عادات بالية تضع الجزائريين أمام تهمة التخلف والعنصرية

ينبذ الكثير من الجزائريين العنصرية ضد الشعوب الأخرى والثقافات، وينادون بالابتعاد عنها عبر جميع المنابر، بينما هناك الكثير من العنصرية التي تنخر المجتمع الجزائري في أشكال عديدة، قد تأتيك على شكل طبق تشتهر به مدينتك، أو عادات قديمة ترسخت بين الأهالي بناء على فكرة خاطئة، ويمكن حتى أن تكون العنصرية أسلوب كلام.

الشائع أن الذين يملكون لسانا ينطق القاف على حالها، فهو بذلك “يقول لك” وليس يقول لك، يدلل حروف اللغة فينتقص من على ظهرها نقطة، فينطق الثاء تاء، والذال والضاد دال، ودواليك.. هو شخص متمدن، ذا أصول حضارية، وأنه لا محال، ابن منطقة مرموقة، وما دون ذلك فهو تخلف، فإضافة نقطة إلى حرف، قد يضيف في سيرتك، أنك ابن منطقة داخلية، بعيدة عن التحضر والعصرنة، معتقد خاطئ، دفع بالكثير من الجزائريين إلى تغيير لسانهم، وبلع ما لا يهضم في بيئاتهم، يقول عنه الأستاذ في علم اللسانيات بجامعة الجزائر “عمار.س” أنه: “خروج عن اللغة الأم، وانحراف بالكلمات عن معانيها”، وتقول فيه “فضيلة خربوش” مهتمة بالتراث الجزائري أنه مجرد أسلوب حديث يختلف من منطقة لأخرى ومن شخص لآخر، ففيما يُعتقد أن أهالي العاصمة والمناطق الحضرية من بعض مدن الوسط هم الأولى بلسان القاف هذا، تؤكد المهتمة والباحثة في التراث، أن الكثير من العاصميين الأصليين، وسكان الأطلس ومتيجة، نشأوا على نطق الحروف بمخارجها، فينطقون الثاء ثاء، والذال ذالا، بل ويضيفون للقاف نقطة، وحديثهم على هذا النحو لا يعني عدم انتسابهم.

..وقوانين في الزواج

من مظاهر العنصرية المتفشية في جهات من الوطن، نذكر بعض قوانين الزواج التي تسير وفقها عائلات من الشمال، إذ يحدث لدى عائلات منحدرة من بعض مداشر منطقة القبائل، أنهم يرفضون تزويج بناتهم لغير الأمازيغ، وكذلك يرفضون أن يرتبط أبناؤهم المقبلون على الزواج بنساء لسن أمازيغيات، وقد بلغت هذه العقلية مبلغا خطيرا، حتى أنها تفشت على نطاق واسع، وأصبح ممنوعا لدى البعض، زفاف العاصميات وبنات الشمال إلى الجنوب الجزائري، وبعض الأماكن الداخلية بحجة أنها مناطق غير حضارية في نظرهم، وأنها لا تتوفر على الظروف العصرية للحياة، فيما يذكرنا الحاج أحمد العربي، إمام بمسجد “عبيدة ابن الجراح”، أن هذا التصرف منكر، يدخل ضمن المعاصي لقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه”، وقال الإمام أن مثل هذه العادات السيئة تشجع على العنصرية والانحراف، وتفشي العنوسة.

أطباق تدعو للسخرية

فيما تعتبر “الحَمَامة” و”القرنينة” و”الفليو” أطباقا بليدية بامتياز، وجزءا لا يتجزأ من تراث منطقة الأطلس البليدي، يُقذف سكان هذه المناطق بتناولهم أعشابا ضارة، ويتم انتقادهم عليها، ومن غير العجيب أن يتهمك فرد من غير ولايتك، بالبخل وعدم الإطلاع على المطبخ العصري، لأنك لا تزال تقدم أطباقا بسيطة وغير مكلفة في الأفراح والمناسبات، وقد ينعتونك بالمتخلف، لأن من عادتك التي تتوسم فيها البركة، أن يجتمع المدعوون على طبق واحد، فقد أصبحت هذه العنصرية، والنابعة عن شعور وهمي بالأفضلية، ظاهرة خطيرة تعمل على تفكيك أواصر المجتمع الواحد، وتقسيمه إلى طبقات ومستويات، بعضها متحضر والبعض الآخر متخلف، بمفاهيم مغلوطة.

عن هذا يقول الأستاذ في علم الاجتماع بجاوي رمضان، أن أزمة اللهجات والعادات الكثيرة المختلفة، وراء العنصرية التي قسمت المجتمع الجزائري الكبير إلى العديد من المجتمعات الصغيرة غير المترابطة لهدف محاربة التخلف الحقيقي والمتعارف عليه، إذ أنه من غير المعقول أن تتهم مجتمعا برمته بالتخلف، لمجرد أنه يعتقد بأن خروج العروس من بيت أهلها إلى موكب الزفاف يجعل حياتها الزوجية خالية من المخاطر، أو أن تعتقد في نفسك أنك أعظم شأنا من رجل يتحدث بغير لسانك، ويتفوق عليك في الثقافة والعلم والتقوى.