأننا غير ملزمين بأحكامها؟. علما أن المادة 154 من الدستور الحالي تقضي بأن “المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية، حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور، تسمو على القانون”، وأن المادة 190 (الفقرة الرابعة) من ذات الدستور تنص على أن “تفصل المحكمة الدستورية بقرار حول توافق القوانين والتنظيمات مع المعاهدات، ضمن الشروط المحددة، على التوالي، في الفقرتين 2 و 3 أعلاه”. -وعدم إدراج المادة 139 من الدستور ضمن تأشيرات هذا المشروع يعطي للغير “بصفة عامة” الانطباع بأن البرلمان غير معني بكل مجالات التشريع عموما وبمجال الاستثمار خصوصا؟. وهذا تجاوز لـ: -هذه المادة ذاتها التي تنص على أن “يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له الدستور، وكذلك في المجالات الآتية:…”. -ولمواد أخرى من ذات الدستور لاسيما 114 (الفقرة الثانية) التي تقضي بأن “كل غرفة من غرفتي البرلمان لها السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه”. وأكاد أجزم أنه لا يقلل من شأن هذه الملاحظات ما قد يبدر من أحدهم كالقول بأن ذكر المواد 141- 145 و 148 كتأشيرات دستورية كاف؟، ذلك أن الأولى (141) مثلا لما تتحدث، في فقرتها الأولى، عن ممارسة السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون، وهو من صلاحيات رئيس الجمهورية “الحصرية”. وتتحدث، في فقرتها الثانية، على أن تطبيق القانون يندرج في المجال التنظيمي الذي هو من اختصاص الوزير الأول أو رئيس الحكومة. لا توجد فيها ولو مجرد إشارة إلى إي دور تشريعي أو غيره للبرلمان؟. كما أن عدم إدراج المادة 184 من نفس الدستور ضمن تأشيرات هذا المشروع يعطي للغير “بصفة عامة” الانطباع بأن البرلمان ليس مؤسسة دستورية “رقابية”؟، غير مكلفة لا باختصاصاتها الرقابية “البرلمانية” الأصيلة؟، ولا بالتحقيق في مطابقة العمل التشريعي والتنظيمي للدستور، ولا بكيفيات استخدام الوسائل المادية والأموال العمومية وتسييرها؟. والملاحظ ذاتها تنطبق بخصوص عدم إدراج القوانين “النصوص التشريعية” التي ذكرناها آنفا، لما تحدثنا عن الناحية الشكلية. وبالنتيجة يمكن القول “أن هذه الأمور ونحوها غير مستساغة بل وغير مقبولة بالمرة حتى ولو تعلقت بالسهو”. على أية حال وقصد منح هذه المواضيع وغيرها “-الأحكام المختلفة الباقية لهذا المشروع، -البرلمان والحكومة مع القانون العضوي الناظم لعلاقاتهما الوظيفية، -التشريع والرقابة البرلمانية على نشاطات الحكومة…” قدرها وإيفائها حقها من العناية والدراسة والبحث سنعود إليها في قادم الأجزاء بإذن الله تعالى وقوته.

بقي أن أشير إلى أن غاياتنا سامية ومقاصدنا نبيلة من جملة ما قدمناه من ملاحظات أو أبديناه من اقتراحات وهي أن تتوفر في مشروع هذا القانون- المهم جدا إن بالنسبة للمواطنين والمستثمرين أو بالنسبة للاقتصاد الوطني وللدولة الجزائرية برمتها، كما أسلفنا الذكر، -جميع مقومات وعوامل نجاحه سواء من ناحية المظهر أو من حيث المضمون لاسيما في جانب الأمن القانوني (الشفافية بأن يكون واضحا “ليس فيه أي غموض يتطلب أي تأويل”، مستقر والوصول إليه سهل ومؤكد إلى جانب ضمان المساواة في التعامل مع الاستثمارات من خلال عدم التفرقة بين المستثمرين الأجانب والمحليين “الوطنيين” المقيمين وغير المقيمين وكذا بين الأشخاص الطبيعيين والمعنويين). لأن النجاح في ذلك بمثابة فوزنا كلنا وعليه لابد أن نجسده في واقعنا، مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب”.

يتبع…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بشرى

    اين الجزء الرابع ؟