-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جنة الولاء.. ونار البراء

محمد سليم قلالة
  • 3485
  • 17
جنة الولاء.. ونار البراء

أكاد اليوم أقول أن هناك من يدفع بخطابنا السياسي إلى النزول إلى إحدى المنزلتين: إما أن يكون خطابَ ولاء لا لُبس فيه، أو خطابَ بَراء لا رجعة عنه. إما ولاء للعهدة الرابعة إلى درجة العبادة، أو براء منها إلى درجة الكفر، في استقطاب غير محمود للرأي العام من شأنه أن يمنعنا من الوصول إلى الخطاب البديل: خطاب الأمل والحياة.

نحن لا نريد عبادة لغير معبود أو كفرا بنعمة أنعم بها الله علينا، بل نريد أن نبقى بشرا تُحترم عقولنا وتطلعاتنا وآمالنا، وتُراعى أحزاننا وآلامنا. لا نريد أن نُستقطب باسم عبارات “الإنجازات”، “الاستمرارية”، “الاستقرار”، “الوفاء” لنعلن الولاء.. ولا بعبارات “الانسداد”، “المقاطعة”، “الغلق”، “الإقصاء”، “المأزق”، “الشلل”، “النهاية”، “الانسحاب”، “السقوط”… لنعلن البَراء.. إنما نريد أن نُستقطب بعبارات جديدة تحمل في طياتها معنى “التوافق” والتداول” و”البدائل” و”المخارج” و”الحلول” و”الأمل”..

لا نريد أن نبقى ضمن عبارات الماضي مع من يمثلها من رجال ونساء كـ”أنجز”، و”أعطى” و”بنى” و”قدم” و”وزع” و”عفا” عن الديون والقروض… التي تجعلنا ندخل زمرة المادحين، بل المدّاحين بلا ثمن.. ولا ضمن عبارات الحاضر مثل “يغلق” و”ينسحب” و”يقاطع” و”يُسقط” و”يُحطم” و”يُنهي” إلى غير رجعة… التي تدخلنا ضمن زمرة الناقمين، بل أحيانا المنتقمين.. إنما نريد أن نتجه نحو عبارات المستقبل المتفائل الذي سيفتح لنا آفاق السنوات القادمة، حيث ستعيش الأجيال الجديدة ويزدهر الأبناء وحتى الآباء… لنطرح بدائل الحلول بدل طرح أنواع وأصناف المشكلات، ونسأل كيف سنبني بلدنا، وكيف سنعيش فيه في أمن واستقرار، وكيف نكون أمة لها مكانتها بين الأمم… بدل كل تلك الأنواع من صور التشاؤم واليأس بأننا آخر الأمم وأعر الدول وأتعس الشعوب…

نريد أن نكون للمستقبل، وأن يكون المستقبل وجهتنا، لأنه أفضل بديل، فط نحن في حاجة لمن يصوغ لنا هذا البديل ضمن برنامج أو رؤية أو خطاب ينأى عن القدح والتجريح، ويتسامى عن المدح والإطراء.. لأننا نعرف أننا لن نكون جزائريين إذا لبسنا ثوب المدح والإطراء لهذا أو ذلك، ولن نكون كذلك جزائريين إذا لبسنا ثوب الحداد الحزين بسبب هذا أو ذاك… وسنكون على حقيقتنا فقط إذا ما عرفنا كيف نطرح البديل لأنفسنا وبلدنا وأمتنا..

البديل الذي يتجاوز بنا وضع الاختيار بين جنة الولاء المزعومة، ونار البراء المشؤومة، لأن هذه كذبة والأخرى خدعة، إلى حالة الاختيار الشعبي الحقيقي، حيث لا  آلهة صغيرة تحكمنا باسم الوفاء والاستمرارية والانجازات… ولا وحوش كاسرة تأكلنا باسم الإسقاط والإنهاء والتحطيم.. ذلك أننا نعرف بأنهم عند الوفاء ينسوننا، وعند التحطيم نكون وقود النار التي يُشعلون.. ونحن لا نريد أن نكون نسيا منسيا كما عهدنا، ولا وقود نار كما كنا ذات يوم… 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
17
  • روان الوفاء

    موضوعك في الصميم دكتور فهو التشخيص الحق للضياع و الشتات الذي تعيشه عقول الجزائريين بين "الولاء و البراء" عبارة محلها الإعرابي مبني للمجهول فإلى أين ستقودنا القافلة أ إلى عبودية تجعلنا حرضا أو نسيا منسيا أو إالى تمرد وعصيان يجعلنا وقودا لألسنة اللهب التي تحيط بنا ..................

  • توفيق

    chita chita الشيتة الشيتة استغرب في أمرها وحلاوة التشيات والشياتين
    والله ما الفرق بينهم وبين من كـــــــــــــــــــــانو يدعون ويهتفون الجزائر فرسية
    ودعـــــــــاة الإدماج في وقت سابق ، كان فيه المجاهدين الاحرار فلاقة وقطاع طرق

  • بدون اسم

    ااستاذ قلالة انت مكسب كبير للساحة الفكرية الجزائرية لست كبعضم الذين الا هم لهم الا انتقاص الاخرين اين ما كانوا فهم
    جند المكان

  • أمين سعودي

    سيدي الفاضل اعتقد أن المشكل في جزائرنا مشكل سوسيولوجي بحت يتعلق بآليات التواصل بين عقول الجزائريين فيما بينهم كمواطنين و بينهم وبين الدولة ,,,,لأن عدم الانسجام بين الجزائري و جهاز الدولة لم يتحقق الى الآن, وهو مربط الفرس في تطور العلاقة بينهما و السير من نظام الى نظام وفق منتظم معلوم الصفات, فالفوضوية و الارتجالية و الانتقائية هي ثوابتنا جميعا لحد الآن ,

