-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صفاعة المعلم..تُعلم!

عمار يزلي
  • 2539
  • 1
صفاعة المعلم..تُعلم!

لست أدري لماذا صرت هكذا نسايا إلى أبعد حد؟ المشكل، هو أن ظاهرة تطور النسيان في تنامي مستمر عند الجميع عندنا.. إنما أنا من طينة أخرى! أنا أنسى بامتياز. ومع تقدمي في السن، صار النسيان عندي “ثقافة”! “ثقافة النسيان”. فقد صرت أتمرس على فن تذكر النسيان، أي طريقة في نسيان النسيان، وهذا لكي أتذكر ما أنساه. لكن هذا يتطلب مجهودا فكريا أكبر من حجم ذاكرتي المتهالكة من فرط إشباعها وشحنها بكل التوافه التي لا تسمن ولا تغني..بل تفقر الذاكرة مع الزمن.

 دخلت من العطلة الصيفية وأنا ناسي بأنه علي أن ألتحق بالمدرسة التي أعلم فيها “البزاوز” منذ كنت “بزا”!. “بازت” فيها ذاكرتي معهم حتى أني بقيت في نهاية عمري أتبزز مع البزاوز”! بل، لقد أعادتني الذاكرة المنسية إلى أيام “تابزوزيت”! صرت ألعب مع التلاميذ لعب “البزاوز”: أصفعهم ويصفعونني! نلعب لعبة “الكاش كاش” بين الطاولات وخلف الخزائن. المشكل أنه في البداية، كان التلاميذ يضحكون مني وأنا كنت أعتقد أنني أضحك معهم! فرق أن تضحك “مع” أحدهم وهو يضحك “عليك”. لكن، أنا لم أكن أبالي بذلك، لأني بكل بساطة لم أكن أعي هذه المسألة جيدا! لكن مع الزمن، صرت أنا من يضحك عليهم حتى وهم يصفعونني! فقد كان يبدو لي أني أقلهم سنا وأنهم أكبر مني قليلا! لهذا كنت ألاعبهم كأني أصغر منهم! ومع ذلك، كانوا يخرجون مستوعبين للدرس ومولعين بالعودة إليه يوم الغد! أنا الوحيد الذي لم أكن أعاني في هذه المدرسة وربما في كل المدارس الأخرى من مشكلة “تشيطين” التلاميذ وعنفهم وصخبهم! كنا لما نبدأ “الصفيع” في وقت الاستراحة، وفي بداية الدرس، لا نتوقف حتى “نعرق” من فرط الجري واللعب بين الطاولات! كنا نلعب لعبة الغميضة أحيانا: لعبة يصفع كل من يلقى عليه القبض قبل أن يختبئ وركلة إن اكتشف بعد أن يختبئ! كنت عادة أنا من يحصل على 3 أو 4 صفعات.. ومجموعة من الركلات كل يوم.. كان ذلك يعجبني. لكن عندما أقول لهم: “لا صفعة ولا ركلة بعد الآن.. بدأ الدرس!”، يأخذ كل واحد مكانه ويبدأ الدرس بكل جدية ونشاط! كأن شيئا لم يكن.. كأن آلة تحكمت في عقولهم وسلوكهم. مع أن هذه الآلة هي طريقة التعامل وبيداغوجيا الهبوط من أجل الصعود! أي النزول إلى عقلية الطفل والتلميذ من أجل رفعه ورفع مستواه وترقيته إلى أعلى (على الوزيرة أن تُصفع لكي ترفع مستوى التعليم عندنا !)

هذه البيداغوجيا، لم تكن بدون مشاكل مع الإدارة والمفتشين وحتى مع الزملاء الأساتذة! فقلد دخل علينا المدير ذات مرة منذ سنوات، ليجد كل واحد فينا قد وضع “عصابة” على عينيه ويجري بين “الأنفاق”..أي الممرات داخل القسم. أكيد أنه فتح فمه على مصراعيه لما وقف على هذا المشهد (أنا بعدة، ما شفتهش إذا حل فمه قد هاااك وإلا قد هاااااااااك! لأني كنت مغمض العينين وأحاول أن أهرب خوفا من أن يلقى علي فريق التتبع والتعقب القبض ويشبعونني صفعا وركلا. التلاميذ أيضا كانوا لا يرون ماذا يحدث! وكانوا يبحثون عن رجل سمين أصلع لكي يركلون مؤخرته ويصفعونه صلعته التي لا يعرفون من أين تبدأ وأين تنتهي! (فالوجه عندي، غير محدد المحيط والمعالم: يبدأ من الحلق وينتهي بخلف الرقبة وعلى الوجهين! حتى أني أحيانا أنسى فأغسل مؤخرة رأسي عوض وجهي وأنا أتوضأ!. بل أن البعض عندما يراني ذاهبا، يعتقد أن قادم!!.فقد تشابه علي القفا والوجه!)

