-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
إصابات بالإيدز وأمراض معدية وسط الأزواج

شهادات طبية “مزوّرة” لتحاليل الزواج تدمّر أسرا

نادية سليماني
  • 2934
  • 0
شهادات طبية “مزوّرة” لتحاليل الزواج تدمّر أسرا
أرشيف

يتجاهلُ كثير من الجزائريّين، خاصة فئة الذكور، الخضوع لتحاليل قبل الزواج، بعد ما وجدوا تسهيلات من أطباء ضمن معارفهم وأصدقائهم، يقيّدون لهم شهادات “مزورة” تؤكد سلامتهم من الأمراض المعدية. في ظاهرة خطيرة جدا، تعتبر من بين مُسبّبات انتشار الإيدز والتهاب الكبد الفيروسي في بلادنا. والسلوك يحتاج لصرامة ومراقبة شديدين من مصالح وزارة الصحة وحتى من الجهات القضائية.
تُعتبر الشهادة الطبية قبل الزواج، التي تشترطها المصالح الإدارية لإتمام عقود الزواج، ضرورية جدا، فبواسطتها يتم عقد القران، وتعد مهمة جدا في كشف الأمراض الجنسية المعدية، وعلى رأسها السيفيليز “TPHA” والتهاب الكبد الفيروسي “B” و”C”، إضافة إلى مرض الإيدز الخطير.
والمؤسف أنّ كثيرا من المقبلين على الزواج، يتجاهلون أهمية الشهادة الطبية، فيقصدون أقاربهم أو معارفهم من الأطباء الخواص أو في المستشفيات العمومية، ليحرروا لهم الشهادة من دون الخضوع لتحاليل الدم، وهو سلوك يتنافى مع أخلاقيات المهنة للطبيب، لأن الأمراض التي تكشفها هذه التحاليل خطيرة جدا ومعدية، وقد تتسبب في هلاك أسرة كاملة. كما أنها أمراض تهدد الصحة العمومية والخزينة العمومية، وبالتالي على الطواقم الطبية التجند لمحاربة هذه الأمراض، وليس مساعدة الأشخاص على نشرها، في ظل ارتفاع إحصائيات أمراض التهاب الكبد الفيروسي والإيدز سنويا ببلادنا.

تزوجت مُغتربا مصابا بـ”الإيدز” دون علمها
ومن القصص المؤسفة ما روته لنا سيدة عن إحدى قريباتها التي تزوجت مغتربا في إيطاليا، فالأخيرة تعرفت على زوجها عن طريق “الفيسبوك” وحدث زواج سريع، الزوجة خضعت لتحاليل قبل الزواج أثبتت سلامتها من أي مرض، أما الزوج فمنحته قريبته الطبيبة بمستشفى عمومي، شهادة طبية تثبت سلامته، بدون معاينته.
بعد سنوات من الزواج، ظهرت أعراض غريبة على الزوجة، ومنها تعب وإرهاق شديدين، نقص ملحوظ في الوزن، إصابتها الدورية بالأنفلونزا، وظهور طفح جلدي، وبعد كثير من التحاليل الدقيقة، ظهرت النتيجة الصادمة.. الزوجة تحمل فيروس الإيدز. صدمتها كانت كبيرة، وبإلحاح على الزوج للخضوع لنفس التحاليل تبيّن إصابته بالفيروس، والحقيقة التي اكتشفتها أن زوجها يحمل المرض منذ سنوات وأخفاه عن الجميع.
الزوجة باتت مرفوضة من الأهل، بسب الخوف من نقلها المرض، فتقبلت مرغمة البقاء مع زوجها، بعد ما أنجبت منه 4 أطفال سليمين من المرض لحسن الحظ. ولكنّها وزوجها في معاناة جسدية دائمة بسبب مضاعفات السيدا، انتهت بإصابة الزوجة بمرض السرطان الذي تقاومه حاليا، بجسد منهك، فمن يتحمل مثل هذه النتيجة المأساوية، حتما هي الطبيبة التي منحت شهادة طبية “مزوّرة”.
وقصة أخرى سمعناها، عن زوجة مريضة بالسيدا، انتقل إليها الفيروس من زوجها مباشرة بعد الزواج. ورغم مُضيّ سنوات من اكتشافها المرض، لا يعرف أهلها الموضوع إلى اليوم، وهي تذهب اليهم دوريا وتنام عندهم، وتستعمل حتى أدواتهم الشخصية، لكنها ترفض إخبارهم، خوفا من ابتعادهم عنها.

