-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خروج عند الدخول

عمار يزلي
  • 2060
  • 1
خروج عند الدخول

وجدت نفسي أدخل موسم “الدخول الاجتماعي” وأنا غير “مجموع” على بعضي! كأني خرجت من حرب غير متكافئة وعدوانية كتلك التي اقترفها الإجرام الصهيوني على سكان غزة الأبرياء! دخلت إلى العمل بعد عطلة “بالسيف”.. وليست عطلة صيف!.

فلقد كان علي، ما إن كدت أخرج في عطلة لأستمتع ببعض الراحة، أن أواجه مصاريف رمضان! رمضان الذي من المفروض شرعا وعملا وفلسفة، أن يكون شهر حمية و”ريجيم” من الشيطان الرجيم، من مأكل ومشرب وفسوق وفجور وتبذير طيلة سنة بأكملها، وأن نتعفف عن هذه الأمور لنتفرغ للعبادة والتقليل من الأكل، فإذا بنا نحن نفعل العكس تماما! نأكل في رمضان (شهر الصيام) مالا نأكله في ثلاثة أشهر في غيره من الأشهر !

شهر من التبذير والإسراف في كل شيء: أكل، شرب، زلابية ، شامية، قطايف! كل أنواع الأسماك المجمدة عرفها مطبخي، الذي يبدأ يطبخ ويغلي بالحركة منذ بداية الظهر! وهذا تحضيرا لعشر دقائق الكافية لاكتساح وإبادة ما على الطاولة!

كلفني هذا الشهر ماهية ثلاثة أشهر ونصف. كما كلفني تعبا وأرقا وقلة نوم لا تقدر بثمن! مع أني من الناس الذي لا ينامون كثيرا، لا في رمضان ولا في غيره، وأحسد من يقول لي أني أنام في رمضان 25 ساعة في 24 ساعة! أستيقظ على السابعة صباحا بعد أن أكون قد استقضت للسحور وصلاة الصبح. أكون قد نمت قبيل الصبح نحو ساعتان. بما يعني، أني لا أنام أكثر من 4 ساعات في 24 ساعة! أبقى طيلة النهار أحمل وأنقل كالحمار مطالب الدار التي لا تنتهي! أشتري بالتقسيط! أخرج لأشتري بصلا وأعود، فيقال لي: يخص الثوم! أخرج! أحيانا، فأنسى وعوض أن أشتري الثوم، أشتري الخبز! فأضطر لأعود لشراء الثوم! أخرج عادة 10 مرات يوميا! أنا يعجبني هذا الأمر، أضيع فيه الوقت في الخروج والدخول، لكن الحرارة تقتل في الصيف: العطش يرفع درجة الغليان عندي إلى الذروة، لهذا ما إن يأتي المغرب حتى أكون قد انطفأت! لا أحد يكلمني قبل أن أفرق الصيام على سيجارة وقهوة بريس! بعدها عاد تأتي الصلاة ثم الحريرة ومشتقاتها!

