-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تشجير مئة متر!

تشجير مئة متر!

عندما نتابع حالة الطوارئ المُعلنة، حول ملعب كرة القدم في مدينة “الورود” البليدة، وسهر المئات من العمال، في مهمة إعادة الحشيش لأرضيته الطينية التي لا يزيد طولها عن مئة متر، ووضع لجنة ولائية وأخرى وزارية عليا لأجل متابعة أشغال “تشجير” هذه المساحة الصغيرة، وعندما نستمع لمسؤولين من قطاعات شتى، وهم يصفون ما يقومون به بشأن هذه الأرضية بـ”التحدي الكبير” لأجل أن يكونوا في الموعد خلال مباراة المنتخب الوطني الجزائري أمام بوركينا فاسو ضمن تصفيات كأس العالم في منتصف شهر نوفمبر.. فإننا نخشى أن تكون حملة التشجير التي طالت المساحات الغابية، مجرد كرنفالات من مسؤولين محليين، عجزوا في كل ولايات الوطن التي تمتلك فرقا كروية ذات شعبية جارفة عن زرع مئة متر من الحشيش، فكيف لهم أن يُعيدوا لآلاف الهكتارات من الغابات المحروقة، خضرتها؟

مازال المسؤولون عندنا إلى حد الآن، بالرغم من تأكيد الضرر الصحي الخطير، الذي يسبِّبه البساط الاصطناعي على اللاعبين، يلجأون إلى الحلّ السّهل والمكلِّف في نفس الوقت، في وضع البساط والابتعاد عن الثقافة الطبيعية في كل الأحياء والملاعب الجزائرية التي صارت علامة متميزة في بساطها الاصطناعي المستورَد، والذي يتغير مثل لباس اللاعبين كلما رثّ وتمزّق.

الصفحات التي خصّصها بعض الجزائريين وحتى الصحافيين لمتابعة أشغال تهيئة ملعب شاكر في البليدة وغرسِه بالعشب الطبيعي الجيّد، تجعلنا نتساءل عن لامبالاتهم تجاه حملات التشجير التي تقام حاليا في غالبية ولايات الوطن، والتي تزامنت مع أمطار الخريف الغزيرة، وقد يقيمون الدنيا ولا يُقعدونها ويقيمون المحاكم و”المشانق” في حالة فشل المهمة في اليوم الكروي الموعود، ولا يهمُّهُم الأمر إن كانت هذه الحملات الخاصة بالتشجير مثل الكرنفالات السابقة التي كان يتنقل فيها والي الولاية لغرس شجرة لا تنبت، ويشترط في خرجته حضور شيوخ البلدية ومديري مختلف القطاعات، وطبعا أقلام الصحافة وكاميرات التلفزيون.

قليلة هي الشعوب التي تحبّ لعبة كرة القدم مثل الجزائريين، ومع ذلك لم تبرز في الجزائر سياسة خاصة لتوفير البُنية التحتية لهذه الرياضة، فالذي يشاهد أحسن ملعب في الجزائر، يتخيل بأننا مازلنا نعيش في القرن الماضي، كما أن العجز في زرع الملاعب بالعشب الطبيعي أو المحافظة على ما يتم استقدامُه من الخارج، زاد من الوهن الذي أصاب اللعبة وصار سمة مسيئة للبلاد، ويؤكد بأننا نتجرع نخب الكسل واللا كفاءة، حتى في الأمور التي نعشقها ومنها لعبة كرة القدم التي تمنحنا السعادة بلاعبيها والتعاسة ببؤس مسؤوليها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!