-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬الجيرة‭ ‬

جيران‭ ‬يتحاشون‭ ‬الاختلاط‭ ‬بجيرانهم‭ ‬

الشروق أونلاين
  • 2776
  • 0
جيران‭ ‬يتحاشون‭ ‬الاختلاط‭ ‬بجيرانهم‭ ‬

قد يبدو من الظلم أن نحوّل الجار بجرة قلم إلى جائر، والجيرة إلى جور، وربما كان لزاما علينا أن نراجع أنفسنا قبل أن نلوي عنق هاتين الكلمتين قبل سنوات من الآن، حينما كان للجيرة مكانة خاصة ترقى إلى سلم العلاقات الإنسانية النبيلة التي تستظل بجملة من الأخلاقيات، التي ليس من السهل التفريط فيها

  • أما الآن وقد أصبح الجار “يصبّح” على جاره بكيس زبالة، و”يمسّي” عليه بقذائف من السباب والشتائم، ويترصده في جنح الظلام، ليهوي على رأسه بهراوة “ثقيلة”، فلا لوم علينا إذا حوّلنا الجار إلى جائر، وجعلنا الجيرة جورا، فالعيب في هذا الجار‭ ‬الذي‭ ‬سلب‭ ‬الجيرة‭ ‬معناها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬وليس‭ ‬في‭   ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬أساء‭ ‬لهاتين‭ ‬الكلمتين‭ ‬بجرة‭ ‬قلم‭ …! ‬
  •  
  • ‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جنته‭ ‬الهندسة‭ ‬الحديثة‭!‬
  •   يكفي أن نعرف أن 50٪ من القضايا التي تعالجها المحاكم يكون سببها تردي العلاقة بين الجيران، إلى الحد الذي يجعل خلافا بسيطا يفجر شجارا كبيرا قد يصل إلى درجة القتل، لنتأكد أن الجيرة لم تعد إلا شكلا من أشكال الجور، لذلك يحاول الناس اليوم أن تكون علاقتهم محدودة بجيرانهم، لا تتعدى في أكثرها إلقاء السلام أو تحية الصباح والمساء بشكل رسمي، تجنبا لأية علاقة متينة تؤدي في الأخير إلى خلافات ومشاكل لم يكن لها أي داع، طالما أن هؤلاء الجيران ليسوا مجبرين على مد العلاقات بجيرانهم، لأنهم لا يدخلون ضمن دائرة صلة الرحم يحاسبهم‭ ‬الله‭ ‬عليها‭ ‬إذا‭ ‬تركوها‮.‬
  •  وفي بحثنا عن الأسباب الرئيسة التي تقف وراء انهيار “بورصة” الجيرة بهذا الشكل المخيف، لا بد أن نعترف أن الحياة العصرية بكل تعقيداتها والتي تتسم بسرعة الوتيرة وضغوط العمل وظروف الحياة المعيشية الصعبة، هي التي فرضت على الجميع عدم القدرة على التواصل مع الجيران،‭ ‬وكما‭ ‬نعرف‭ ‬فإن‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الجيران‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تضمحل‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوازن،‭ ‬أي‭ ‬الأخذ‭ ‬والعطاء‮.‬
  •  يرى أحد الباحثين الاجتماعيين أن التوسع العمراني وتباعد المساكن أضعف العلاقات بين الجيران، وأن الهندسة المعمارية الحديثة للعمارات والأحياء السكنية أدت إلى استغناء الناس عن جيرانهم، لأن ما كان يربط المرء بجاره في الحارة القديمة، ويجعله في حاجة دائمة إليه، لأنهما يتقاسمان باب البيت الرئيسي  وسطح المنزل ومسؤولية الأمن ونظافة المكان، لم يعد كذلك في الأحياء الجديدة، وبالمقابل تسببت الهندسة الحديثة في إحداث مشاكل بين الجيران، لأن تقليص سمك الجدران انسجاما مع قوانين الهندسة القائمة على استغلال كل شبر في العمارات خصوصا، تسبب في نقل الضوضاء من بيت إلى آخر، ويشكّل غياب الوازع الديني سببا رئيسا في  إضعاف العلاقات بين الجيران، على أساس أن هؤلاء الجيران لم يحتكموا إلى تعاليم الإسلام التي تحث على الإحسان إلى الجار اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، الذي كان يحسن إلى جاره اليهودي‭ ‬الذي‭ ‬أساء‭ ‬إليه‭ ‬كثيرا‭ .‬
  •  
  • ‭  ‬من‭ ‬فضلكم‮..‬‭ ‬الزموا‭ ‬بيوتكم‭!‬
  • تعتبر “رشيدة” أن سبب القطيعة بين الجيران يعود إلى رغبة الناس في تحجيم دائرة معارفهم وغلق باب المجاملات التي تحدث بين الجيران، مثل الطلبات البسيطة للبيت والزيارات التي تتم بدون موعد، بحكم تقارب السكن خوفا من المشاكل التي تدخل في أسرار البيوت.
  • أما السيدة “زهرة” فتقول إنها بدأت بتقليص علاقتها بجيرانها الذين “بالغوا” في طلباتهم إلى درجة أنها أصبحت تشعر أن بيتها يكاد يتحول إلى “مرشي”، حيث أن جاراتها لا يكلفن أنفسهن عناء الذهاب إلى السوق لاقتناء حاجياتهن، بل كلما احتجن إلى شيء دفعن الباب ودخلن إليها‭ ‬بدون‭ ‬استئذان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬تغلق‭ ‬بابها‭ ‬بالمفتاح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬تتركه‭ ‬مفتوحا،‮ ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬جريئة‭ ‬قامت‭ ‬بها،‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬جاراتها‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬بيتها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يخسرن‭ ‬يعضهن‭ ‬أكثر‭.‬
  • ‭  ‬
  • أحسنوا‭ ‬إلى‭ ‬جيرانكم،‭ ‬ولكن‭…‬
  • من الصعب أن ينخرط الجار اليوم في علاقة غير محسوبة مع جيرانه، وهو لا يستطيع أن يتوقع ماذا يمكن أن يصيبه منهم، سيما أن الحي الواحد يضم بيئات وعقليات كثيرة من الصعب أن يوفق بينها جميعا، ولذلك أصبح أمرا ضروريا أن يتعامل المرء بتحفظ شديد مع جيرانه بما يكرس المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬القائل‭: ‬‮”‬يا‭ ‬جاري‭ ‬أنت‭ ‬في‭ ‬دارك‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬داري‮”‬‭ ‬مع‭ ‬الإحسان‭ ‬إليهم‭ ‬والتآزر‭ ‬معهم‭ ‬وقت‭ ‬الشدة‭.  ‬

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!