  • حكيم

    ليس هناك من حل غير التقرب من هذه الطبقة الحاكمة ومحاورتهم بالتي هي أحسن ، من من يمثلون السياسة او المعارضة ، ويشرحون لهم الأمور بهدوء وصراحة ، وخطورة المنهج الذي يسلكونه في تسيير البلد، لان الاتهامات لا تزيد المخطئ الا إصرارا على موقفه، وبالتالي الحكمة والتعقل في التعامل مع من فقدوا الإحساس بشعبهم تعد ضرورية ، لعل الحوار الهادئ الرزين يأتي بنتائج في مصلحتنا كلنا،بدل الضجيج والفوضى والاتهامات، فلنجرب هذه الطريقة وطرق اخرى مصدرها التعقل والتفهم.

  • عادل ...بسكرة

    حقيقة استاذ . هذا ما اصبحت تفتقده الجزائر هذا الرأي غير المتزمت لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ... بل الرأي السديد الوسطي المعتدل المتأمل وصاحب الأمل المشرق

  • محمد

    يجب ان نصلح انفسنا بانفسنا من الداخل قبل ان يفرض علينا الحل من الخارج، من يقول للرئيس 15 سنة بركات ليس معناه انه يكرهه، الجزائر لم تلده هو فقط بل هناك رجال قادرين على حمل المشعل، يجب ان نؤمن بان الحل يوجد بيننا بشرط ترك الفرص فقط، من ينادون للعهدة الرابعة اناس يخافون من خوض التجارب، والتغيير ليس معناه التهور، بل هي سنة الحياة، الم يحن الوقت ان نسير اموالنا وسياستنا وفق منهج علمي بدل طريقة شيخ القبيلة، المهم ان يكون التغيير سلميا لان الحل الجزائري الذي توصلنا اليه بالامس ربما لن نصل اليه غدا....

  • فاروق

    انها اكبر مغالطة ارادووا ان يفرضوها علينا وتتمثل في ان فلان او علان له الفضل في ما نحن فيه. وكأننا نسينا الامس القريب وكيف تمت المصالحة التي لم تنتهي فصولها الى الان.
    بعض المسؤولين ومنهم وزراء يسقطون انفسهم بسبب مواقفهم التي تستحقر الامة ثم يعتقدون اننا عصاة جهلة....ولكن الصمت في وجههم لم يعد حلا بل اصبح جبنا ولهذا فالكفر بافكارهم يعد امرا حتميا يا استاذ سليم ......

  • الآولفي

    جزاك الله خيرا، كلام معقول ومنطقي ...كلام أهل الإختصاص...لكن هل من مستمع.
    أكثر شيء يحز في نفسي هو إستغباء الشعب.

  • brahim

    الله سبحانه وتعالى يذكر أن إعراض اليهود عن الكتاب الذي أنزل عليهم إنما كان بسبب اعتقادهم أنهم لن تمسهم النار إلا أيا مًاً معدودات هذه المعتقدات انتقلت إلى هذه الأمة وأورثها من اتباع الأهواء وتشتت و اصبحت أمة هزيلة و اكثر فىها النفاق وأدئ هذا المعتقد إلى الوقوع في الكثير من المخالفات الشرعية ( القتل و الزنا ووووووووووووو ) لن ينفعنا
    امام الله اي عالم من السنة او الشيعة او مدهب اخر الا عملنا الصالح
    و التوبة قبل الموت

  • MOHAMED

    الاشكال المطروح اليوم سيدي هو انه اصبحنا نخضع للاشخاص و غيبنا العمل المؤسساتي وتلك في رئيي هي الكارثة

  • MOHAMED

    le problème se pose pas dans l'espoir de changé X ou Y mais le problème se pose qu'on a pas c'est construire un état avec des institution respecte par tout le monde

  • بريكي أبو يوسف

    السلام عليكم
    كم كان الموضوع في غاية التشخيص الحقيقي للمأزق الذي نعيشه سياسيا في بلدنا الجزائر.بين ولاء و براء يرى فيهما الدكتور غاية في التطرف لكلا الطرفين.و لكني تمنيت بعد هذا العرض أن يضع كلتا يديه على الحل الوسط عمليا أي بخطوات ملموسة قابلة للتطبيق واقعيا.لا يعني ابدا انك اكتويت بالنار او تم تهميشك رغما عنك ان لا يكون لنا موقفا ايجابيا من كل الاحداث.فلا يوجد في العالم متفرج ايجابي...
    اشكرك الدكتور...

  • الزهرة البرية

    كلامك كله حكمة واتزان يا دكتور لكن أين المفر البحر أمامكم والعدو من ورائكم اللهم إذا عزمنا وصنعنا سفنا نروض بها البحر ونخوضه الى بر الأمان الذي يبدو أبعد مما كان.

  • tahar

    N'attendez rien-La raison du plus fort est toujours la meilleur

  • عبد الحي

    الداء كل الداء هو أنّ القوة الدولية عند من لا يحسن استعمالها ، فالكل يلاحظ ويشاهد كيف تستعمل الدول القوية قوتها

  • يونس05

    ياأستاذ من أين يولد الأمل في ظل هذه الظروف التي جعلتنا "مضحكة "بين الأمم،بل أين خطاب الأمل هذا في لغة من يتحدثون اليوم،تخيل معي ياسيدي أن رئيس كل الجزائريين شاب من جيل الأستقلال خريج جامعة جزائرية...أليست هذه الصورة من أجمل صور الأمل في هذا البلد؟