-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حرب سوداء على “الأبيض”

حرب سوداء على “الأبيض”

لعل أكبر فتح اجتماعي، أبرق مجلس الوزراء بشأنه مشروع قانون ردعي ينتظره الشعب بكثير من الأمل، هو الحديث عن قانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، وقمع استعمالها والاتجار بها، من أجل اقتلاع هذه الآفة بالقوة، كما حدث مع المضاربة، التي أرتنا في مصاصي دماء الشعب أياما سوداء، جًرّوا فيها فرادى وجماعات إلى السجون، وقد يلحق بهم، بل سيلحق بهم بالتأكيد، مصاصو الروح من تجار السموم بأنواعها، التي بقدر ما أضرت بالمجتمع بقدر ما منحت الثراء لأكبر المجرمين في العالم.

تصنف المغرب حسب تقارير غربية وحتى مغربية في المركز الأول عالميا من حيث إنتاج الحشيش بأنواعه تحت الرعاية الملكية “السامية” الدونية، وتقوم هذه المملكة المفلسة أخلاقيا بتسويق ما تنتجه برعاية زاعم النسب لأشرف الخلق، إلى كل البلاد التي تحيط بها، ولا تجد حرجا في إعلامها وفي أروقة برلمانها من منح مزيد من التراخيص لأجل صناعة “السموم” بمسميات صحية وبيئية، أكثر تسميم للعقول، من “الحشيش” نفسه، فقد قيل منذ أمد بعيد بأن “المخدرات” هي شراب النسيان، فكان مشروع دولة للمملكة لنسيان الأسى الذي انتشر في جسدها.

ولأن لأي وباء عدوى، فقد سعت فيروسات “الماريخوانا” للتمدد شمالا وشرقا وجنوبا، ضمن معادلة إذا “عمّت خفّت”، فحاولت نقل “منتجاتها” الوفيرة جدا ضمن خطط جهنمية إلى كل بلاد العالم، واستفادت من بعض الأذى الذي أصاب الجزائر في زمن العشرية السوداء وسنوات الفساد، لتنقل الأطنان من السموم، حتى صار اسم المملكة يذكر أكثر من المخدرات، في قرارات الإحالة وفي المرافعات في المحاكم الجنائية في الجزائر كلما ذُكر مصدر هذه السموم.

الآن وقد تفرّغ مجلس الوزراء لهذه القضية، وجد الصدى لدى كل الشعب بما في ذلك الموبوئين بتعاطيها، فإن أكبر طعنة ستوجه لمملكة “الحشيش” ستكون من خلال إرسال حقول القنب الهندي المنشرة في أراضيها، إلى السنوات العجاف التي لن يكون لها بعد ذلك من خضر ولا سنبلات.

الجميل في القانون الردعي الجديد، أنه لم يجعلها حرب شرطيّ وقاض فقط، وإنما منح الجانب الوقائي من صحي وديني وتربوي وأسري ورقابي نسبة وافرة من الحرب السوداء القادمة على السموم البيضاء، هو ما يشبه جهاز الإنذار من التسربات الغازية الذي أقره نفس مجلس الوزراء في نفس الجلسة لتفادي مآسي القاتل الصامت، وعندما يجد تاجر السموم نفسه محاصرا في البيت وفي الشارع والمدرسة والمسجد وحتى في السجن بالوقاية الرحيمة والردع الشديد سيحمل رايته البيضاء ويستسلم من دون أدنى مقاومة.

هناك من يجزم بأن ما فعلته سنوات المخدرات في المجتمع الجزائري لم يكن أقل وقعا من سنوات الإرهاب، بل هناك من يجزم بأن المخدرات كان لها يد في سنوات الإرهاب والفساد وفي شتى الجرائم التي انتشرت في الجزائر، لأجل ذلك وجب التعاون في هذه الحرب لمعالجة الداء واقتلاع الورم، قبل أن نصل إلى مرحلة الحالة “الميئوس” من شفائها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!