-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سياسة إطفاء النار.. بالبنزين

عمار يزلي
  • 582
  • 0
سياسة إطفاء النار.. بالبنزين

أهمّ ما كشفته الحرب الهمجية المجنونة على شعب غزة الصامد، رغم العذابات والتنكيل اليومي في كيانه وكينونته وإنسانيته، وهذا لأكثر من مائة يوم ويومين، هو سقوط ذاك القناع المسرحي القديم الحديث عن أوجه الممثلين على خشبة المسرح الدولي للعب أدوار المُدافع عن “الإنسانية والرفق بالحيوان، والعدالة والديمقراطية والحريات الفردية والجماعية وحرية المعتقد ومنع انتهاك حقوق الأقليات الدينية والعرقية والجنسية… وغيرها من أدبيات النفاق الدولي القانوني الذي سقط هذه المرة وتهاوى وصار اللعب فوق الخشبة على المكشوف بلا قناع ولا حتى ملابس تمثيل.
ما يحدث في خليج عدن والبحر الأحمر، بعدما أعلن اليمن أنه سيكون الشوكة التي تُغرز في خاصرة الاقتصاد الصهيوني عبر استهداف السفن التي تموِّل عبر البحر الأحمر، اقتصاده المُنهَك.
ما يحدث أيضا، أن الولايات المتحدة التي تدخّلت في أول يوم هجوم صهيوني على غزة قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وهذا باستقدام قواتها البحرية قبالة شواطئ شرق البحر الأبيض المتوسط لردع حزب الله عن التدخّل، ومنع، بحسب قولها، “توسُّع رقعة الصراع والتصعيد”، ما حدث، أنه، سرعان ما تدخّلت بعد الجسر الجوي والبحري الذي مولت عبره الكيان الغاصب بكل القنابل الذكية والغبية وكل وسائل الفتك والتقتيل والتشريد والتدمير، ثم سرعان ما تدخلت عبر تشكيل تحالف، لم ينسجم ولم يؤت أؤكله المُرّ بالمَرّة: تحالف صوري لشرعنة تدخل غير شرعي حتى عبر استصدارها قرارا من مجلس الأمن لـ”الحفاظ على سلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب”. تحالفٌ وُلد ميِّتا لم يبق فيه إلا الدولتان المتناغمتان، التابعة إحداهما إلى الأخرى، الدولتان الأنجلوسكسونيتان اللتان سارعتا إلى توجيه ضربات إلى اليمن في جنح الليل، مباشرة بعد استصدار قرار أممي، وظف بطرق غير شرعية للتدخل عسكريا ضد اليمن، رغم أن القرار لا يخوّل لها هذا العمل.
مع ذلك، وقع العدوان بتبرير متناقض: ذلك أنها وهي المطالِبة لدول الجوار الفلسطيني، العربية والأعجمية بضرورة خفض التصعيد ومنع توسّع المواجهات، الأولى من ذلك أن توقف الحرب لا أن تفجّر حربا أخرى، عوض أن تضغط على الكيان في مجلس الأمن أوّلا وعدم استعمال حق الفيتو ضد وقف إطلاق النار، والتوقّف عن دعم الكيان بالجسر الجوي بلا حدود.
عوضا عن ذلك، سارعت إلى ضرب من يساند وقف إطلاق النار بما لديه من إمكانات وما توفَّر من قوة ولو بسيطة، مفضِّلة بذلك انتهاج سياسة جنون العظمة عبر “إطفاء النار بالبنزين”، بهذا التصرف، يبدو أن الولايات المتحدة هي الأخرى قد بدأت تشعر بأنها لم تعد كذلك، ذلك أن كل من دخل مجال التعدي والتهديد والوعيد واستعمال القوة، فهذا مؤشرٌ على الشعور بالضعف والخوف من واقع لم يعد واقعا، ومن نهاية وزوال حقبة القوة العظمى الوحيدة في العالم.
ما يحدث، هي بداية لانكشاف المستور المعلوم، وبداية اللعب على المكشوف يؤكّد الضياع الذي تشعر بها القوة العظمى في مواقفها المتناقضة التي لم تعد تفيد، التي تفيد بأنها طرفٌ منحاز بالتمام والكمال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!