-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
طمعا في العمل والزواج

جزائريات حراقات يخلعن أنوثتهن ويخاطرن في قوارب الموت

نسيبة علال
  • 5911
  • 6
جزائريات حراقات يخلعن أنوثتهن ويخاطرن في قوارب الموت
أرشيف
مأساة.. مأساة..!

على طول الشريط الساحلي الجزائري وبالتحديد في شواطئ توحي عناوينها بالذعر والخطر “النقطة الحمراء، شاطئ الشجعان، الشاطئ النائم..”، هناك حيث تركن مراكب الموت المغلفة بالأمل، الذي تعكسه النجوم أو خيوط الفجر الأولى، تقف سيدات وفتيات يانعات، يخلعن أنوثتهن على عجل، ومجبرات، يضعن الحلم في حقيبة ظهر رجالية، لينطلقن نحو المجهول.
أحبطت مختلف المصالح الأمنية في الجزائر قرابة الأربعة آلاف مهاجر غير شرعي عبر مياه الأبيض المتوسط، انطلاقا من شواطئ مختلفة على شريطنا الساحلي، رقم نشرته الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان قبل أشهر، ضمنهم قرابة المائتي سيدة اللواتي يعتقدن انه انقطعت بهن سبل العيش على أرض الوطن فقررن الرحيل بطرق غير شرعية، وخيل لهن انهن سيعشن حياة رغدة ويحققن احلامهن بمجرد الوصول إلى الضفة الأخرى، إضافة إلى 900 قاصر من بينهن فتيات تركن دراستهن الثانوية، وركبن قوارب الموت رفقة عائلاتهن، أو عشاقهن.

جامعيات يضحين بالشهادة

شهرزاد.ج، حراقة جزائرية، تم ترحيلها إلى الجزائر من اسبانيا، ضمن مجموعة الخمسة آلاف مهاجر جزائري غير شرعي، أرسلتهم الدول الأوروبية، شهرزاد شابة في السابعة والعشرين من العمر، تنحدر من أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في وهران، تركت دراستها الجامعية في السنة الأولى بسبب قلة الإمكانيات المادية، خضعت لتكوين الحلاقة والمحاسبة، ولكنها لم تحظ بعمل سوى كنادلة ببعض قاعات الشاي ومحال بيع البيتزا، ولما اكتشفت أنها تضع خطواتها الأولى على طريق الانحراف الأخلاقي بسبب عملها في أماكن مشبوهة ومختلطة، قررت ركوب الموج باتجاه اسبانيا التي لم تمكث فيها أكثر من خمسة وعشرين يوما ليتم إعادتها إلى أرض الوطن.
من مدينة وهران دائما، التي تسجل نسبا عالية للحرقة سنويا، توجهت الأختان حمادي إيمان 26 سنة وعائشة كان من المفترض أن يعتلي اسماهما قائمة الناجحين في شهادة بكالوريا 2018، ومن أولاد فارس من الشلف، انطلقت الأختان في رحلة ليلية، أملا في أن تشرق عليهما شمس اوروبا في الصباح الموالي، لكن الرحلة لم تتجاوز خمسة كيلومترات في عرض البحر، أين انقلب القارب المطاطي بركابه من الحراقة، منهم هاربون من السجن والمتابعات القضائية، وبينهن فتاتان ناعمتان تأملان في حياة أفضل، في عمل كريم، ونجاح دراسي بجامعات أوروبا عالية المستوى، وشاءت الأقدار أن ينتهي حلم عائشة في عرض البحر، لتعود ايمان إلى أهلها من دون اختها.