دخل المدير خلسة إلى القسم، لكن ما إن تورطت قدماه بين أقدام وأيادي التلاميذ المتشابكة الباحثة عني، حتى ألقوا عليه القبض وتعالى |تشوف الصفاعي التي أخذ حينها!..أشبعوه ركلا وصفعا، قبل أن يصرخ ويرفع صوته تعنيفا لهم!.توقف “تبادل إطلاق الصفائع” ورمى كل واحد فينا عصابة العينين، ليروا كيف كان المدير “يتمرمد” بكل أنواع الركلات والصفع.

الحادث لم يمر دون عقاب لي وللتلاميذ، وتوبيخ خاص وتقرير لمديرية التربية وللمفتش. الحمد لله أن مديرية التربية لم تأخذ بعين الاعتبار تقريره السلبي والذي كان يطلب فيها نقلي إلى مدرسة بعيدة “المنال” في قرية لا ماء فيها ولا سكن ولا نقل..ولا حتى مدرسة!: زوج أقسام لتلاميذ صاروا رجالا من فرط تكرار السنة لسنوات، حتى أنك لما تسأل أحدهم عن المستوى الدراسي الذي يدرس به، يقول لك: نقرا في السنة السابعة نتاع السنة الأولى!

مدير التربية أبقاني، وهذا لمعرفته السابقة بي. فقد كان زميل دراسة ويعرف مستوايا. كما كان يعرف مستوى التلاميذ والأقسام الذين كنت أدرسهم طيلة مساري الوظيفي! ماذا يفعل مدير التربية؟ يرسل مفتشا ليقف على الوضع. المفتشون، عادة ما كانوا يزورونني مع مدير المدرسة، أحيانا بدون سابق إنذار وأحيانا مع إنذار مسبق، وكانوا يذهبون جد مرتاحين للدرس ولسلوك التلاميذ وتفاعلهم مع الدرس، حتى أني أعطيت مجموعة دروس نموذجية في عدة مدراس بحضور المفتشين والمدراء! مع الأسف، لم تكن دائما بنفس المستوى كما هو الحال دوما مع تلامذتي! (والسبب واضح: ما كان كاين لا صفع لا ركل! هذا هو السبب!.. أي لا يوجد تفاعل مسبق بيني وبين هؤلاء التلاميذ الذين يعرضون علي من حين لأخر في مدارس مختلفة! لهذا، صرت أخذ تلامذتي معي للمدارس التي أعطي فيها دروسا نموذجية أمام المعلمين والإدارة والمفتشين.. وكانت هذه الدروس في غاية النجاح والإبهار! حتى ولو كانت بدون “درس تطبيقي” قبل الدرس النظري! أي لا صفع ولا ركل إلا في قسمنا في مدرستنا!)

هذه المرة، المفتش، جاء والمدير غائب، وجاء في وقت “تبادل الصفائع والركائل”، أي عند بداية الدراسة لمدة 10 دقائق! حظه وحش، وربما حظي أنا أيضا كان أوحش! صفعوه وركلوه حتى قال “باز”..وهذه المرة، كان التقرير فاصل! أرسلوني إلى مدرسة المشاغبين في دوار لتعليم “الأطفال الشوابين“.


لست أدري كيف سأتصرف معهم؟ بالركل والصفع؟ أم أقلبها له “بونية”؟..يبدو أنه من الأصوب الخروج في تقاعد قبل سنة من إنهاء 30 سنة من “التمرميد“.

وأفيق من نومي وقد صفعت نفسي بصفعة أفقدَت صوابي، وهذاعندما حاولت مباغتة ناموسة، لسعتني وطارت..! لما “تكلمت الصفعة” في وجهي.. كانت الناموسة قد طارت.. والنعاس أيضا!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Brihoum halima

    Leçons
    Salam j aimerai bien ce que vous dite C des