-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حُرّاسُ الأمَّة

حُرّاسُ الأمَّة

ذكر الأخ محمّد أرزقي فَرَّاد أن الإمام محمّد البشير الإبراهيمي _رحمه الله- سُئِل: “من هو المثقف؟”. فأجاب: “هو حارس الأمّة”. (الشروق اليومي: 28 / 09 / 2013 . ص3.)

كان في مُكْنَةِ الإمام الإبراهيمي بما عهدنا فيه، وبما عرفنا عنه، وبما قرأنا له مما آتاه الله ــ عز وجل ــ من فضله من غزير علم، واستبحار معرفة، واستحكام تجربة، وبَالِغِ حكمة أن “يغرق” السائل في بحر لُجِّيٍّ من “المصطلحات” و”التقعرات” و”التفلسفات”، كما يفعل كثير مِمَّن أوتوا الجَدَلَ، وأُشْرِبُوا حب “البيزنطيات” أو “أعشاش الكلام الفارغ” كما يقول السلطان العثماني عبد الحميد الثاني؛ ولكن الإمام أَوْجَزَ الجواب فأعْجَز، إذ لخَّصَه في كلمتين اثنتين كافيتين شافيتين لمن ألقى السمع وهو شهيد ورشيد..

إن الإمام الإبراهيمي ـــ كأنداده العلماء السابقين عليه، المعاصرين له، اللاحقين به ــ رجل قرآني، يسري القرآن الكريم لفظا على لسانه ويَرَاعِه، ومَعْنًى في كيانه ووجدانه سَرَيَانَ الدَّم في عروقه.. ولذلك ورد على لسانه في جوابه لفظ “الأمّة”، وهو لفظ يتردد في القرآن الكريم، بينما لا وُجُودَ لكلمة “الدولة”. فـ”الأمّة” خصائص أو “مشخصات” ــ كما يقول الإمام الإبراهيمي ــ، و”الدولة” كيان مادي لا روح فيه، ولا لون، ولا طعم ولا رائحة له. وكم قرأنا وسمعنا ورأينا دُوَلاً أقامها “كَابْرَانَات، وأَجُودَانَات، وسَرْجَانَات…”، بينما مهمة إنشاء “الأمم وحراستها”، يتولاها الأنبياء والرسل الكرام، ومن يَرِثُهُم من العلماء الأعلام.

إن الدُّوَل ـــ الدُّوَل والشعوبَ ـــ الشعوب تُعْنَى عناية بالغة، وتحرص حرصا شديدا بعلمائها ومثقفيها، فتكرم أحياءهم وتخلد أمواتهم، وتشيد بأعمالهم، وتنشر آثارهم.. وأما الدول التي “غير هاك” فنحن نعرف قيمة العالم والمثقف عندها.. وقديما قال العرب في أمثالهم “الطيور على أشكالها تقع”؛ ولذلك فإن هذه “الدول” لا يهمها أن تذهب “مشخصاتها”، وأن تَنْمَحِي ألوانها، وأن تزول رائحتها.. ولا يضيرها أن تكون “ذَيْلاً” لغيرها..

أكتب هذا وأنا أقارن بين ما تُبَذِّره حكومتنا “الرشيدة” من أموال، وما تحشره من رجال، وما تجنّده من وسائل في البر والجو لإقامة التافه من المهرجانات، وما يصاحبها من خَلاَعَات يخجل منها الشيطان؛ وما تنفقه من دريهمات على ملتقيات علمائنا ومثقفينا ومفكرينا الذين هم “حراس أمتنا” الصغيرة والكبيرة..

وتحية لروح الشيخ إبراهيم أبي اليقظان، الذي مرت في شهر مارس الماضي ذكرى وفاته الأربعين، ولم تُقَم إلا يوم أمس واليوم الذي قبله، ولروح الأستاذ مالك بن نبي، الذي مرت منذ ثلاثة أيام الذكرى الأربعون لوفاته، فلم نسمع حتى مزماراً أو بنديرا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • الباشق

    اسئلة الى استاذي الفاضل:
    مالفرق بين الوعي والثقافة؟
    لماذا لم تؤدي جمعية العلماء دورها كالسابق ؟
    مالفرق بين اعضاءها السابقين والمعاصرين؟
    لماذا يتزايد المد السلفي والشيعي في الجزائر في وجود الجمعية؟
    يقولون ان الجمعية يغلب عليها
    التشخيص دون المعالجةفهل هذاصحيح؟
    هل صحيح ان الملتقيات ماتت في الجزائر بعد ملتقيات الفكر الاسلامي؟

  • survivant

    الأول : ماذا تعرف عن البشير الإباهيمي ؟

    الثاني : إنه إسم الإبتدائية التي درست بها

    و من هنا ابتدأ الداء

    إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا و لكنه يقبضه بقبض العلماء ..........

