-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

داعش.. عمياء عن غزة مبصرة لموسكو!

حسين لقرع
  • 1262
  • 1
داعش.. عمياء عن غزة مبصرة لموسكو!

من النكت السّمجة التي سمعناها إثر العملية الإرهابية الدموية التي ضربت قاعة حفلات موسيقية بضواحي العاصمة الروسية موسكو، وأسفرت عن مقتل 115 روسي وجرح المئات، أنّ تنظيم “داعش” الإرهابي أصدر بيانا تبنّى فيه العملية الدموية، لكنّ البيان لم يشرح دوافعها وأهدافها واكتفى بالحديث عن قيام “مجاهديه!” بالعملية و”مهاجمة تجمّع كبير للنصارى” ثم “انسحابهم إلى قواعدهم بسلام”!

ترى لماذا عميت أعين هؤلاء “المجاهدين!” المزعومين عن غزة التي تتعرّض منذ أزيد من قرابة نصف سنة إلى مذابح صهيونية رهيبة استشهد فيها أزيد من 32 ألف فلسطيني وجرح 74 ألف آخرين، ودمّر القطاع على رؤوس ساكنيه، ليتحرّكوا لضرب اليهود المعتدين الفاشيين، وبدل ذلك يضربون “النصارى” الآمنين في قاعة حفلات بموسكو وهم الذين لم يعتدوا على أحد، بل إنّ حكومتهم نصرت غزة، في اليوم نفسه، باستعمال “الفيتو” ضد المشروع الأمريكي المتصهين في مجلس الأمن!

خلال سنوات الجمر بسوريا والعراق، نشأ هذا التنظيم الدموي في غرفٍ مغلقة وظروف مشبوهة، واستطاع في وقت وجيز امتلاك قوّة تسليحية هائلة مكّنته من إعلان قيام “دولة الخلافة” في سنة 2014 والسيطرة على 40 بالمائة من أراضي العراق ونصف أراضي سوريا بسرعة فائقة فاجأت العالم أجمع وأثارت تساؤلات كثيرة لا تزال بلا إجابات شافية إلى اليوم، وكان التنظيم “الجهادي” المزعوم في أوج قوّته، وكان يتموقع على حدود الجولان المحتل، لكنّه لم يطلق رصاصة واحدة على جنود الاحتلال الصهيوني الذين كانوا على مرمى حجر منه واكتفى بالإسراف في قتل عشرات الآلاف من المسلمين في البلدين وفي بلدان إسلامية أخرى، وتزامن ذلك مع مئات “الفتاوى” التي كان يصدرها فقهاء البلاط بلا انقطاع ويحرّضون فيها المسلمين على “وجوب الجهاد” ضدّ مسلمين آخرين في سوريا، في حين أنّهم لم يكونوا ينطقون بكلمة واحدة عن فلسطين المحتلة، تماما مثلما يخرسون الآن عما يحدث في غزة، بل إنّ بعضهم يحاول تثبيط عزيمة المقاومين هناك ويطالب بترك الاحتلال والاكتفاء بـ”الجهاد بالسّنن”!

عملية موسكو الدموية جاءت في وقت تستمر فيه المجازر اليومية للاحتلال ضد الفلسطينيين بغزة، وكأنّ الواقفين وراءها يريدون تحويل الأنظار عمّا يحدث هناك من فظائع وجرائم، فضلا عن تأجيج الإسلاموفوبيا مجدّدا بعد أن خفتت في الأشهر الأخيرة في عدة عواصم غربية، وكسر التعاطف الشعبي العالمي المتنامي مع الفلسطينيين، وبذلك يضربون عدّة عصافير بحجر واحد، كما يأتي في وقت تتصاعد فيه تصريحات القادة الغربيين عن قرب انهيار الجيش الأوكراني، ومن ثمّة، إلحاق هزيمة مدوّية بدول الغرب التي اصطفّت كالبنيان المرصوص وراء أوكرانيا طيلة سنتين كاملتين من الحرب ودعمتها بمئات الملايير من الدولارات وزوّدتها بكميات هائلة من أحدث الأسلحة للتصدّي للجيش الروسي وهزمه، ولا ريب أنّ هزيمة الغرب في هذه الحرب هو بداية تحوّل عالمي كبير يبشّر ببداية نهاية هيمنة الغرب على العالم وكسر عجرفته وطغيانه، وميلاد عالم جديد متعدّد الأقطاب، ومن هنا جاءت هذه العملية التي استعملت فيها “داعش” أداة رخيصة لمحاولة كبح انتصار روسيا من خلال اللجوء إلى سلسلة من العمليات الإرهابية ضدّها.

في غزة وفلسطين، يستعمل الاحتلال الصهيوني، صنيعة الغرب، أداة لتصفية القضية الفلسطينية ومواصلة تمزيق صفوف العرب والمسلمين حتى يتواصل تخلُّفهم وتشرذمهم وتفكّكهم فلا تقوم لهم قائمة، وتستمر الهيمنة الغربية عليهم وعلى ثرواتهم ومقدراتهم. ومع روسيا، تستعمل أوكرانيا أداة لإلحاق هزيمة إستراتيجية بها، ومن ثمّة، استمرار النظام الدولي أحادي القرن. وحينما لاحت بوادر هزيمة أوكرانيا، لجأ الغرب إلى أداة أخرى وهي “داعش” لعلّها تحقّق لها هذا الهدف، لكنّ ذلك كله لن يمنع روسيا من الانتصار الساحق والمسألة مسألة أشهر، كما أنّ انتصار المقاومة في غزة هو أيضا مسألة صمود أسطوري قد يدوم أشهرا، أما “داعش” والاحتلال الصهيوني والنظام الأوكراني، صنائع الغرب وأدواته، فإلى مزبلة التاريخ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • رمضان

    على ما في داعش من انحراف وإجرام، فلا تنس ما فعله الروس المجرمون بالشعب السوري المسلم، وهو لا يختلف كثيرا عما يفعله الصهاينة المجرمون في فلسطين