-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شعب.. “مسحور”

شعب.. “مسحور”

لم يجد أحد برلمانيي الجزائر، في الدورة الأخيرة للمجلس الشعبي الوطني، الذي من المفروض أنه ينوب عن الشعب، من اقتراح يُقدمه لوزارة الصحة، التي تئن مرضا وضياعا، سوى أن يتقدم بطلب غريب، عندما اقترح تزويد كل المستشفيات بمختصين في الرقية، وفي تشخيص وفكّ طلاسم السحر.

لأجل أن يقدموا شهادات مرضية، وعطلا مدفوعة الأجر، للذين يصابون بمسّ من الجنّ يخوّل لهم التغيّب عن العمل أو الدراسة لفترة طويلة، حتى يتحرّروا من الجن الذي يسكنهم، أو السحر الذي أفقدهم تركيزهم ومنعهم من الإبداع في عملهم ودراستهم، والاقتراح بالتأكيد سار المفعول على وزارة العدل، حتى يعلم القضاة والنواب العامون والمحامون، بأن القاتل في أي جريمة بشعة، يمكن تبرئته إذا كان مسكونا من جنّ أو تحت سيطرة النفاثات في العقد، وبقدر ما يبّن هذا الاقتراح الغريب من برلماني غريب، درجة الوهن الذي وصلته الجزائر من بعض نوابها ومن شعبها، بقدر ما يطرح التساؤل عن غياب أناس يزعمون بأنهم ورثة الشيخ ابن باديس، ورجال جمعية العلماء المسلمين الذين عاشوا لمحاربة الشعوذة التي استعملتها فرنسا لتنويم الشعب، وورثة مالك بن نبي الذي جعل الفكر سيّدا وحده في عالم السياسة، والنتيجة هي تشويه مع سبق الإصرار والترصد للإسلام، بمساحيق السحر والجن فقط، وإبعاد روحه، التي تبني الإنسان الحقيقي الذي لا تقدر عليه كل أمم العالم، علما وقوة وأخلاقا، حتى ولو اجتمعوا.

لقد قرأنا سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار، ونهلنا من غزوات الرسول الكريم التي حققت جميعها الانتصار، بفضل الخطط المحكمة والتضحيات الجسام، ووصولا إلى الفتوحات الكبرى من القادسية واليرموك إلى أنطاكيا والأندلس، وتمتعنا بتراجم كبار العلماء في العالم الإسلامي من أطباء وفقهاء، ولم نسمع أبدا عن مختصين ساروا مع رجال الأمة في قهر السحر وإخراج الجن، كما هو سار حاليا في الجزائر، عندما توجّهوا إلى ملاعب الكرة، كما حدث في أولاد جلال ببسكرة، أو مصانع الملابس كما حدث في مدينة تلمسان، أو إكماليات الدراسة كما حدث في المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، أو الجامعات كما حدث في الإقامة الجامعية برمضان جمال بسكيكدة، حيث تحوّل كل ألم تعانيه شابة مسّ من الجن، وكل إخفاق يحققه أي شاب مفعول سحر، وأمام صمت العلماء الحقيقيين – إن وُجدوا أصلا – طال الخراب العقول، وانتقل إلى الواقع من نبش للقبور وتشويه لجثث الموتى، وتقديم لتشخيصات خاطئة لأمراض اجتماعية واقتصادية ونفسية وصحية وحتى سياسية، إلى درجة أن مترشحا لانتخابات مجلس الأمة وهو أكبر منصب انتخابي بعد منصب رئيس الجمهورية، قرن فشله بسحر طاله من أحد خصومه، وسندخل دائرة الخطر بل الشرك بالله أيضا، عندما يصبح العقم والمرض الخبيث والعنوسة والفشل في الدراسة وفي السياسة والإفلاس في التجارة وانهيار أسعار النفط والفتن، وعدم التأهل إلى كأس العالم من أفعال ساحر.. ويصبح الحل في يد راق؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • franchise

    -الائمة والعلماء في هذه الحالة بسذاجتهم اصبحوا طرف في المشكل و ليسوا جزء من الحل.
    -مذا نقول عن امام يهرول الى ملعب كرة القدم لطرد الجن الذي منع الفريق المحلي من الفوز,,اليس تصرف ينمي هذه الظاهرة
    -اعداء الدين يعرفون ان الائمة و العلماء يؤمنون بالجن ,و بالنسبة لهم هذا يعد نقطة ضعف يستغلونها لتشويه الدين ,و للاسف سذاجة الائمة و العلماء تساعدهم على ذلك

