-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

طفح الكيل

عمار يزلي
  • 818
  • 0
طفح الكيل

بعد نحو 35 يوما من التقتيل والتنكيل الأعمى والتخريب المنهجي في غزة، الذي لم يشهد له العالمُ الحاضر “المتحضِّر” مثيلا، وصل الأمر الآن إلى استهداف المستشفيات بشكل علني ومفضوح فظ وفظيع، وعلى مرأى من الجميع، المتواطئ والساكت والمتفرج ومن لا حول له ولا قوة، ما يؤكد الطبيعة الإجرامية التي تمشي في دم الكيان الصهيوني وعقله كغريزة حيوانية نحو إبادة “الغير” عن بكرة أبيهم.
بعد كل هذا الصمت وهذا التكبيل لأيادي المؤسسات الأممية والإنسانية عبر حماية غربية أمريكية لأيادي البطش، لا بل أكثر، بمدد وتخطيط وتواطؤ مفضوح وعلني تحت ذريعة “الدفاع عن النفس”: دفاع عن نفس لدولة محتلة؟ لا يوجد مثل هذا الشكل من “الدفاع عن النفس” في القوانين الدولية “لدولةٍ محتلة تدافع عن نفسها”، وبأي شكل؟ بتقتيل الناس وتهجريهم وتجويعهم وتنفيذ إبادة جماعية في حق الأطفال والنساء، من أجل القضاء على النسل لمدة لا تقل عن 20 سنة.
أمام كل هذا الصلف والتمادي في ارتكاب المجازر ضد المدنيين والبنية التحية التي سُوِّيت بالأرض شمالا وجنوبا ووسطا، وبعد كل هذه المدة من الدعم اللوجستي والإشراف والتخطيط في غرفة عمليات مشتركة وتنسيق محكم على أعلى المستويات في واشنطن، أخيرا، بدأنا نتحدث عن خطة أمنية، يسميها الصهاينة “هدنا تكتيكية” ويسميها الأمريكان “هدنا إنسانية”، أعلن الأبيض أن الكيان الصهيوني قبِلها أخيرا، وكأنه حدثٌ يوازي “وقف إطلاق النار” الذي يطالب به العالم أجمع إلا العالم الغربي وأمريكا ومن سار في ركبهم. وقف جزئي في شمال غزة وليس في كامل غزة، لساعات يوميا، مقابل إتمام خطة التهجير نحو الجنوب وارتكاب مزيد من التدمير والمسح الجغرافي في الشمال. خطة، ظاهرها الرحمة، وباطنها المكر والخداع: التجسُّس ومراقبة تحركات المقاومة وأماكن وجود المحتجَزين والأسرى لتصفية لاحقة لقيادات. هذا ما تخطط له غرفة العلميات المشتركة.
في المقابل، تشخُص أبصار المتتبِّعين في العالم وفي العواصم الغربية وعلى رأسها كيان الاحتلال ولندن وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، إلى لبنان، وكلمة الأمين العامّ لحزب الله حسن نصر الله السبت، التي بُرمجت فيه قمَّتان للعرب والمسلمين، قد تطرح مبادرة لوقف فوري لإطلاق النار، في ظل تعنُّت الكيان الصهيوني ومعه الإدارة الأمريكية على رفض هذا المقترح حاليا لأنه لا يخدم الكيان، بل على العكس يخدم حماس والمقاومة.
لهذا، فالآمال على وقف فوري لإطلاق النار تكاد تكون منعدمة، اللهم إلا عبر هدنة إنسانية متجددة لإخراج المحتجَزين من غزة الذين ستفرج عنهم فصائل المقاومة مقابل شروط فتح معبر رفح وإدخال الوقود والمساعدات الإنسانية بكميات أكبر للمستشفيات والمواطنين الذي يتوقون حتى للماء والخبز. هذا في ظل وجود تصعيد لمحور المقاومة ردا على الجرائم التي تتزايد مع مرور الوقت وكأن الكيان في عجلة من أمره ليحقق إنجازا ما يسوِّقه لبني جلدته.
قمَّتان السبت والأحد في المملكة العربية السعودية والثالثة في جنوب لبنان. قمة دول عربية وإسلامية، ثم “قمة فردية”، سيترأسها الأمين العامّ لحزب الله وحده، وقد أعلن عنها قبل أقلّ من أسبوع.
كل هذا، يأتي في إطار تسارع الوقت وانقضاء ونفاد الرمل في الساعة الرملية، وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني يوم الخميس أن “الوقت انتهى”، مما يعني بداية مرحلة نوعية أخرى على طريق تصعيد محور المقاومة في اليمن والعراق وسوريا وجنوب لبنان، لهذا كله، تشخُص الأبصار إلى جنوب لبنان، ثم إلى الرياض.. ثم أخيرا إلى واشنطن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!