يحلمن بفارس أشقر

عندما التقينا فواز، ابن مدينة براقي ذي 29 سنة، الذي قام بثلاث هجرات غير شرعية، مر من خلالها عبر العديد من الدول الأوروبية دون وثائق، كفرنسا، ايطاليا، اليونان، تركيا، انجلترا، كان فواز في محل التبغ خاصته، طلبنا منه بضع جرائد وشحن رصيد الهاتف، قبل أن نخوض في حديث معه حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية للفتيات، فأخبرنا أنه: “في الثلاث مرات التي قمت فيها بالحرقة من الجزائر باتجاه اوروبا، كانت معنا فتيات أو على الأقل فتاة واحدة عبر القارب، وفي المرة الأولى تنقلنا من ميناء الجزائر متخفين في حاويات نقل البضائع، وكانت معنا شابة في الرابعة والثلاثين، لا يمكن أن تغيب صورتها عن ذهني، ومازلت أفكر فيها حتى الآن، تحملت كل الظروف الصعبة من انعدام الطعام والنظافة والتهوية، لقد كانت تحلم بالزواج من شاب أو حتى شيخ أجنبي، يعوضها حياة البؤس التي عاشتها في بيتها العائليد..”، فواز لم يشك في أن تلك الشابة كانت عاملة بالميناء، لأنها تعرف الكثير من التفاصيل حول الرحلات والباخرة.

الحرقة هربا من البيئة القاسية

لا يمكن أن ننكر بأن حالات كثيرة لفتيات خضن رحلة الموت، تعود جذورهن لمناطق نائية ومعزولة من الجزائر، وأنهن قررن الرحيل بطرق غير شرعية تمردا على بعض العادات والتقاليد البالية التي تجبرهن عليها بيئتهن المحافظة أو المنغلقة، خاصة في الارتباط والزواج، أو لمعاناتهن من العزلة أو العقد النفسية، شواطئ ولاية مستغانم لوحدها سجلت هذه السنة حالتي هجرة غير شرعية لجامعيتين مقيمتين بمستغانم لغرض الدراسة، إحداهن من الأغواط والأخرى من المدية، فيما أحبطت مصالح أمن ولاية تيبازة محاولة “حرقة” باءة بالفشل، لثلاثة عشر شخصا ركبوا قارب صيد باتجاه الضفة الأخرى، من بينهم فتاة من وادي سوف، عندما تنقلنا إلى شاطئ “النقطة الحمراء” بشرشال، من حيث كانت الانطلاقة، أعلمتنا مصالح الأمن أنه لم يتم العثور على جثتها.
من الشاطئ ذاته، وقبل خمسة عشر يوما فقط من الحادثة، خرج قارب أول وعلى متنه مجموعة شباب من بينهم فتاتان ثلاثينيتان من ولايات داخلية يقال أنهم وصلوا أوروبا بسلام دون أن تحبط رحلتهم.

ما لم يتحقق هنا

على مواقع السوشل ميديا تظهر شخصيات وهمية كثيرة لشابات في الثلاثينيات أو الأربعينيات، يحصدن على اليوتيوب والفايسبوك نسب متابعة عالية جدا، (نتحفظ عن ذكر أسمائهن)، بطولتهن تكمن في أنهن ركبن يوما قارب حراقة، وقررن أن الحياة التي لا تصلح لعيشها على أرض هذا الوطن، ربما تصلح للمغامرة، وقادتهن الأمواج فعلا إلى أحلامهن، أو ربما الحظ، فمن عاطلات ومشردات وسارقات ومدمنات مخدرات في الجزائر إلى بارونات لبيع مختلف السلع، وإلى صاحبات محال حلاقة وتجميل في أحياء فرنسية وألمانية واسبانية، تتابعهن الجزائريات هنا على أرض الوطن بحسرة شديدة، يشاهدن كيف يمكنهن لبس “الماركة” والنوم في الفنادق والأكل في أفخم المطاعم، ولكن قليلات جدا من أقربائهن من يعرفون كيف وصلت هذه النسوة المهاجرات بطرق غير شرعية إلى تحقيق ما لم يكن قابلا للتحقيق هنا، فغالبيتهن عملن في التهريب وبيع السجائر والمخدرات، وأقمن في العراء ليال وربما شهورا حتى سنحت لهن فرص الحصول على المال.

