عائلة دباب: الشروق أعادت إلينا قطعة مفقودة منذ 1967
أثار الموضوع الذي تناولته الشروق في عددها ليوم الأربعاء الماضي، بعنوان “مجهول بمصلحة حفظ الجثث منذ 3 اشهر” عدة ردود أفعال ايجابية، لدى أسرة دباب بمدينة الباهية وهران، حيث تلقى مكتب الشروق بسطيف وابلا من المكالمات الهاتفية، من معارف المرحوم، وعلى جناح السرعة، تنقل إخوته الى مقر الجريدة بالعاصمة، أين تم توجيههم وربطهم بمقرها سطيف.
-
عائلة دباب المكونة من إخوته، وصلت مدينة عين الفوارة في حدود العاشرة ليلا، وكان في انتظارهم ممثل الشروق بسطيف، رفقة الحاج إدريس جودي، المعروف باسم صاحب مقهى الزين بحي لندريولي، الذي أصر على استضافتهم ببيته بحي شيخ العيفة، ودموع الفرح بالوصول الى أهل المرحوم “عبد القادر” لم تنقطع، وكان في كل لحظة ينفجر باكيا لشدة تعلقه بالمرحوم المولود بتاريخ 5 مارس 1949 بضواحي معسكر.
-
أهل الفقيد دباب عبد القادر الذين حضروا الى سطيف، طافوا صباح أمس مطولا بالمحيط، الذي قضى فيه شقيقهم أزيد من 26 سنة، وسط ناس طيبين وعائلات سخرت يومياتها لفعل الخير لا غير، واقتربوا مطولا بمعارفه لاستحضار مراحل حياة شقيقهم، الذي لم يسعفهم الحظ من التعرف عليه، حيث خرج من البيت العائلي بوهران سنة 1967، تاركا وراه فراغا رهيبا، ورغم رحلة بحث طويلة عبر أمواج الإذاعة الوطنية وحصة أبحاث في بحث عن العائلات “لمنشطها العربي بن دادة” التي تداوم الأسرة على متابعتها، على أمل الحصول على معلومات بشأنه دون جدوى، لسبب بسيط أنه مريض عقليا، وظلت والدته الحاجة نذير يمينة المدعوة “الزهرة ” 79 سنة تكتوي بنار فراق فلذة كبدها، ويذكر أبناؤها أنها كانت دوما تعيش على أمل العثور على ابنها الأكبر، ولم يملأ أبناؤها (3 ذكور و3 بنات) مكانه، إلى أن طلت صباح يوم الأربعاء جريدة الشروق بخبر بالقدر، مهما كان حزينا، إلا انه حقق أمنية والدته، التي كانت في كل صلواتها تتضرع لخالق الكون أن يمكنها من رؤية ابنها حيا اوميتا، فسارع بعض أصدقاء المرحوم الذين تعرفوا على صورته الى إبلاغ العائلة القاطنة بحي بن داود بالقسم الثاني بلمزير بوهران، وسط علامات الاستفهام الممزوجة بالفرحة والحرن، وراح الجميع يعزي الحاجة، ويبارك لها في النفس الوقت، خبر ظهور ابنها بمدينة سطيف.
-
ورغم شح المعلومات، كان الأمل كبيرا في العثور على عائلته بسطيف، إلا ان القدر شاء له ان يعيش رغم ظروفه الصحية وسط عدد كبير من العائلات السطايفية، التي احتضنته ورعته، ولم تنزعج يوما منه، فكان أمينا حريصا على الثقة ورد الجميل بطريقته.
-
ويرجع أفراد عائلته الفضل الكبير الى جريدة الشروق التي أعادت لعائلتهم قطعة مفقودة، ضاعت بين غياهب السنين تاركة وراءها فراغا، وابرزت من جهة أخرى إحدى صور الرائعة للتضامن والتكافل وفعل الخير، فلا يمكن في وقت طغت فيه الماديات عن القيم الإنسانية، ان يرعى أحد شخصا مريضا وبدون وثائق هوية مدة 26 سنة الا نادرا، وهو مؤشر ايجابي لاستمرار الحياة.
-
من جهته الحاج إدريس جودي، الذي تنقل الى مقر الشروق بسطيف لطلب خدمة إنسانية، والتي حولتها علامات الحزن والتأثر، ودموعه التي روت مقر الجريدة، الى مقال أزاح الهم والغم على عائلة جزائرية، وأشفى غليل ام اكتوت بنيران فراق ابنها، ويقول: لن أنسى فضل الشروق التي مكنتني من تحقيق حرقة بلوغ عائلة المرحوم، وتكريمه بمراسيم دفن.
-
العائلة وبعد استكمال كل الإجراءات الإدارية رفقة الشروق، التي لقيت الاستحسان وحسن الضيافة، بداية من مقر الأمن الولائي بسطيف، الى غاية مصلحة حفظ الجثث بمستشفى سعادنة عبد النور، أين تعرفوا على الجثة.
-
وشاءت الأقدار ألا تكتمل فرحة دباب بوهران لأسباب موضوعية، لاشتراط الاجراءات إحضار والدته أو شاهدين لاستكمال إجراءات نقله جثمانه الى وهران.