-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صراع حول شبكات الطرق العالمية: هل من مكانة لنا؟

صراع حول شبكات الطرق العالمية: هل من مكانة لنا؟

يحتدم الصراع في العالم حول الطرق البرّية والبحرية لنقل البضائع، وبات ما يُعرَف بجيوإستراتيجية الطرق العالمية أمرا حيويا بالنسبة لأي دولة. استبقت الصين هذا الصراع بمبادرة “الحزام والطريق” قبل 10 سنوات من الآن، واعتبرتها من أولويات سياستها الخارجية لإحداث أكبر تأثير في بنية الاقتصاد العالمي السابقة لها. ومنذ ذلك التاريخ 2013..

والعالم كله يتحرك للتكيّف مع هذا المُعطَى الجديد، أو مُنافستِه، أو الاستفادة منه… وآخر ما جَدَّ في هذا الأمر هو الإعلان في قمة العشرين الأخيرة، عن مشروع “طريق الهند – أوروبا” مرورا ببعض دول الخليج العربي وبخاصة المملكة العربية السعودية، وإعلان روسيا، قبل أيام، عن إحياء  الخط الرابط  بين المحيطين الهادئ والأطلسي عبر ساحل القطب الشمالي  أو ما يُعرف بطريق بحر الشمال أو طريق القطب الشمالي، وتأكيد الدول الغربية على  شبكة  النقطة الزرقاء Blue Dot Network والذي يُعرَف أيضا بمشروع الباءات الثلاث Built Back Better world (إعادة بناء عالم أفضل) الذي أنشأته لمواجهة طريق الحرير في 4 نوفمبر 2019 وضم كلا من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأستراليا، وانضمّت إليه هذه السنة بريطانيا، وقُدِّرت ميزانيته الأولية بـ60 مليار دولار، على أن تبلغ تكلفته الإجمالية من هنا إلى سنة 2040 ما يساوي 15 ترليون دولار… ويهدف إلى إنجاز بنية تحتية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك البلدان النامية. وقبله كان الاتحاد الأوروبي قد طَرح، في سنة 2021، ما يُعرف بإستراتيجية المخرج الأوروبية الشاملةEuropean Global Gateway Strategy  بميزانية تُقدّر بـ300 مليار دولار من هنا إلى سنة 2027، لتطوير البنية التحتية في البلدان الشريكة للاتحاد والنامية منها خاصة وفي إفريقيا (حيث المنافسة الصينية أكبر) بالدرجة الأولى، من خلال تطوير شبكات النقل البحري والبري وعبر السكك الحديدية وما ارتبط بذلك من تكوين وبيئة… إلخ.

كل هذا يدل أن العالم بات يعرف، منذ سنوات، تنافسا حادّا بين مشاريع كبرى في هذا المجال، كل يريد مكانة له فيه، ولكلٍّ حساباته الخاصة، الأمر الذي يُحتِّم علينا التفكير بطريقة أكثر فعالية بشأن المشاريع الوطنية ذات الصِّلة، وعدم الاستهانة بأهميتها وبعامل الوقت الحاسم في مثل هذه الخيارات. ويتعلق الأمر بالنسبة لنا بمشروعين كبيرين علينا أخذهما بجدية أكبر إذا ما كُنا نريد التكيّف بإيجابية مع ما هو مطروح عالميا من بدائل قبل فوات الأوان: “ميناء الحمدانية” و”سكة الحديد” العابرة للصحراء…

بلا شك، هناك صعوبات تتعلق بإنجازهما، ولكنها لا ترقى أبدا للصعوبات التي قد تعترض “طريق الهند – أوروبا” الممتد من “بومباي” بحرا إلى غاية ميناء الفجيرة بالخليج، ومن هذا الأخير إلى حيفا بفلسطين المحتلة مرورا بالصحراء السعودية، (مشروع 2500 كلم من السكة الحديدية) بما يطرح من إشكال سياسي له علاقة بالتطبيع… أو الصعوبات التي تعترض مبادرة بحر الشمال التي تضطر إلى حل إشكالية تجمُّد مياه البحر شمالا…إلخ.  المشروعان الجزائريان إنما ينجزان داخل الإقليم الوطني ومع شريك واحد أساسي هو الصين، أي لا يحملان أي مخاطر باستثناء الصعوبات اللوجيستية والفنية، في مقابل المزايا الكبيرة التي يقدمانها للجزائر لتضطلع بدور هام في الربط بين الطريق الصيني الذي وصل، لحد الآن، إلى إيطاليا والعمق الإفريقي جنوب الصحراء…

لذلك، فإن الإسراع في عملية الإنجاز، يعد عاملا حاسما لاحتلال المكانة التي نستحقها ضمن شبكات الطرق العالمية ذات القيمة الجيوإستراتيجية الكبرى، الأمر لا يقبل أي تأخير…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!