أقول هذا من باب التذكير بأني خرجت من شهر رمضان مكسرا من كل الجوانب، ليأتي العيد بألبسة الأطفال (وعندي 12 تبارك الله وكل واحد يحب يشتري فقط الماركة.. التيكي..نتاع لهيه!) وحلويات العيد التي لا تقل على 10 أنواع! وكلها مصنوعة إما من اللوز أو الجوز أو الكاوكاو أو البيسطاش!.يعني تروح تشري “ماروتي” خير لك!). ثم يأتي شهر أوت أخيرا للعطلة على شاطئ البحر! لأني لو لم أدبر لهم مكانا يأوون إليه في أوت، وعلى البحر، لكان أبنائي قد “آووني” إلى ركن شديد، وأكلوني بالتأكيد ! لكن باش؟ بححح! الدراهم كلاوهم؟ لكن علي أن “أكردي”!.بيشمرغا يعني! يعني هما على هم!. أخذت بيتا في شقة شعبية على شاطئ شعبي رخيص نوعا ما (لا تقل عن 5 ملايين في الأسبوع!. أخذت أسبوعين بـ 10 مليون! هذا فقط مقابل النوم! لا دخل للأكل والشرب في المسألة! المهم أن 15 يوما كلفتي نحو 15 مليون!.. وكيف؟ على أسوأ صورة خلقها الله!: الوسخ، الماء ما كانش، الذبان كاين، الناموس هااااك!!، الرقاد ماكانش، الصراخ كاين، الحس بزاف، البزاوز كأنك في مدرسة مشاغبين..الدرديك من فوق ومن تحت! الموسيقى التافهة على مسمع آذان الأحياء المجارة (يسمعوننا من الضفة الأخرى للبحر..من آليكانت!..ربما لهذا السبب سميت المدينة الإسبانية “آلي كانتي” يقولون أن أصلها “علي يغني” ، بعد سماع الإسبان للآذان! لكن أنا أفند هذه النظرية! لقد سمعوا “تواغ” و”عياط” و”الزقا” والغناء نتاعنا!). أغاني تافهة كتفاهة المكان والغاشي فيها بمن فيهم أنا ومن معي!. سلفت 15 مليون، سوف أردها بالتقسيط على 15 شهرا! يعني طيلة سنة ونصف! والسنة المقبلة ما نيش عارف واش ندير! نبحر في حمام البيت! في البينوار!


هكذا، أنهيت شهري العطلة وأنا معطل كسيارتي الملعونة المفريطة من كل جهة!” الزيت تقطر، الماء يسيل، الشاطما مثقوبة وتطلق وحد الحس تحسبها هيليكوبتر! ما تبغيش تنوض، البناوات ممسوحين، الطولا رشات بالمبيت برة..فأرغمت على أن “أحرشها بالسيما”..الزاج ما يتبعلش وإذا تبلع ما يتحلش..الأبواب يكوانسيوا عليك في الداخل، وإذا كنت في الخارج ما يتحلوش إلا بالتورنيفيس..(ولدي ابن الكلب..زعق علي قال لي: ديرلها لالارم!)..الحاصل..ماذا أقول: بدأت العمل وأنا لا أعرف ماذا أعمل! التعليم صعب والبزاوز أصعب..وأنا على وشك أن أنتهي إلى صف “الموتى ـ قاعدين”..ولا حول ولا قوة إلا بالله من التقاعد في بلدنا!: زوجتي خرجت في تقاعد من التعليم قبل سنوات، ماهيتها الشهرية لا تتجاوز مليوني سنتيم! زوج ملايين واش تدير بها عندنا؟ الحمد لله أني لا زلت أعمل ولم أكمل بعد 30 سنة من العمل رغم “تطوري في السن”.. ما بغيتش نخرج.. أخاف أن يعطوني مليون ونص! لكن يبدو أنهم سيطردونني هذا العام! تعليمة سلال! من تجاوز 60، يحال على المعاش بالسيف عليهم وفي كل مؤسسات الوظيف العمومي! قلت له في خاطري: أنتم وزراء وولاة وحكومة ومسئولين.. ما كانش واحد فيكم أقل من 70 سنة! واش بكم ما خرجتوش تقاعد، وإلا التقاعد غير على الناس اللي كيفنا؟ تتقاعدوا بنا؟ علاش الرئيس ما خرجش تقاعد، علاش أنت آسلال ما خرجتش تقاعد.. وفلان وفلان! الصغير فيهم راه في عمر الشيخ المقراني وبوعمامة!..تزعقوا علينا..آآآيا.. خلونا! كرهنا منكم..!

ما إن أكملت كتابة هذا المقال، حتى اتصلوا بي من المدرسة يقلون لي: راها جات لاديسيزيون نتاعك.. خرجوك قي تقاعد بنص خلصة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • سعد

    سلام الله عليكم تعجبني الصراحة في كتاباتك
    الشروق اليومي