    يا أمــة ضـحـكـت من جهلها الأمـم

  • أيوب

    من فضلك يا أستاذ لا تحط من قيمة الكابران والسارجان و الأدجودان الذي مات وما زال يموت في الجبال حتى تنعم اليوم بالإستقرار.
    كان أفضل أن تشير بأن الحكم والسياسة ليست من إختصاص العسكر .
    مالعيب إذا كان الرئيس والجنرال كابرانا من قبل ، أليس من الإنصاف أن نقر أنه جاهد وعمل وثابر حتى يصل إلى المستوى المطلوب .
    ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم أميا.
    لاتغرك الديبلومات الكاذبة التي تشترى في الجامعات وتحتقر العظامي الذي لم يحز على شهادات

  • حنصالي

    فهمونى

    تمر على مكان تجد دماءا غريزة تغمر البقعة.. فالمارة ثلاثة اصناف

    -1 فضولى جدا يتوقف ويسئل ف يعي ان هاته الدماء لاناس قدموا دمائهم هاته الزكية لاجل ان تسقى اشبال وتنبت هاته الارض اسودا يدرك انه هو المعنى وهذا "حليب الوطنية "ينضف البقع ويتحرك ما يمليه ضميره

    -2 صنف لا يبالى ..يتغاضى الطرف لجهل او شابه لاكن يمسك لسانه

    -2 ااااه ..يتوقف امام الدماء يمط لسانه تئ فيقول "طفرت فيهم مساكين واش داهم يخلطوا حتان جابوها فى رواحتيهم"
    ثم يكمل طريقه فوق تلك الدماء
    من اي جنس هذا

  • محمد ب

    مع احترامي لأي رأي كان من الأجدر ممن نصبوا أنفسهم وكلاء على المجتمع أن يقيموا ندوات ثقافية في جميع ‏أصقاع الجزائر ليعيدوا لنا ثقافتنا وليس فقط في"نادي الترقي"الفئوي إن كان حيا عوض الاستمرار في شتم ‏سلطة جاهلة من مكتسباتها أنها شاركت في تحرير الوطن عكس ما اختار البعض حين إعادة إحياء شعلة ‏الجندي الفرنسي المجهول وفي قلب باريس لاكتساب رعاية من المستعمر. أنصح من يجد في نفسه القدرة على ‏التعبير بالألفاظ المنمقة البعيدة عن التعبير البسيط أن يهدف إلى تحبيب أسلوبه دون المغامرة في مناقشات ‏شكلية عقيمة.

  • ع بوساحة

    والأدهى والأمر يااستاذ عندما أسأل تلاميذي عن الإبراهيمي، وعن مولود قاسم،وعن مفدي زكريا ،وعن محمد العيد آل خليفة،وحتى عن ابن باديس ولا يعرفونهم ولا يعرفون شيئا عنهم.فيصدق قول الشاعر علينا
    إذا كان رب البيت ضاربا للدف فشيمة الأبناء الرقص

  • محمد

    جزاك الله خيرا على الذكرى أستاذنا الفاظل

  • ولد بيو ليامين

    المزماروالبندير يضربون على اشباه المثقفين والاميين والجاهلين من الذين يكثرون القيل والقال وكثرة الكذب والبهتان وعلى الذين يبيعون الريح من فناني الهواءوالريح بكلام غير مريح وعلى لاعبي الجلد المنفوخ ويخدرون بهم شباب اليوم ويجعلون منهم ابطال وممثلين الشعب والوطن في اوطان الغير.فلمايتذكرونهم بعد موتهم يذرفون دموع التماسيح وفي حياتهم يبذرون المال تبذيرا.اما امثال الشيخ الابراهيم وبن نبي واخوانهم في الفكروالعلم والمعرفة.فالمسؤولين ينظرون لهم كمفتنين.فبذكراهم سينيرون العقول الشيء الذي يفسدعليهم معيشتهم

  • بدون اسم

    بارك الله فيك من مثقف ونفع بك الامة ووالله انا لاابالغ فيك حين اقول انك ابراهيمي الجزائر المعاصر

  • merghenis

    هنيئا للمواطن مصطفى هيمون الذي اخترع مصطلح " غير هاك" ، المصطلح الذي رسّمه الأستاذ الحسني حيث سبق أن جعله عنوانا لمقاله بتاريخ 2013/06/27 . و اليوم أصبح لدينا مفهوم " الدولة غير هاك" .و لا شك أن الدول العربية بالخصوص هي "دول غير هاك" لما فيها من ظلم و منكر.

  • بدون اسم

    الله يرحمهما ويرحم حراس الامه

  • عربي حر

    أنت شخص تتردد على القرارة كثيرا ,انت شخص بعيد عن الثقافة بعد الارض عن الشمس ومهما تملقت الاباضية فلن يرضو عنك حتى تتبع ملتهم

  • ابو محمد الحسن

    لذلك نحث جمعية العلماء المسلمين أن تجعل من أولوياتها في الوقت
    الراهن إنشاء قناة فضائية متميزة تعرف الشعب الجزائري بنفسه ،
    و بهويته ،و بعلمائه و مفكريه العظام ،و تنفخ في روح الشباب حب دينه
    و التمسك به،و حب وطنه و أمته ،و حب العلم و العمل ،و التوق إلى
    معالي الأمور،و الابتعاد عن صغائرها و سفاسفها.

  • Mouhadjir

    رائع و موعظة, بارك الله فيك يا ابي و شيخي و تاج راسي

  • hocine

    انضر الى من اسندت وزارة الثقافة فستعرف السبب .عفوا معلمي.