“بعض التجارب الناجحة لا تعني أن ذلك هو الحل”

التجارب الناجحة لبعض حالات “الحرقة”، التي خاضتها فتيات صغيرات وسيدات لا تعني النجاح أبدا، بل قد تؤدي مثل هذه المحاولات إلى خراب كبير، لكن بعض النجاحات مثل الحصول على أعمال مربحة وأزواج، ومنهن من تمكنت من الحصول على الجنسية والعيش بهدوء بعد المعاناة، أثّرت هذه القصص كثيرا على عقول فتياتنا التي يحشوها الخيال، وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في وضع الكثير من الفتيات وجها لوجه عبر الشاشة، وتبادل الحديث المطول عبر اللايف، أو المحادثات الشخصية، فأصبحت الكثيرات من الجزائريات بذهنية رجالية، قادرات على خوض غمار التجربة في سبيل بلوغ ما بلغته نظيراتهن على الضفة الأخرى، تقول الأخصائية في علم الاجتماع والأستاذة بجامعة الجزائر، مريم بركان، أن: “البنية الاجتماعية الهشة، واهتزاز المكانة الروحية للمرأة الجزائرية داخل محيطها، ساهما كثيرا في الآونة الأخيرة في انتشار عشرات الآفات الاجتماعية التي جلبت النساء إلى مستنقعها، منها الحرقة، فقبل خمس سنوات فقط، كنا نعتبر الهجرة غير الشرعية للشباب الذكور منهم، جريمة في حق أنفسهم ومجتمعاتهم، ولكن مباركة المجتمع لنجاح بعض التجارب وتشجيعهم على البقاء، قادنا نحو ظاهرة أخرى أشد خطورة بكثير وهي هجرة العائلات حاملات معها بناتها المراهقات وأخواتها، إلى هجرة النساء لوحدهن بطرق غير شرعية”، وتضيف الأستاذة مريم بركان: “إذا كان ديننا الاسلام قد حرم سفر النساء من غير محارم، فكيف بهجرة النساء في جماعات رجالية وعبر قوارب غير آمنة في غسق الليل، مؤديات بأنفسهن إلى تهلكة حتمية”.
إذا كانت هجرة الذكور بهذه الطريقة كارثة في حد ذاتها، فإن هجرة الفتيات والنساء عن طريق الحرقة، يعني أن المجتمع قد وصل درجات متقدمة من الخطورة وانهيار القيم والاعتبارات الدينية والأخلاقية، وأنه من الضروري البحث عن أسباب هذه الانزلاقات المدمرة لبنية المجتمع الجزائري.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • من الشيخ عقبة إلى biffalo

    5 أضيف للسؤال / كذلك الخزينة كانت فارغة والجزائر مدانة والبترول في أدنى أسعاره . ( السبب هو أنتشار الفساد والرشوة والخيانة )

  • biffalo

    يا نسيبة علال هل طرحتي السؤال الذي حير المجتمع الجزائري؟ كيف في أعنف سنوات الإرهاب لم يخرج من الجزائر إلا القليل و اليوم جل الشعب يريد أن يخرج من البلاد.يتري لماذا؟

  • سائح

    عندما يذهب الحياء عن المرأة المسلمة، فاقرأ على البلاد السلام

  • XM trenti

    قبل سنتين تعرفت على بنت حراقة وكنت أنوي الزواج بها ،ولم أنزعج من كونها من دون وثائق. لكن يوم عقد الزواج بالبلدية عندما رأيت جواز سفرها لم أجد أي ختم عبور فاكتشفت أنها كذبت علي عندما قالت لي في البداية أنها أتت على متن الطائرة بتأشيرة ولكن بقيت في فرنسا وحرقت التأشيرة.
    إكتشفت أنها أتت على متن قارب وسط شباب مزطولين ،فهي متهورة خدعت والديها فكيف لا تخدعني بعد الزواج. فألغيت الزواج لأنني إبن عائلة شريفة و لا يشرفني أن أتزوج بهذا آلنوع من البنات!!!

  • زعموش

    هذا دليل قاطع على جهنـــــمية الواقع المعيشي في الجزائر.....

  • barkani

    des clochards comme en algerie jusqua l' expulsion ou la mort