الرّجال “مُتعدّدو العلاقات” يتخوّفون من تحاليل الزواج
ويتخوّف الرجال مُتعدّدو العلاقات غير الشرعية، من الخضوع لتحاليل الزواج، تخوفا من اكتشاف إصابتهم بالمرض، وان كان السيدا والتهاب الكبد الفيروسي ينتقلان بين الأشخاص بطرق كثيرة غير العلاقات غير الشرعية، ومنها عدم تعقيم كل أداة يُلامسها دم بشري، مثل أدوات الحلاقة، وطبّ الأسنان والحجامة، فرشاة الأسنان المختلطة..
وفي الموضوع، أكدت لنا طبيبة من مركز الصحة الجواريّة بالقبة، بأنها تستقبل عشرات المقبلين على الزواج، الباحثين عن شهادات طبية من دون الخضوع لتحاليل، وقالت “أرفض الأمر بشدة، وأحاول جاهدة إفهامهم بأن الخُضوع لهذه التحاليل ضروري جدا، ويحميهم من أمراض خطيرة.. البعض يقتنع وآخرون لا يهتمّون ويُؤكّدون لي بأنهم سيحضرونها من جهة طبية أخرى..!”.

أطباء يشاركون في جريمة “التستر”
أكّد المختص في الصحة العمومية، فتحي بن أشنهو لـ”الشروق”، بأنّ موضوع التحاليل الطبية قبل الزواج، غاية في الأهمية، بل هو أساس الصحة العمومية السليمة، لأن هذه التحاليل تكشف أمراضا خطيرة ومعدية ووراثية، يمكن التحكم فيها قبل انتشارها في الأسرة والمجتمع ككل.
وقال بن أشنهو “للأسف طغت النّظرة الإداريّة على الصحية في موضوع التحاليل قبل الزواج، حتى بالنسبة للأطباء الذين يعتبرون سلاح الصحة العمومية”، موضحا، بأن بعض الأطباء باتوا يشاركون في جريمة “التستر” على انتشار الأمراض المعدية، بتحريرهم شهادات طبّية “غير صحيحة” للمقبلين على الزواج.
ويجهل، كثيرون، بأن تحاليل قبل الزواج، تحميهم ونسلهم ومجتمعهم، من أمراض خطيرة ومنها الإيدز، التهاب الكبد الفيروسي، السكري و”بوصفاير” والسل.. وهي أمراض منتشرة بشدة في بلادنا مؤخرا.

تحاليل قبل الزواج.. مسألة “حياة أو موت”
ودعا بن أشنهو، المسؤولين في وزارة الصحة إلى التركيز على هذا الموضوع الحساس، عن طريق تكوين الأطباء وتوعيتهم بخطورة بعض ممارساتهم في الميدان.
وأضاف “لابدّ من جعل النظرة الطبية أعلى من النظرة الإدارية فيما يتعلق بالصحة العمومية”.
بينما نصح المقبلين على الزواج نساء ورجالا، بالخضوع لهذه التحاليل قبل الزواج، حتى ولو كانوا عزابا، للاطمئنان على صحّتهم، حيث قال “نتائجُ هذه الفحوصات سرّية، ولا يمكن إفشاؤها لغير أصحابها”.
وأكّد الخبير في الصّحة، أنّ التحاليل الطبية قبل الزواج، ليست مجرد وثيقة إدارية عادية، لتسهيل عقد القران فقط، وإنما هي مسألة “حياة أو موت” إن صحّ القول، فإياكم والاستهانة بأهميتها، لأنها حماية للشخص وللعائلة والمجتمع من أمراض مُعدية وخطيرة جدا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!