-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حصيلة.. ما حصلتش!

عمار يزلي
  • 1877
  • 0
حصيلة.. ما حصلتش!

ستون سنة مرت على اندلاع الثورة التحريرية المباركة ـ تبدو وكأنها “غير البارح” (كان في عمري عشرين)! مع ذلك! ستون سنة تمر على من صعدوا للجبال وأعمارهم لا تتجاوز 20 إلى 25! واليوم: رحل من رحل، وبقي ما تبقى! البعض منهم على “قيد الحياة” والآخرون على قيد التسجيل في لائحة الرحلة بدون عودة! وفي كل هذا، أعمار من أخرجوا فرنسا بالسلاح، لا تقل لدى أصغرهم عن 75 سنة! (بوتفليقة واحد من “هَم”!). ومع ذلك، لا تزال الجزائر تتحدث بلغة 60سنة!

وجدت نفسي وأنا أعيد حسابات نتائج الثورة التحريرية المظفرة (التي ظفر بها الشعب، فتطفرت في الأغلبية المسحوقة، وظفرت بها أقلية ساحقة!). ماذا قدمنا كلنا للبلاد، قبل أن نسأل ماذا قدمت لنا هذه البلاد؟ فعادة ما يكون السؤال عندنا معكوسا دوما: ماذا أخذنا من البقرة الحلوب؟. هذا دون أن نسأل أنفسنا: ماذا أعطينا للبقرة الحلوب حتى تحلب؟!.

الواقع، أني وجدت نفسي أسأل نفس السؤال مثل بقية الناس: ماذا أعطتنا الجزائر، ثم ماذا أعطينها نحن بدورنا؟ (سؤال معكوس، لكن هذا هو واقع الأمر المر!). أعطانا الله من فضله عن طريق خيرات بلدنا المستقل، ما لا يقاس ولا يحصى ولا يعد! ماذا أعدنا لها في المقابل؟: عربونا ماليا مستثمرا نظريا لا يتجاوز ألف مليار دولار (خلال 50 سنة على الأقل)..تقول التقارير أنه في 15 سنة الأخير من حكم آخر رئيس، صرف ما لا يقل عن 750 مليار دولار! أي أنه خلال35 سنة ، لم نصرف على البلد أكثر من 250 مليار دولار، أي أن ما صرفه بوتفليقة (لا أقول على الجزائر، بل ما صرف من خزينة النفط الجزائرية.. أي بيت مال “المستسلمين”) أضعاف مضاعفة! لكن السؤال: أين ذهبت هذه 750 مليار دولار؟ لأن الواقع يقول أن حجم الاستثمارات والمشاريع الحقيقية بالأسعار الحقيقية لا تتجاوز 150 مليار دولار (فأين ذهبت 600 مليار دولار؟). وحتى إذا أفرطنا في التقديرات وقلنا أن حجم الإنفاق كان في حدود 250 مليار دولار، أي نفس المبلغ الذي صرف طيلة 35 سنة (أي ضعف المدة)، فأين ذهبت 500 مليار دولار؟. لا توجد عندي أجوبة ولا أعرف بالضبط، رغم أني أعرف والكل يعرف! ..15 سنة من النهب تحت غطاء التنمية ومحاربة الإرهاب وعناوين أخرى مثل “إعادة هيبة الدولة”، “أرفع راسك آآبا”..كرة القدم لأشغال الناس، شراء الأمن الاجتماعي، النفقات على الغناء والفلكلور وثقافة الاستهلاك؟. أما رفع الأجور، فلا يمكن حسابها على أنها نفقات، لأن ما زيد للعامل والموظف باليد اليمنى، أخذ منه وأكثر باليد اليسرى، عن طريق رفع الأسعار.

وجدت نفسي إزاء هذا الوضع أعيد حساباتي: مساحة الجزائر هي 2.4 مليون كلم مربع. عدد السكان اليوم 38 مليون. إذا قسمنا مساحة البلاد على كل المواطنين، فسأحصل على أكثر من 6 هكتارات! أي أن العائلة الواحدة المكونة من 5 “أفراد وبقرات” مثل عائلتي، سيكون نصيبها من الجزائر “العقيمة”، على الأقل 30 هكتار!. هذا من حيث المساحة. الآن من حيث مدخول النفط الذي هو ملك لكل الجزائريين. الجزائر تجني على الأقل 4 ملايير دولار شهريا. المحصلة ستكون 105 دولار لكل فرد شهريا. أي ما يعادل مليون ونص لكل فرد. بما يعني أن عائلة مكونة من 5 بغال وعتروس مثل عائلتي، سيكون نصيبها 7.5 مليون سنتيم. إذن؟ ماذا أعطتني الجزائر المستقلة من كل هذا؟ أولم يقولوا للشعب أثناء الثورة أنه في حالة الاستقلال، فسيكون بمقدور كل فرد أن تكون له فيلا وسيارة ومليون سنتيم بدون عمل ولا تعب؟ (مازلتم تنتظرون ذلك اليوم الذي كنتم توعدون؟ فانتظروا…! عندكم ما تنتظروا!). الحال، أنه عوض أن نقسم على 38 مليون جزائري، يجب أن نقسم على 38 ألف فقط من الجزائريين بأتم معنى الكلمة. 38 ألف ممن يعيشون على ظهر 38 مليون. 38 ألف “عود” ممن يأكلون علف 38 مليون “بهيم”. كل عود بألف بهيم…وبدون إبهام، نفهم بأن القسمة ضيزى! وأن سوء العدل أساس الملك عندنا. فهو أساس كل الأمراض والأوبئة الاجتماعية والقلاقل والقيل والقال القتل والموت والمعارضة والتزوير والحرب الأهلية، والإرهاب والإسلام السياسي والجريمة الاجتماعية والفساد وسوء الأخلاق، وقلة التربية وسوء التسيير وقلة الترشيد والبطالة والعنوسة والطلاق والزواج المتأخر والسكن والتنمية والفلاحة والسياحة وبوتفليقة ..ومخططات فرنسا والغرب على الحدود.. ومشكلة اليهود، والزنوج، والنزوح والهجرة الريفية والحرقة البحرية..! كل ذلك، سبب ذلك!: إذا لم تعدل، فاستعجل بنهاية الاعتدال. لا مجال لطول مدة حكم غير عادل! ومع أن السلطة قد شاخت في الحكم، فإن عهدتها لن تطول، وقد طالت.


عندما أفقت من غفوة في مكتب البلدية احتجاجا على تكسير اسمي العائلي بعد أن كتبوه خطأ وطلبوا مني أنا أن “أدبر راسي” لكي أصلحه! (كأني أنا من كتبته خطـأ)، كنت أقف مرعوبا وأنا أنادي: وين راها 6 هكترات نتاعي ياوحد الخوانين..! وين راه “اللوديتيران” نتاعي..عندي ست هكتارات؟..وين راها 7 ملايين ونص؟..يالخوانين..يالحقارين..(والناس فاتحين أفواههم غير مبالين ويقولون: مهبول..مسكين….) 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!