  • قادة ولد بيو

    2/ ومبرحين الاعراس والبناديرية والقصابيةحاشا قدور وساعد وامثالهم الطيبين.هل يعقل ان انسان يكذب ويكذب ويزيد يكذب بجميع ما يملكه من مفرداة لغة الخشب وهو يعرف بان الناس لايصدقونه ويعرف جيدا انه يكذب ويبقى يكذب لعلى وعسى...لقدصدق من قال ان الكذاب وجهه صحيح وعليها جلدبعير وما يحشمش ولنفس الشيء ينطبق على الرديئ الفاشل الذي اذا خانه سوء تدبيره وبان سوءتسييره وتعفن فعله وعمله قال بي السحور والعين وكل ماهو حق يستعملونه للباطل.نسي السيدبان العين والسحرحق لكن التطير باطل.فلاداعي لتعليق الفشل على شماعةالسحر

  • قادة ولد بيو

    1/لقد صدق السيد عبدالحميد مهري رحمه الله و اسكنه فصيح جنانه عندما قال للسياسة رجالها و للرداءة رجالها". استسمحه وهو في قبره و اقول له حقا انك حكيما و متخلق حتى تقول على الردئين بانهم ليسوارجالا بل ذكور فقط. لان الرجال بمعني الرجولة فهم ليس ردئين بل هم عظماء في كل شيء حتى وان كانوا اميين فهم ليس بجاهلين ولا متملقين ولا متنيفقين ولا متفيقهين ولا يروغون كما تروغ الثاعلب.اننا حقيقة في عهدة الردة الدينية و الاخلاقية و السياسية في كل المجالات بسبب رداءة حريم السلطان وطيابت الحمام ونواحات الجنائز...

  • AZIZ

    ماتعيشه الامة من تساؤلات لم تجد التفسير لاسباب معاناتها يدفع بالكل الى التساؤل }هل بقيت لنا عقول} صحيح فالمتتبع لما نعيشه يتوصل الى حقيقة وهي ان الامة ليست بخير واننا إما مخدرون او اننا لا نملك عقولا .فمابقي الا ان نساند هذا النائب وان نطالب برقية مياه خزانات مياه المدن لاعادة كل افراد الشعب حكاما وحكومين الى رشدهم والى اعادة عقولهم فما يفعله الفرد الجزائري اليوم يتجاوز ما يفعله المجانين والمعتوهين

  • فريد

    فهل نستطيع يا سيدي أن نلوم هؤلاء الجهلاء البائسين الذين يبحثون عن علاج لمشاكلهم الاجتماعية عن طريق السحر وزيارة قبور الأولياء دون العودة إلى موروثنا الثقافي ، و هل من أمل في القرن الحادي والعشرين أن يحاول العالم العربي اللحاق بقطار الحضارة والعلم الذي فاتهم منذ قرون؟ إني أشك كثيراً في ذلك ولدينا المزارات التي يتبرك الناس بتقبيل جدرانها وأبوابها، بالإضافة إلى القنوات الفضائية السحرية. اللهم لا شماتة.

  • almanzor

    عندما يصير بلحمر عالما يقدم لنا حصصا دينية و يفتي للناس في أمور دينهم، وعندما تتكلم القنوات التلفزية عن صورة فتاة وجدت مع قفل في مقبرة أكثر من كلامها عن أزمة المنشورات العلمية في جامعاتنا، و عندما يبدأ رجل السياسة حملته الإنتخابية في الزوايا، فلا تستغرب مثل هذه التصريحات من برلماني!! فلسنا شعب "مسحور"، و إنما نحن شعب "مكادني" من عقله.

  • ابراهيم

    العلم في الجزائر يلفظ أنفاسه بين النواب المجلس الشعبي الوطني
    الصعود للمعالي لا يكون الا بالعلم فعلينا به و ما أحوجنا لزمن الغربلة....نرى من هو راكب فرساً أم حمارا. ونقول لمن ينوب عن الشعب، من السهل ان تصل القمة ولكن من الصعب ان تبقى فيها.